المرأة الفلسطينية كالعنقاء تولد من الرماد
أكدت ربا المصري أن 50% من الفلسطينيات تركن لوحدهن هن وأطفالهن، فأصبحن تعتمدن على أنفسهن وتفتتحن المشاريع الصغيرة بما توفر لديهن من إمكانيات لمواصلة حياتهن.
رفيف اسليم
غزة ـ شعرت النساء الفلسطينيات خلال الحرب على قطاع غزة المندلعة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، أنهن تركن وحدهن بلا معيل أو مسؤول أو مؤسسات نسوية دولية تتفقد أحوالهن ولو لمرة واحدة في مخيمات النزوح، فاضطررن للاعتماد على أنفسهن والتشبه بالعنقاء تلك الرمز الفلسطيني للأنثى التي تولد من الرماد في كل مرة.
أوضحت ربا المصري، أنها كما غيرها من النساء في قطاع غزة لم تكن تتوقع أن تستمر الحرب، ولم يخطر ببالها أن تترك النساء وحدهن طوال تلك المدة دون وجود مؤسسات أو جهات نسوية دولية تتفقد أحوالهن وتحاول توفير الدعم النفسي أو أدنى الاحتياجات المتمثلة بالطعام ومعدات النظافة الشخصية.
تتسأل "كيف تركت النساء وحدهن في غزة لما يقارب العام والنصف تبدن هن وأطفالهن؟"، خاصة أن معظم التقارير الدولية الصادرة عن المؤسسات تؤكد أن 80% من ضحايا الغارات الإسرائيلية هن أطفال ونساء، لافتة إلى أن العدد الظاهر على الشاشات ربما سيتضاعف بشكل مريب عندما يعلن عن جميع المفقودين تحت الركام أمواتاً.
وأشارت إلى أنها في كل مجزرة كانت تحدث نفسها غداً ستكون نهاية الحرب على غزة ولن يصمت العالم عن الصور التي خرجت لأطفال ونساء مقطعين أشلاء، لافتةً إلى أن تلك المشاهد الدامية لم تحرك المؤسسات الدولية والحقوقية لوقف الهجوم الدامي، فركع الجميع أمام السياسات التي فرضتها الدول الكبرى مقلصة بذلك المظاهرات الداعمة لفلسطين.
ونوهت ربا المصري، إلى أنه حتى اليوم لم يتكشف العدد الحقيقي للنساء الفلسطينيات اللواتي تم أسرهن خلال الحرب في غزة، كما أنه لم تتضح الحقيقة لصور الانتهاكات التي نفذتها القوات الإسرائيلية خلال العمليات البرية أو عبر حواجز الموت نتساريم ومفلاسيم، متوقعة أن تكون تلك الحقائق إذا ما امتلكت النساء والفتيات الشجاعة لروايتها مؤلمة وصادمة.
وأكدت أن 50% من الفلسطينيات وربما أكثر من ذلك بكثر تركن لوحدهن هن وأطفالهن، فأصبحن تعتمدن على أنفسهن وافتتحن مشاريع صغيرة بما توفر لديهن من إمكانيات مثل صناعة المعجنات وأفران الطينة وإعداد المأكولات كـ "المفتول الفلسطيني" والخياطة وغيرها من الأعمال البسيطة.
ولفتت إلى أن النساء بقطاع غزة في الحرب أثبتن للعالم أنهن جديرات بالثقة وقادرات الاعتماد على أنفسهن على الرغم من غياب الكثير من الجهات الداعمة التي تساندهن بقوة قبل الحرب، فقد حاولن بكافة الطرق إعالة أسرهن ومن أغرب النماذج التي شاهدتها امرأة تحلق للرجال بالطريق، وهذا الأمر يستحيل رؤيته قبل الحرب.
وناشدت المؤسسات الدولية المعنية بالنساء زيارة قطاع غزة ورؤية ما يحتجنه خاصة أنهن فقدن جل ما تملكن خلال الغارات الإسرائيلية، والتأكد بأنفسهن من أن المرأة الفلسطينية تستحق الدعم لتقف من جديد ولتساعد عشرات النساء غيرها لتكن قادرات على الحصول على قوت يومهن وأطفالهن كذلك.
وتمشي ربا المصري في شوارع قطاع غزة وتظن نفسها أنها في كابوس تريد الاستيقاظ منه سريعاً والعودة لمدينة غزة التي تعرفها حيث المباني المعمارية والأسواق، والأماكن الترفيهية، والأهم من ذلك الأراضي الزراعية والمروج الخضراء التي كانت تنتشر على مد البصر في مناطق الشمال وخاصة بلدة بيت لاهيا.
وتقول أنها تعيش بآخر أيام الحرب على قطاع غزة بعد اتفاقية وقف إطلاق النار لتحظى بفرصة نجاة ربما كانت تحلم بها آلاف النساء اللواتي توفين خلال الحرب، لافتة إلى أن اليوم التالي لما بعد الحرب سيكون مليء بالتفاصيل أهمها تفقد الأهل بالشمال والجنوب والعودة لبيتها ولو كان ركاماً، وزراعة تلك الأراضي من جديد.