للخلع في غزة قواعد ومسميات أخرى تجسدها قصص النساء
يعد الانفصال بين الزوجين في بعض الأحيان ضرورة ملحة في ظل استحالة العيش بينهما لأسباب مختلفة، لذلك يلجأ الأزواج في غالبية دول العالم للانفصال بطريقتين إما الطلاق الذي يتم بالتراضي أو الخلع الذي تتنازل فيه المرأة عن حقوقها للرجل كي يطلقها
رفيف اسليم
غزة ـ ، لكن ما يحدث في قطاع غزة تحديداً مختلف نوعاً ما فالانفصال لا يتم سوى برضى الزوج وقد يكلف المرأة مبالغ باهظة من المال.
في ظل استمرار العمل بنصوص القوانين التي تعود للعهد العثماني تبقى المرأة الطرف الأضعف الذي لا يعرف كيف أو لمن يتوجه، لذلك يستغل الرجل بنود القانون ويجعلها معلقة ربما لعشرات السنوات في انتظار حكم الطلاق، وكالتنا قررت الاستماع لتجارب تلك النساء مع القضاء الفلسطيني لمعرفة المشاكل التي تمر بها وهل هناك حلول للتغلب عليها.
تقول (م. ح) ذات (36) عاماً، لم تكن تجربة زواجها ناجحة ربما لأن زوجها كان يصغرها بـ (10) أعوام فكان دوماً ما يرى نفسه أنه أفضل وأصغر منها بل ويلزمها بمصروفه الشخصي إضافة لما تنقفه على المنزل والأولاد، مشيرة أنها في يوم ضاقت ذرعاً من تصرفاته فقررت أن تنفصل عنه مع توليها مسؤولية طفليها بالكامل دون أن تطلب منه نفقة ليكمل حياته مع امرأة أخرى لكنها صدمت عندما تلقت ردة فعله بالرفض التام لمسألة الانفصال.
وأشارت (م. ح) إلى أنها بالبداية كانت تظن أنه يحبها أو يريد الحفاظ على العائلة من التشتت والتشرذم الذي سيصيب الأطفال فيما بعد، لكنها اكتشفت أنها خاطئة وأن كل ما في الأمر أنه يطمع في راتبها الشهري، مضيفة أنها عندما توجهت للمحكمة كي ترفع قضية للخلع رفضها القضاء، ووضح لها أن ما يحدث داخل المحاكم هو التفريق بتراضي الطرفان مما دفعها لأن تعود إلى زوجها وتعرض عليه مبلغ من المال كي يطلقها.
وتضيف أنها عندما ذهبت للمحكمة كي تتم إجراءات الانفصال وجدت أنها ليست وحدها من دفعت لزوجها كي تأخذ حكم الطلاق فهناك الكثير من النساء اللواتي بقين معلقات لسنوات عدة حتى استطعن نيل الحكم بعد دفع مبلغ مالي للزوج، مشيرة أن حريتها وسلامة طفليها النفسية وتربيتهم في جو يسوده الحب والاحترام تعادل لديها أضعاف المبلغ المادي الذي قامت بدفعه لطليقها.
أما (ن. أ) ذات (29) عاماً لم تكن بحظ سابقتها، فهي على حد قولها لا تمتلك مبلغ من المال كي تقوم بدفعه إلى الزوج لتنال حكم الطلاق بالرغم من أن زواجها لم يدوم سوى عدة أشهر إلا أنها ما زالت حتى اليوم تعاني من آثار تجربتها الفاشلة على حد وصفها، مضيفة أن زوجها طلب منها أن تتنازل عن كافة حقوقها وأن تدفع له مبلغ مادي أيضاً كي يطلقها لذلك ستبقى رهينة الانتظار حتى تتغير تلك القوانين أو يقوم زوجها بتطليقها دون مقابل.
وأوضحت المحامية هنادي صلاح أن "الخلع هو أحد طرق انحلال عقد الزواج الذي يقع بطلب من الزوجة من خلال رفع دعوى قضائية أمام القضاء وبدون رضا الزوج، وقد فصله القسم التاسع والثلاثون من قانون الأحوال الشخصية بشكل كامل"، مشيرة أن ما يطبق بالمحاكم الشرعية في قطاع غزة هو قانون حقوق العائلة رقم 303 وقانون أصول المحاكمات الشرعية رقم 12 لسنة 1965 وكذلك قانون التنفيذ رقم 23 لسنة 2005 وقانون العدل والانصاف.
وتكمل أن "المحاكم بغزة تستبدل الخلع بالتفريق الرضائي وهو أحد طرق انحلال عقد الزواج ويقع باتفاق الزوجين مقابل تعويض أو بدون تعويض قد تدفعه الزوجة لزوجها للخلاص منه، تراضياً عليه بلفظ الخلع، أو الطلاق، أو المبارأة، أو ما في معناها"، لافتة أن الخلع والطلاق على مال أو بدون مال أو مقابل تنازل الزوجة عن حقوقها الشرعية (الإبراء العام) يقع بهما الطلاق بائناً كما جاء في قانون الأحوال الشخصية في نص المادة 278.
وتنوه إلى أنه لا يوجد سبب واضح لعدم تطبيق دعوى الخلع في محاكم قطاع غزة على الرغم من أنه منصوص عليه في قانون الأحوال الشخصية المطبق في محاكم القطاع، موضحة أن الأمر متوقف على إصدار المجلس الأعلى للقضاء الشرعي تعميم قضائي ضمن صلاحياته وسلطاته الممنوحة إليه من أجل تطبيق الخلع، أو تعديل القانون من قبل المجلس التشريعي المتعطلة مهامه منذ سنوات بفعل الانقسام السياسي الفلسطيني.
وتردف هنادي صلاح أن هناك حالات تسمح للرجل تطليق زوجته وبالمقابل يسمح للزوجة برفع دعوى للتفريق بينهما ومن هذه الأسباب "التفريق للغيبة والضرر، التفريق للعنة، التفريق لحبس الزوج، التفريق لجنون الزوج، التفريق للهجر والتعليق، التفريق للنزاع والشقاق، التفريق لعدم الانفاق"، مشيرة أن لكل حالة من الحالات السابقة تفاصيل ذكرها القانون الفلسطيني ويتم التأكد منها قبل رفع الدعوة من قبل الجنسين.
وعن الحالات التي يجوز للزوج طلب المال لتطليق زوجته، تقول هنادي صلاح أن هناك حالتين وهما الخلع الرضائي باتفاق الطرفين أو في حالة المحكمين بدعوى الشقاق والنزاع، مفسرة أن دعوى النزاع والشقاق المقصود بها إذا أضر الزوج بزوجته قولاً أو فعلاً بحيث لا يمكن مع هذه الاضرار استمرار الحياة الزوجية، كضربه زوجته ضرباً مبرحاً أو شتمها أو اجبارها على فعل شيء ما بدون إرادتها، فإن الزوجة التي تثبت إضرار الزوج يطلقها القاضي طلاقاً بائناً.