فاطمة أوطالب تدعو إلى تأسيس ائتلافات داعمة ومتضامنة لمواجهة الانتهاكات التي تطال النساء

أكدت الناشطة الحقوقية فاطمة أوطالب على أنه هناك تاريخ نضالي مشترك بين مختلف مكونات الحركة النسوية في المغرب، مشددة على ضرورة مواكبة كل ما يقع في بلدان العالم فالنسويات تدافعن عن قضية لا حدود لها ولا لون ولا وقت.

حنان حارت

 المغرب ـ دعت الناشطة الحقوقية فاطمة أوطالب إلى تأسيس ائتلافات عربية أمازيغية وطنية وإقليمية ودولية داعمة ومتضامنة، لمواجهة كل الانتهاكات التي تطال حقوق النساء بصفة خاصة والإنسان بصفة عامة من أجل القضاء على التمييز والحيف واللامساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمعات.

قالت عضوة جمعية اتحاد العمل النسائي فاطمة أوطالب في حوار مع وكالتنا إن النضال يجب أن يكون عابر لكل الحدود، وأن هناك تاريخ نضالي مشترك بين مختلف مكونات الحركة النسوية في المنطقة، مشيرة إلى أن ما حدث لجينا أميني كان الشرارة التي دفعت النساء الإيرانيات إلى السعي نحو التغيير وعزمهن على الاستمرار في طريق النضال ورفع صوتهن.

 

حدثينا عن بداية ولوجك لمجال الدفاع عن حقوق النساء وكيف أصبحت مناصرة لقضاياهن؟

كوني أصبحت مناضلة نسوية هي مسألة لم أخطط أو أفكر فيها أبداً، لكن هناك مجموعة من الأمور التي عشتها خلال فترات من حياتي سواء في الطفولة أو المراهقة أو خلال الدراسة الجامعية، هي التي أثرت في شخصيتي بشكل كبير، فكوني من مدينة تيزنيت جنوب المغرب، حيث المجتمع هناك أكثر تحفظاً ويسيطر عليه النمط الذكوري، كان وقتي موزع بين الدراسة والأعمال المنزلية، فيما أخواتي الذكور من حقهم اللعب، فكنت أتساءل بيني وبين نفسي، كيف تعطى للذكور كل تلك الامتيازات، وكيف أحرم أنا من حق اللعب، كنت دائماً أحدث نفسي أن هناك عدم مساواة في تقسيم الأدوار داخل العائلة، وكنت أسعى دائماً إلى تكسير صور الحيف والتمييز داخل أسرتي الصغيرة مما يسبب لي متاعب كبيرة.

أما الحافز الأكبر لولوجي مجال الدفاع عن حقوق النساء، هو احتكاكي بالمناضلة لطيفة الجبابدي، وهي إحدى الوجوه النسائية البارزة في الساحة الحقوقية المغربية، ومنها استمديت النضال النسوي، وعقدت العزم على الانخراط في النضال من أجل مناهضة كل أشكال التمييز الذي تتعرض له النساء.

وهكذا التحقت بجمعية اتحاد العمل النسائي عام 1988، وأنا فخورة بكل التجارب التي مررت فيها، لأنها هي من كونت شخصيتي.

كما كنت من ضمن جيل حملة المليون توقيع وجريدة 8 مارس والتي كانت بمثابة صوت نسائي لقضايا المرأة، فكل هذه الأمور أثرت في مساري النضالي، وجعلت مني مدافعة ومناصرة لحقوق النساء وحقوق الإنسان بصفة عامة ومناهضة لكافة أشكال العنف التي تمارس على النساء، والحيف والتمييز الذي يتعرض له الإنسان في المجتمع.

 

ما هي التحديات التي توجهينها كونك نسوية؟

كنت من الجيل النسائي الذي ساهم في تغيير الترسانة القانونية ورفع الحيف عن النساء وسلط الضوء على الممارسات العنيفة ضدهن وضد الفتيات في وضعية هشة، كما أنني كنت من بين المناضلات اللواتي ساهمن في جعل الحكومة تتبني مشروع التغيير، وحتى تغيير نظرة المجتمع المغربي للنساء ولدورهن في التنمية ولحقهن في المطالبة بالعيش الكريم في بلد يضمن لهن العدالة الاجتماعية.

ومع ذلك هناك بعض العراقيل التي تواجهنا كنسويات، وهي في الغالب نابعة من أصوات محافظة سياسيوية، التي تسخر كل أدواتها لإعطاء صورة خاطئة عن النسويات؛ وتظهرهن كمعاديات للرجل أو كعميلات للغرب يسعين لتشتيت الأسرة، لكننا عكس ما يروج له، فنحن مناضلات نسعى لتحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة.

وهنا سأقف عند مفهوم "النسوية" الذي لديه حمولة ثقيلة؛ فالنسوية لا تعني تحدى المجتمع والقيم والدين، بل الإيمان أن المرأة من حقها العيش في مجتمع حاضن، وليس مجتمع يكرس الحيف وجميع الممارسات المشينة والتي تهين كرامة الفرد فيه.

 

كيف تصفين مسار الحركة النسوية في المغرب؟      

رغم تعديل وتبني مجموعة من القوانين التي تضمن حقوق النساء المغربيات، فإن إشكالية المساواة لا زالت مطروحة في مجموعة من المجالات، قد نعزيها لغياب آليات التطبيق وتنزيل هذه القوانين على أرض الواقع، فمثلا على المستوى السياسي ورغم كل الجهود المبذولة من طرف الحركات النسوية في المغرب، لرفع تمثيلية النساء في الهيئات المنتخبة، لا زلنا لم نحقق الثلث الذي كان مطلبا أساسياً في أفق المناصفة، والأسباب متعددة فهناك ما هو راجع لتعدد الحركات المناصرة، ومنها ما هو متعلق بالإشكالات المرتبطة بتطبيق الدستور.    

فعندما التحقت بالعمل النسائي، كنا لحمة واحدة وجسد واحد حصين يضم نساء من مختلف الجمعيات النسوية والأقطاب الحزبية والنقابية، الشيء الذي نفتقده اليوم سواء في المغرب أو في باقي دول المنطقة.

وبالرغم من ذلك هناك تنسيقيات ومبادرات جماعية برزت في مجموعة من المحطات وعلى سبيل المثال التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة التي تعمل حالياً في إطار الحملة الوطنية من أجل تغيير قانون مدونة الأسرة.

 

كحركات نسوية في المغرب هل تتفاعلون مع النساء في وضعيات هشة ممن تعشن في مناطق الصراع، أم أن ترافعكم لا يتجاوز ما هو محلي؟ وهل من تنسيق بين مكونات الحركة النسوية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط؟

كمناضلة نسوية مغربية، عملت لسنوات مع كافة مكونات الحركة النسوية على مستوى الوطن العربي وفي شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إيماناً منا بأن النضال عابر لكل الحدود وأن المشترك بيننا أقوى خاصة وأن لدينا تاريخ نضالي مشترك أسست له نوال السعداوي وفاطمة المرنيسي وأخريات من العالم العربي الأمازيغي.

عملنا كمجموعات على قوانين الأحوال الشخصية أو مجلة أحوال المرأة كما يسميها التونسيون، حيث عملنا كحركة عربية أمازيغية إقليمية نسوية ساهمت في تحقيق مجموعة من التعديلات في القوانين والسياسات العمومية التي أسست لمسار التغيير على كل المستويات.

وعلى سبيل المثال حملة المليون توقيع لتغيير مدونة الأحوال الشخصية المغربية، والتي انطلقت سنة 1992، والتي كانت بمبادرة من جمعية اتحاد العمل النسائي، حيث تبنتها فيما بعد ائتلافات في المنطقة، حيث استمدت الأخوات الإيرانيات الفكرة، وكانت أساس عملهن، وأطلقن حملة مماثلة لجمع مليون توقيع بهدف الضغط وتغيير القوانين المجحفة بحق النساء في المجتمع الإيراني.

 وكوني مناضلة مغربية أظن أنه من واجبنا مواكبة كل ما يقع في جميع البلدان سواء في إيران أو سوريا أو اليمن أو ليبيا، أو السودان أو العراق، فأنا أنتمي للعالم وأدافع على قضية ليس لها حدود ولا لون ولا وقت.

 

قبل أيام كانت ذكرى وفاة الشابة الكردية جينا أميني، كيف تفاعلتم مع ما حدث في ذلك البلد؟ وماهي رسالتك؟

في المغرب اكتفينا فقط بإصدار بيانات تضامنية، إثر مقتل جينا أميني، كما كانت هناك بعض المبادرات التي أعلنا من خلالها على تضامننا واحتجاجنا على قتل النساء وذلك خلال الحادث المؤلم وخلال الحملة الدولية 16 يوم لمناهضة العنف ضد النساء، بحيث كانت هناك مسيرات ووقفات احتجاجية في كل بلدان العالم ضد قتل النساء لأنهن نساء ولحمايتهن من كل الاعتداءات التي تطالهن.

وهذه الذكرى هي ذكرى للمأساة التي نعلن من خلالها لا لقتل نساء أخريات، وبرغم مصير جينا أميني، فإن ذلك كان الشرارة التي دفعت النساء الإيرانيات إلى السعي نحو التغيير وعزمهن على الاستمرار في طريق النضال ورفع صوتهن.

وفي المغرب نحن دائماً متضامنات مع النساء في مختلف بقاع العالم وضد قتل النساء وانتهاك أعراضهن.

ورسالتي هي التأكيد على ضرورة تأسيس ائتلافات عربية أمازيغية وطنية وإقليمية ودولية داعمة ومتضامنة قوية لمواجهة كل الانتهاكات التي تطال حقوق النساء بصفة خاصة والإنسان بصفة عامة والقضاء على التمييز والحيف واللامساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمعات.