"اسمو تمييز"... حملة لمكافحة العنف الرمزي ضد النساء
أطلق مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة بتونس "كريديف"، حملة توعوية ضد العنف الرمزي المسلط على النساء تحت شعار "اسمو تمييز''
زهور المشرقي
تونس ـ .
للمساهمة في القضاء على العنف الرمزي المسلط على النساء والفتيات، أطلقت "كريديف"، الأربعاء 20 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، حملة توعية بأشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي وكسر حاجز الصمت حول العنف الرمزي.
وترتكز الحملة التي ستستمر حتى الـ 27 من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، على بث ثلاث شهادات مصورة لرجال يؤمنون بمبدأ المساواة التامة بين الجنسين، وبأهمية العمل لنبذ كل أشكال العنف المسلّط على المرأة خاصةً بعد تسجيل البلاد في آخر سنة نسب مرتفعة للعنف بمختلف أشكاله سبع مرات وفق إحصائيات رسمية.
وستتناول الشهادات التي سيتم نشرها على الصفحة الرسمية للكريديف على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، أشكالاً مختلفة من العنف الرمزي في 3 مجالات وفضاءات وهي العنف الرمزي في الفضاء التربوي والمجال الرياضي وداخل الفضاء الأسري.
وفي تصريح لوكالتنا أوضحت المديرة العامة للكريديف نجلاء العلّاني، أن الحملة أنجزت بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وفي إطار البرنامج المدعم من الحكومة اليابانية لتعزيز نظام الحماية الاجتماعية لفائدة الفئات الهشة والمهمشة بسبب فيروس كورونا.
وشددت على أهمية العمل لكسر حاجز الصمت حول العنف الرمزي إلى جانب المساهمة في تفكيك الصور النمطية المتعلّقة بتقسيم الأدوار بين الجنسين، وتشجيع الرجال والشبان على مناهضة العنف الخفي ضد النساء الذي يتجلّى ويرتبط بالتنشئة الاجتماعية منذ الصغر كما أوضحت، "يتم زرع ثقافة التمييز بين الجنسين بين الأبناء لتظل ترافقهم إلى المدرسة من خلال فرض ارتداء الزيّ المدرسي على الفتيات فيما يسمح للفتيان بعدم ارتدائه، في تكريس لثقافة التمييز مما يساهم في خلق هوة بين الجنسين وتساؤلات ترافق الفتاة منذ صغرها".
وأكدت على أنه من المهم مسّ الصورة النمطية التي يتم استبطانها منذ الصغر والتي تحاط بالتمييز، والسعي إلى تغييرها، مشددةً على أهمية التسويق لصورة المرأة الريادية في المناهج المدرسية والتعريف بالتونسيات الفاعلات والرائدات أمثال أروى القيروانية وغيرها.
وأشارت نجلاء العلاني إلى أنه تمّ الارتكاز في الحملة على رجال للتطرق إلى أشكال مختلفة من العنف الرمزي في 3 مجالات وفضاءات، مشيرةً إلى أنه سيتم نشر معلقات رقمية تتضمن صور الشخصيات الثلاث مرفقة بالشعار ومقتطفات تعبر عن آرائهم إلى جانب ملصقات على الواجهة الخلفية لعدد من الحافلات التي تجوب بعض محافظات تونس الكبرى.
وعن جدوى الحملات المناهضة للعنف بأشكاله المتعددة والخطيرة، تقول "الحملات التوعوية مهمة جداً لتوعية النساء وتحذيرهن وشرح كل الأشكال التي يمكن أن يتعرضن لها في حياتهن العادية والعملية، وقد قمنا سابقاً بحملة ضد العنف الرقمي ووجدنا أن نسبة 95% من النساء يرفضن الحديث بسبب خوفهن من النظرة المجتمعية للمعنفة".
وأضافت "بعد فترة لاحظنا أن هذا النوع من العنف بات مصرحاً به وباتت المرأة أكثر وعياً وتجاوباً من ذي قبل في تحدٍّ لكسر ثقافة الصمت التي ساهمت في رفع نسب العنف، ونحن واعون بأهمية التصدي لتعنيف النساء من خلال دراساتنا وحملاتنا".
فيما قالت رئيسة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في تونس ريم فيالة، إنّ الصندوق يعمل من أجل مناهضة العنف ضد النساء وضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين وفق المخطط الاستراتيجي الذي يدعم مختلف المؤسسات الوطنية والمنظمات غير الحكومية في التصدي لكل أشكال التمييز والعنف.
وأشارت إلى أن "الحملة جاءت بناءً على دراسة بين صندوق الأمم المتحدة للسكان بتونس والـ "كريديف" حول تصور توجهات الرجال والفتيان بشأن العنف المسلط على النساء، إيماناً بأن التوعية والإرشاد مفاتيح محاربة الظواهر السلبية التي قد تضر بسلامة المجتمع وتماسكه وتلحق الأذى بحياة النساء، لذلك من الأهمية بمكان أن يتّحد الطرفان في مسار التوعية والمقاومة".
وأوضحت ريم فيالة أن الدراسة بينت أن "الصور النمطية والعقليات المتحجرة في مجتمعاتنا الذكورية سبب التمييز بين الجنسين منذ الصغر وهو ما من شأنه أن يرفع نسب العنف المسلط ضد النساء ويدفعه إلى الظهور من جديد في مراحل أخرى من حياة الشاب أو الشابة".
وأكدت أنه من المهم رفع نسق ومجالات التوعية ووضع الإصبع على موطن الخطأ "يجب الاعتراف بأن الممارسات التمييزية تُكتسب منذ الصغر، يمكن التصدي لتلك الممارسات برفع الوعي لدى كافة الأطراف عبر العديد من وكالات التوعية وإبعاد فكرة أن هذا النوع من العنف أمر عادي في العائلة أو المدرسة، كما أن الإعلام ساهم للأسف في نشر تلك الصور النمطية والسماح لها بالتغلغل عبر خطابات فيها جانب تمييزي".
وشددت على أن "الحملة تعمل على تفكيك القوالب النمطية التي تربّى عليها الشاب أو الشابة، على غرار أن تعوّد الأم بناتها بأن يقمن بخدمة شقيقهن، أو الزعم بأن هذه المهنة مخصصة للرجال فقط أو أن الأماكن مخصصة للرجال ويمنع على الفتيات دخولها أو الخروج في أوقات متأخرة، فيما يُسمح به للشاب... إنها قوالب تربت عليها مجتمعاتنا واكتسبتها وهي قوالب وجب القطع معها كممارسات تظهر عادية لكن في عمقها نوع من العنف".
وعن مدى جدوى مثل هذه الحملات تعتقد ريم فيالة أن أثرها على المتلقي سيتنامى مع مرور الوقت، شرط الاستمرار في التوعية والتكثيف من الحملات والتنويع في وسائلها في المدارس والمعاهد وحتى عبر تطبيقات في الهواتف المحمولة ومواقع التواصل الاجتماعي وإشراك الجمعيات التي تعمل في هذا الإطار، مشددةً على أهمية ألاّ تكون الحملات ظرفية أو موسمية، فضلاً عن ضرورة إشراك الرجل وانخراطه في مسائل محاربة العنف.
وأوضحت في ختام حديثها أن "تغيير العقليات ونبذ الممارسات الذكورية يبدأ في سن مبكرة للطفل من خلال تغيير المناهج التربوية والإعلامية التي غالباً ما تبين في نصوصها وبرامجها المرأة في المطبخ والرجل يشاهد التلفاز، وهي أشياء تبدو بسيطة لكن تأثيراتها سلبية على تنشئة الطفل"، ولفتت إلى أهمية التوجه إلى صغار السن لزرع ثقافة أخرى ولتمرير رسائل قد تغير العقليات.