المصالحة العشائرية تهدر حقوق الضحايا من النساء

هناك فرق بين سيادة القانون والمصالحة العشائرية في المدن، حيث أن الأخير تضليل للمجتمع وليس استعادة حقوق الضحايا.

هيلين أحمد

السليمانية ـ كون المجتمع الكردي مجتمع قبلي، فإن المصالحة العشائرية هي إحدى طرق حل المشاكل في المجتمع، إلا أن هذا النهج قد ألحق ضرراً كبيراً بقضايا المرأة ولم تتمكن المحاكم من منع هذا الأسلوب من المصالحة.

وفقاً للقانون، فإن القتل العمد يعاقب عليه بموجب المادة 406 من قانون العقوبات العراقي، أما الحالات التي ترتكب دون تخطيط فتغطيها المادة 405 من ذات القانون، ولكن لا يوجد نص في المحكمة ينص على التغاضي عن القتل عن طريق التصالح.

 

"معالجة قضايا قتل النساء بطيئة في المحاكم"

قالت المحامية الاستشارية والأستاذة الجامعية بروشا قلندر إنه يتم إخطار مركز الشرطة عند وقوع الجرائم ومن ثم يشارك فريق الأدلة الجنائية في القضية، ويتم إرسال جميع الأدلة والتحقيقات التي جرت في مكان جريمة القتل وأقوال الشهود إلى قاضي التحقيق، في النهاية يتم إرسال القضايا إلى المحكمة بعد إجراء تحقيق كامل.

وأضافت "تتم معالجة قضايا قتل النساء ببطء في المحاكم، وتأخر التحقيق والإجراءات في قضايا القتل ليس بسبب سوء المواد في المحاكم، بل هي مشكلة في المجتمع والإجراءات القانونية المتخذة أثناء التحقيق، وإن سيطرة العقلية الأبوية في المجتمع الكردي دفع العديد من العائلات إلى تجاهل حالات قتل النساء"، لافتةً إلى أنه "إذا لم تطالب الأسر بحقوق المرأة، فسوف يتابع المدعي العام القضية، وهذا سوف يؤخر إصدار الحكم".

وقالت إن "العديد من العائلات تمارس التمييز في قضايا القتل، يأخذون قضايا قتل الرجال إلى المحاكم ويحققون فيها، ليتم قمع جرائم قتل النساء على يد عائلاتهن لعدم التشهير بها، ولكن عندما يُقتل أحد أبنائهم، فإنهم يحصلون على حقوق الضحية من خلال توكيل محامين أكفاء وزيارات منتظمة للمحكمة".

 

"العقلية الذكورية تعيق حقوق المرأة"

وأوضحت بروشا قلندر أن مستوى الثقافة والاختلافات في كلمة عيب تتباين من منطقة إلى أخرى، "ينعكس مستوى الثقافة في كسب القضايا ومتابعتها في المحاكم، على سبيل المثال، قضية صوان قادر التي أحرقها زوجها في 16 كانون الأول/ديسمبر، واصلت عائلتها متابعة القضية، حتى حكم على المجرم بالإعدام في 11 آب/أغسطس 2020، بمساعدة عائلتها".

وأشارت أنه "يتم إنهاء العديد من قضايا قتل وحرق النساء في المحاكم من قبل عائلاتهن باسم العيب، والعقلية الأبوية في الأسرة، السبب في عدم وصول قضايا قتل النساء إلى المحاكم، لن تطالب العائلات بحقوق بناتها إلا إذا كان أحد أبنائها ضحية، ولا يدركون أن هذا الأمر يفتح الطريق أمام المزيد من حالات قتل النساء، لأنه عندما تتم معاقبة كل مرتكب ستصبح الأسرة واعية".

 

"المصالحة العشائرية تضليل للمجتمع"

ولفتت بروشا قلندر إلى المادة 194 من مبادئ قانون الإجراءات الجنائية "يسمح القانون بالصلح في عدد من المسائل الثانوية، حيث يكون للمسألة الابتدائية كتابة تعليق من قبل الجاني ويمكن للمدعي إنهاء القضية بعيداً عن القاضي، لكن لا يوجد أي مقال يذكر المصالحة العشائرية وقت القتل، ولا يجوز الصلح العشائري في قضايا القتل بعيداً عن أعين القاضي، إن المصالحة العشائرية تضليل للمجتمع وليس استعادة حقوق الضحايا".

وترى أن "السبب الرئيسي للمصالحة العشائرية هو ضعف المستوى الاقتصادي للمواطنين في إقليم كردستان، حيث تلجأ العديد من العوائل إلى المصالحة العشائرية في قضايا القتل، ويعتقد الناس أن الضحية شخص ضعيف مادياً ولم يعد على قيد الحياة، فيلجؤون إلى المصالحة العشائرية ويتم التصالح فيما بينهم بمبلغ من المال وتنتهي القضية في المحكمة".

 وأكدت أنه "من خلال المصالحة العشائرية، يتم حرمان الضحية من حقوقه، ورغم وجود أدلة كافية في الجريمة، إلا أن الأسرة لا تقدمها إلى المحكمة للحصول على أي مبلغ من المال".

ووفقاً للقانون العراقي، يحق لكل شخص أن يحصل على محام من قبل المحكمة كما أوضحت "المحكمة تتعامل مع هذا الأمر كمسألة ثانوية، حيث تأمر بتعيين محامٍ في قضية القتل عندما لا تكون جميع مراحل التحقيق كاملة، يدافع المحامي عن قضيته من خلال الأدلة ولا يحقق فيها بشكل كامل، والمحامين الذين قدمتهم المحاكم أثناء المحاكمة لا يعيرون اهتماماً كبيراً للقضايا، لكن المحامين الخاصين الذين توفرهم العائلات، يؤدون واجباتهم القضائية بشكل أفضل وبسرعة أكبر، ولهذا الغرض، يجب توفير إصلاح كامل وآليات صارمة لمحامي المحاكم".

وفي ختام حديثها قالت "ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار مستوى تعليم الأفراد في جميع قطاعات الحياة، وعلى الأسر المطالبة بحقوقها وعدم بيعها مقابل المال، كون تحقيق النتائج وإعادة الحقوق للمواطنين أمر ضروري، كما يجب على المدعي العام أن يجري التحقيقات بطريقة أفضل".