'لن تحقق المرأة الريفية ذاتها إلا إذا انتفضت ودافعت عن حقوقها'
احتفلت تونس في الثالث عشر من آب/أغسطس الماضي بعيد "المرأة التونسية"، وصادف هذا العام الذكرى الـ 68 لصدور مجلة الأحوال الشخصية، التي تعتبر نصاً تشريعياً يضمن حقوق المرأة الاجتماعية، والاقتصادية والقانونية.
إخلاص حمروني
تونس ـ أكدت النساء في تونس أن المرأة خاصة في المناطق الداخلية والريفية إن لم تكن واعية بحقوقها فلن تستطيع تحسين واقعها وستبقى ضعيفة الشخصية وتعيش في تبعية الرجل.
تتساءل النساء في تونس إن كانت قد ساهمت حزمة القوانين التي أصدرتها مجلة الأحوال الشخصية في دعم مكانة المرأة واستقلالها، خاصة في المناطق الريفية والمناطق الداخلية التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، أم بقيت مجرد شعارات تتباها بها النخبة السياسية في كل محفل يخص المرأة وحقوق الإنسان؟
ترى مفيدة جلالي من مدينة سيدي بوزيد، أن وضع المرأة لم يتغير كثيراً على المستوى الوطني عموماً والجهوي خصوصاً منذ الاستقلال، رغم ما تم سنه من تشريعات تدعم حقوق المرأة "على المستوى الوطني ما تحقق لصالح المرأة يعد متوسطاً لأن المرأة في المدن الكبرى أصبحت تعمل ولها استقلاليتها، أما في الوسط الريفي ما تحقق لصالح المرأة الريفية لم يتجاوز الـ 20%، التي ضمنت لها حقها في التعليم، أما بقية الحقوق بقيت على الرف".
وفسرت قولها بأن المرأة الريفية أو القاطنة في المناطق الداخلية تعيش تبعية اقتصادية سواءً من عائلتها أو زوجها كما أنها محرومة من أبسط حقوقها على غرار الحقوق الزوجية، مشيرة إلى أن نساء منطقتها خاصة القاطنة في المناطق الريفية لا تزال في تبعية للمجتمع الذكوري، وعليها أن تستشير زوجها أو والدها أو أخاها عندما تقرر فعل أي نشاط ولو كان بسيط مثل الخروج من البيت وزيارة الأهل والأصدقاء.
وأوضحت أن هذه التبعية التي تعيشها المرأة تعود إلى ضعف تطبيق القوانين، وهذا ما نتج عنه عدم تحقيق استقلالها المادي، وطالما كانت الحرية الاقتصادية مفقودة لدى المرأة فستبقى التبعية للرجل مستمر "إن الحق الوحيد الذي تتمتع به المرأة في الوسط الريفي هو التعليم أما بقية الحقوق مثل الحق في الصحة والبيئة والانخراط في الحياة السياسية وخوض الانتخابات لا تزال حبر على ورق".
وترى أنه من الضروري تثقيف المرأة لتكون واعية بحقوقها وواجباتها لتنتفض وتدافع عن حقوقها، لأن المرأة إذا كانت غير واعية بحقوقها لن تستطيع تحسين واقعها وستبقى ضعيفة الشخصية وتعيش في تبعية "المرأة مثل الوطن لن تستطيع تحقيق ذاتها إلا إذا انتفضت ودافعت عن حقوقها المسلوبة".
وتوافق وداد حمدوني سابقتها بالرأي وقالت "لم يتحقق شيئاً يذكر لصالح المرأة منذ الاستقلال لأنها لا تزال تعيش نفس المعاناة خاصة ما تتعرض له من عنف سواءاً كان من قبل زوجها أو عائلتها، كما أن عدم تفعيل القوانين رفع من حالات العنف ضد المرأة في المناطق الداخلية.
وأكدت أن المرأة لا تتعرض للعنف المادي فقط، بل تتعرض للعنف الاقتصادي أيضاً سواءً كانت في القطاع الفلاحي أو القطاعات الهشة الأخرى مثل المصانع، مشيرة إلى أن جميع الحقوق المناصرة للمرأة والمدافعة عن حقوقها لم تنصر المرأة الريفية وبقيت هذه الأخيرة تعيش حالة من التهميش والخصاصة. الأمر الذي جعل العقلية الذكورية تسيطر على كل المجالات وخاصة على المشهد السياسي والاقتصادي وحرم المرأة من المشاركة في صنع القرار.
وطالبت بتفعيل القوانين المدافعة والمناصرة لحقوق المرأة والتي بقيت مجرد قوانين لم تفعل بعد "على الدولة أن توفر إحاطة كاملة للمرأة خاصة ذات الوضعية الهشة مثل المعنفة أو المطلقة أو التي تبحث عن عمل خاصة العاملة في القطاع الفلاحي التي تعد ضحية الوضع الاقتصادي الهش، وعدم تفعيل القوانين بحكم أنها لا تتمتع بتغطية صحية ولا بظروف عمل آمنة وتتنقل في شاحنات الموت التي يذهب يومياً ضحاياها نساء وفتيات تخرجن في الصباح للعمل ولا تعدن".
من جهتها ترى الناشطة في المجتمع المدني فادية خصخوصي، إن المرأة التونسية حققت الكثير من المكاسب منذ الاستقلال خاصة على المستوى الحقوقي والقانوني على الرغم من العقلية الذكورية التي لا تزال سائدة في المجتمع التونسي "حزمة القوانين المساندة للمرأة مثل خصها بقانون 58 المناهض لكل أشكال العنف ضد النساء والذي رغم تطبيقه ارتفع عدد النساء المعنفات، وانتشرت ظاهرة قتل النساء سواءً من طرف الزوج أو الأهل".
ونوهت إلى أن مجلة الأحوال الشخصية وفرت للمرأة حيزاً كافياً من الحرية واتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة ودافعت عن جميع حقوقها "لقد كانت تونس سباقة في المعاهدات والاتفاقيات وسن القوانين الحامية للمرأة إلا أنه رغم ذلك لم تحظى هذه الأخيرة بالسلم والأمن المرجوين لأن آليات تحقيق هذه القوانين لا تزال ضعيفة".