الإذاعات الجمعوية تجربة متفردة في مجال نشر التوعية بقضايا النساء

أكدت الناشطة الحقوقية بشرى عبدو، أن الإذاعات الجمعوية في المغرب شكلت جسر تواصل بين العاملين في الجمعيات والمجتمع من خلال عرض مشاكلهم وقضاياهم، وساهمت إلى حد كبير في مناهضة العنف والتمييز ضد النساء.

رجاء خيرات

المغرب ـ أطلقت العديد من الفعاليات النسوية والجمعيات النشطة في قضايا المرأة إذاعات محلية، للتعريف بقضايا النساء وحقوقهن ومكافحة كافة أشكال التمييز ضدهن.

أكدت الناشطة الحقوقية في قضايا النساء ورئيسة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" بشرى عبدو، إن الإذاعات الجمعوية ساهمت إلى حد كبير في التعريف بالحقوق الإنسانية للنساء ومناهضة العنف ضدهن، مشيرةً إلى أن هذه الإذاعات تعد تجربة متفردة في مجال نشر التوعية بقضايا حقوق الإنسان والنساء بشكل خاص في المجتمع.

وأوضحت أن هذه الإذاعات شكلت جسر تواصل بين العاملين في الجمعيات والمجتمع من خلال عرض مشاكلهم وقضاياهم الخاصةً بالنسبة للنساء اللواتي تعشن أوضاعاً إنسانية صعبة "إن الإذاعات الجمعوية هي إذاعات مناضلة ساهمت إلى حد كبير في مناهضة العنف والتمييز ضد النساء، والتربية على القيم الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان لدى المواطنين، كما أنها شكلت ملجأً للعديد من النساء لبث شكواهن والتعرف على مقتضيات مدونة الأسرة.

وعن تجربتها في هذا الإطار أشارت إلى أن جمعية "تحدي المساواة والمواطنة" لها إذاعة أطلقت عليها اسم "راديو الدرب" إذ يوحي اسمها أن الأمر يتعلق بالقضايا التي تشغل المجتمع في مجال الحقوق والحريات والقيم الإنسانية، من أجل التعريف بقضايا النوع ومناهضة العنف وكافة أشكال التمييز ضد النساء.

ولفتت إلى أن هذه الإذاعات ليست بديلاً عن الإذاعات المعروفة التي تبث برامجها عبر الأثير وتعمل وفق معايير مهنية مضبوطة، لكنها إذاعات توعوية، استطاعت أن تصل إلى فئة من المواطنين، ومن بين أهدافها التعريف بالعمل الجمعوي النسوي وأهميته في التوعية بالقضايا الإنسانية وعلى رأسها قضية المرأة.

وأكدت أن هذه الإذاعات لا تتوفر على قانون يؤطرها وينظمها وبالتالي فهي لا تتوفر على نفس القوة التأثيرية والحضور القوي كما هو الشأن بالنسبة للمحطات الإذاعية الأخرى التي ينظمها قانون الصحافة والنشر، إلا أنه لا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه في نشر التوعية بالقضايا الإنسانية والاجتماعية وقضايا حقوق النساء، خاصةً أنها تبث على منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

وقالت إن عمل "راديو الدرب" يقتصر حالياً على تسجيل البرامج وبثها عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال وصلات تعرف "بجمعية التحدي للمساواة والمواطنة" وغيرها من الجمعيات التي تهتم بقضايا حقوق الإنسان، وكذلك الخدمات التي تقدمها، مع استضافة بعض الفعاليات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان وقضايا أخرى، كما أن البرامج التي ستبث ستشمل نساء تتم استضافتهن ومنحهن الميكروفون للحديث عن مشاكلهن وقضاياهن وطرحها على المتابعين، في حضور متخصصين نفسيين ومحامين وسوسيلوجيين، وكذا طرح بعض القضايا التي تهم الحركة النسائية والحقوقية بشكل عام.

ونوهت إلى أن الإذاعة لم تصل لأهدافها الأساسية بعد، لكنها من خلال هذا البرنامج الذي يمكن اعتباره انطلاقة فعلية لراديو "الدرب" وضعت أول لبنة في مد جسر التواصل مع النساء ومنحهن مساحة للبوح والتعريف بمشاكلهن. 

وأوضحت أنه من بين الصعوبات التي تواجهها هذه الإذاعات الجمعوية هي أن التواصل مع المواطنين لا يكون بشكل دائم، حيث يتم بحسب المواسم والمحطات النضالية الأساسية وهو ما يحد نسبياً من تأثيرها المباشر واستقطابها لأكبر عدد من المهتمين، الأمر الذي دفع عدداً من الجمعيات النسوية وغيرها للمطالبة بقانون يأطرها وينظمها ويحمي العاملين فيها، حيث لم يعدد ممكناً اليوم الحديث عن إعلام للقرب تبثه جمعيات دون أن يخضع العاملون به لتكوين إعلامي مكثف تتوفر فيه الشروط الأساسية للعمل المهني الجاد.

وبينت أن العاملين في هذه الإذاعات مطالبون اليوم بتقديم كافة الشروحات حول الملفات المطلبية الكبرى للحركة النسائية المغربية بما فيها مدونة الأسرة والقانون الجنائي وقانون العنف 103 ـ13 وقانون الحريات العامة وقانون الحالة المدنية، حيث يتطلب الأمر تقديم إجابات لتساؤلات المواطنين حول هذه الملفات.

وخلصت بشرى عبدو إلى أن الإذاعات الجمعوية اليوم بالمغرب بحاجة إلى قانون ينظمها ويسمح لها بالعمل وفق المعايير المعمول بها في المجال السمعي والبصري، بالإضافة إلى تمكينها بالوسائل الضرورية لتطويرها، كما أن الجمعيات النسوية التي قطعت مساراً طويلاً من النضال في مجال التحسيس بالقضايا الإنسانية للنساء هي اليوم بحاجة لإعلام قرب يجعلها في صلب القضية النسائية ويكون صوتها وصوت النساء في المناطق المهمشة والبعيدة.