لتعزيز مشاركة النساء في قضايا البيئة... تأسيس شبكة الصحفيات في العراق
في ظل ما يعانيه العراق من تأثيرات التغير المناخي خاصة على النساء، تم تأسيس شبكة الصحفيات لتناول قضايا المناخ والبيئة من منظور نسائي نظراً لأن أغلب التقارير المتعلقة بتلك القضايا التي تم نشرها، كانت من إعداد رجال.
رجاء حميد رشيد
العراق ـ في إطار توسيع دور الصحفيات ودعم مشاركتهن في مواجهة التغير المناخي وحماية البيئة، أعلنت مؤسسة "كركوك ناو" عن تأسيس شبكة للصحفيات في مجال الصحافة البيئية في شمال العراق، جاء ذلك بعد اختتام فعاليات برنامج "توسيع دور الصحفيات في تغطية القضايا البيئية" في مدينة السليمانية.
منذ بداية حزيران/يونيو 2024، نفذت مؤسسة "كركوك ناو" برنامج على مدار ستة أشهر، وقد شارك في البرنامج 18 صحفية من مختلف مناطق العراق، وبعد اختتام فعاليات البرنامج أعلنت المؤسسة عن تأسيس شبكة للصحفيات في مجال الصحافة البيئية في 13 كانون الثاني/يناير الجاري في هولير بإقليم كردستان.
تقول ليلى أحمد، إحدى المشاركات في البرنامج والتي تم اختيارها ضمن الهيئة الثلاثية للشبكة "تلقينا تدريبات مكثفة على كيفية تغطية قضايا البيئة من خلال الصحافة البناءة، بمشاركة 18 صحفية من 8 مدن عراقية، بما في ذلك جميع مدن إقليم كردستان، بالإضافة إلى كركوك، نينوى، ديالى وصلاح الدين. وفي نهاية البرنامج، أنتجنا أكثر من 80 مادة صحفية حول قضايا البيئة والتغير المناخي، مع التركيز على الصحافة البناءة، واختتم البرنامج بانتخاب هيئة ثلاثية للإشراف على شبكة الصحفيات للصحافة البيئية، وتم اتخاذ قرار باستمرار هذه الشبكة تحت مظلة مؤسسة "كركوك ناو"، حيث تم إضافة قسم جديد إلى الموقع تحت اسم (من البيئة)".
وعن الهدف من تأسيس هذه الشبكة، أوضحت أن "مسألة التغير المناخي تعتبر من القضايا الجادة التي تؤثر في جميع أنحاء العالم، وبشكل خاص في العراق، الذي يعد من بين خمسة دول تعاني بشكل مباشر من تأثيرات التغير المناخي وأغلب التقارير المتعلقة بقضايا المناخ والبيئة التي تم نشرها في المنظمات الإعلامية كانت من إعداد رجال، مما جعل هذه التقارير تتناول الموضوع من منظور ذكوري، لذلك، فكرنا في أن التغير المناخي يؤثر بشكل خاص على النساء، ولهن دور فاعل في التعامل مع تحدياته، ومن هنا جاءت فكرة تأسيس هذه الشبكة، التي تهدف إلى تمكين النساء من لعب دور بارز في كتابة التقارير حول التغير المناخي والحفاظ على البيئة".
وأشارت ليلى أحمد إلى سعي الشبكة بشكل عام إلى توسيع نطاقها وضمان استمراريتها من خلال تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية، بالإضافة إلى حملات توعية مستمرة للصحفيات العاملات في مجال الصحافة البيئية بأهمية قضايا البيئة والتغير المناخي، لتتمكن من تناول هذه القضايا بشكل أكبر في غرف الأخبار والنشرات الإخبارية، وألا تقتصر تغطية الصحفيات على القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية فحسب، بل أن تشمل أيضاً قضايا البيئة التي تعد من المواضيع الحيوية والمهمة.
ولفتت إلى أن الشبكة تركز على تسليط الضوء على المبادرات التي تهدف إلى تحسين البيئة والتصدي لتحديات التغير المناخي، سواء كانت موجودة في المجتمع المحلي أو على نطاق أوسع كما تسعى الشبكة إلى استكشاف زوايا مختلفة لهذه المبادرات وتسليط الضوء على قصص النساء اللواتي تشاركن بفعالية في قضايا البيئة والتغير المناخي، ويجب على الصحفيات أن يكون لديهن دور فاعل في التعبير عن آرائهن حول قضايا البيئة، وليس من المقبول أن تقتصر هذه الآراء على الرجال فقط، بذلك، تهدف الشبكة إلى تعزيز مشاركة النساء في تناول قضايا البيئة بشكل شامل ومتوازن، بما في ذلك المبادرات التي يقودنها أو تساهمن فيها.
وعن إمكانية توسعة الشبكة في كل المدن العراقية، قالت ليلى أحمد "نظراً لأن الشبكة تأسست حديثاً، فهي تركز على كيفية بناء شراكات قوية مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات المتخصصة في مجال البيئة والتغير المناخي، حيث يتم دراسة أفضل السبل لتوسيع العلاقات مع الجهات والمنظمات التي تعمل في هذا المجال، وتعزيز التعاون مع المنظمات لتبادل الخبرات والمعلومات، وزيادة تأثير الشبكة في نشر الوعي حول قضايا البيئة والتغير المناخي، من خلال كتابة استراتيجية جديدة تتضمن شروطاً واضحة لضم الصحفيات إليها على أن يكون أعضاء الشبكة فعّالين وقادرين على تقديم حلول ومساهمة حقيقية في التوعية البيئية، وليس مجرد ضم العديد من الأفراد دون أن يكون لهم تأثير ملموس، يجب أن تكون الشبكة مكاناً لتمكين الصحفيات اللواتي لديهن القدرة على التأثير في المجتمع من خلال نشر الوعي البيئي والعمل على إيجاد حلول للمشاكل البيئية".
وأكدت على أن تخطيط الشبكة تم تصميمها على أساس الصحافة البناءة، وهو نوع جديد من الصحافة الذي بدأ يلقى اهتماماً كبيراً في جميع أنحاء العالم، ولكنه ما يزال حديثاً نسبياً في العديد من البلدان والتي تركز على تسليط الضوء على المبادرات الإيجابية وتوضيح الحلول الممكنة للمشاكل، بالإضافة إلى تحديد العوائق التي تحول دون تنفيذ هذه الحلول والعمل على التغلب عليها، ومن خلال هذا النهج، تهدف الشبكة إلى مساعدة الأشخاص الذين لديهم مبادرات بيئية في عرض أفكارهم ومشاريعهم بشكل إيجابي، مع تقديم حلول عملية للتحديات التي تواجهها الصحفيات في استخدام الصحافة البناءة لطرح قضايا البيئة بشكل يساهم في تحسين الوضع البيئي ويساعد في تحفيز التغيير الإيجابي في المجتمع.
وعن الصعوبات التي تواجهها الصحفيات في شمال العراق في تغطية المواضيع المتعلقة بقضايا المناخ، قالت "إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه صحفيات البيئة هي نقص المتخصصين في مجال البيئة والتغير المناخي، مما يجعل الوصول إلى مصادر موثوقة وصحيحة أمراً صعباً للغاية، في كثير من الأحيان، تكون الموارد المحدودة في هذا المجال عائقاً أمام كتابة تقارير شاملة ودقيقة، وهذا يؤدي في بعض الحالات إلى الاعتماد على شخص واحد كمصدر رئيسي للمعلومات، وهو أمر قد يؤثر على تنوع وشمولية التقرير، بالمقارنة مع المجالات الأخرى، يبقى عدد الخبراء والمتخصصين في قضايا البيئة محدوداً، مما يزيد من التحديات التي تواجه الصحفيات في جمع المعلومات وكتابة التقارير البيئية بشكل متميز.
وفي ختام حديثها، أكدت ليلى أحمد على ضرورة أن يكون هناك اهتمام من قبل المؤسسات الحكومية للحفاظ على البيئة والحد من التأثير المناخي من خلال إطلاق مبادرات من أجل التصدي لتغير المناخ وتنظيف البيئة، وتوسيع المساحات الخضراء، مع إصدار تعليمات وتوجيهات بيئية على القطاع الخاص الالتزام بها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاريع السكنية أو تأسيس المصانع، حيث تُفرض عليهم شروط تتعلق بالمناطق الخضراء والحفاظ على نظافة البيئة.