نقابة العاملات التونسيات ترصد وتوثق الانتهاكات ضد الفلاحات

فتحت نقابة العاملات الفلاحات المجال أمام العاملات لخوض تجربة التنظيم النقابي للدفاع عن حقوقهن ورصد وتوثيق الانتهاكات التي تمارس ضدهن.

إخلاص حمروني

تونس ـ تعاني العاملة في القطاع الفلاحي البرد شتاءً والحرارة صيفاً، إضافة الى شاحنات النقل التي تنقلهم دون حماية وبعدد أكبر من الحمولة العادية الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر.

تم في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2021 بمدينة سيدي بوزيد، الإعلان عن تأسيس أول نقابة أساسية للعاملات الفلاحيات على مستوى جهوي ووطني، تحت إشراف الاتحاد الجهوي للعمل، ويعد هذا المؤتمر التأسيسي الأول من نوعه، فرصة للفلاحات لخوض تجربة التنظيم النقابي دفاعاً عن حقوقهن بحكم أنه تأسس لتوعية وتدريب شباب/ات المنطقة بهدف رصد وتوثيق الانتهاكات ضد الفلاحات.

مفيدة جلالي أم لفتاتين تجاوزت العقد الخامس من عمرها، وهي عضوة في نقابة الفلاحات منذ أن كانت فكرة تخامر أفكار البعض منهن أو حلم لأخريات، وعلاقتها بالفلاحة تعود إلى فترة الطفولة، فقد كانت ابنة فلاح في هذه المدينة وعملت فيها منذ الصغر وحتى بعد الزواج أجبرت على العمل بسبب ظروف العيش الصعبة وهي مؤمنة بأن الفلاحة هي أساس الحياة.

وعن تجربتها كنقابية في جهة فلاحية تتسم بتسلط الرجل تقول مفيدة جلالي "بسبب الظروف المادية الصعبة عملت منذ طفولتي في القطاع الفلاحي في كل الحقول وركبت كل وسائل النقل المتوفرة فقط لأكون امرأة قوية، ولأنني امرأة جريئة ولا أخاف، عندما كنت أرى أحداً يظلم عاملة أو يتركب تجاوزاً بحقها أتكلم بصوت مرتفع حتى أن البعض كان يتساءل إن كنت نقابية".

ولفتت إلى أنها عملت مع زميلاتها في ظروف صعبة اتسمت بالعنف الاقتصادي والمادي حتى عام 2013 وهو العام الذي بدأت فيه فكرة جمع الفلاحات تحت هيكل نقابي بسبب كثرة مظاهر الانتهاكات من (حوادث نقل، استغلال وعنف) وتقول "انطلقت فكرة تأسيس النقابة من قبل أعضاء جمعية الحراك الثقافي بمدينة الرقاب، بقينا نجاهد من أجل تأسيس النقابة لسنوات إلى أن رأت النور في عام 2021، بعد موافقة اتحاد العمل على ذلك، ليتم تأسيس النقابة الأساسية للعاملات الفلاحات وكانت الأولى على المستوى الجهوي والوطني بهدف الدفاع عن حقوق العاملات وحمايتهن من شتى مظاهر العنف وخاصة الاقتصادي منه".

وأوضحت أن النقابة كانت في البداية تضم 20 امرأة فقط كن تتمعن بحقوقهن الانتخابية ومضطلعات على ظروف عمل نساء أخريات في جهات مختلفة مثل تونس والمهدية "لقد اكتشفنا أن وضع العاملات في سيدي بوزيد أسوأ بكثير لأن العاملات تتلقين أجوراً أقل، ومع مرور أشهر توسعت النقابة وضمت عدد كبير من العاملات لا يمكن حصره إلا أنه يمثل أكثر من 90% من النساء اللواتي يرتفع عددهن خاصة في الصيف بحكم عمل التلميذات والطالبات الموسمي".

ومن مظاهر العنف الاقتصادي والتمييز بين الرجل والمرأة الذي يتجلى في العديد من الحالات على غرار النقل والمعاملة أوضحت أن "المرأة العاملة تمتطي الشاحنة وهي تجهل وجهتها في حين يتم إبلاغ الرجل بوجهته، المرأة تعمل مثل الرجل لكن بأجر أقل، وعندما تتكلم عن حقها يتم طردها".

ولفتت إلى أن الفلاحين لا يخافون من النقابة لأنها لا تزال هشة ولن تستوعب بعد كل مشاكل الفلاحات "يعمل الفريق النقابي على تطوير النقابة لتكون آلية تضمن نجاح مهمتها المتمثلة في الدفاع عن مصالح العاملات".

 

عنف اقتصادي يكل المقاييس

أشارت إلى أن الفلاحات تعانين من مشكلة البرد في فصل الشتاء والحرارة في الصيف (الحشرات والزاحف مثل العقارب والثعابين) إضافة الى قِدم شاحنات النقل التي تنقلهم دون حماية وبعدد أكبر من الحمولة العادية.

وأكدت أن العاملة في القطاع الفلاحي تعاني الكثير من الصعوبات من أجل ضمان كسب رزق أطفالها وضمان مستقبلهم "تحتاج العاملات إلى الوعي ومعرفة حقوقهن والاقتناع بأن لهن حقوق مثل الواجبات، فالعاملة في الميدان الفلاحي يجب أن تقتنع بأن الفلاح هو الذي يستحقها وليست هي من بحاجة إليه، إذا اتفقنا جميعاً على هذه الفكرة وكنا يداً واحدة سنتغلب على كل الصعوبات ونضمن أجر جيد".

وقالت مفيدة جلالي أنه بالرغم من وجود مظاهر عنف أخرى تتعرض لها المرأة مثل حرمانها من الضمان الاجتماعي وخدمات التأمين، إلا أنها غير واعية بقدراتها وإمكانياتها خاصة إذا توحدت أصواتهن والتففن بالنقابة من أجل أن تكن قوة فاعلة قادرة على فرض شروط للعمل والتحكم في الأجر وظروف العمل.

وأكدت على أن تأسيس النقابة يعد مكسب للمرأة العاملة في القطاع الفلاحي رغم أن النقابة لا تزال بحاجة للكثير من العمل لتكون أكثر قوة وصلابة وباستطاعتها الدفاع عن حقوق العاملات المتمثلة في 3 نقاط أساسية، أجر جيد، ضمان اجتماعي، ظروف نقل لائقة، لافتةً إلى أنها ستدافع عن الفلاحات وحقوقهن المسلوبة للحد من مظاهر العنف الاقتصادي ضدهن.