التمكين الاقتصادي في الشرقية... النساء بين التجارب والتحديات

التمكين الاقتصادي للنساء واحد من أهم أدوات دعمهن لوضع حد لما تتعرض له من انتهاك لحقوقهن الإنسانية، وما لذلك من دور في تقوية موقفهن لمواجهة الممارسات ضدهن بمختلف صورها.

أسماء فتحي

القاهرة ـ النساء في القرى تعانين من انعدام فرص العمل المأجورة لذلك لا تملكن دخلاً كافياً لافتتاح مشاريعهن الخاصة، الأمر الذي يجعل مسألة تمكينهن اقتصادياً مسؤولية كبيرة تحتاج لجهد ومراكمة في المعرفة حتى تجني ثمارها.

واحدة من الأفكار والمعتقدات المنتشرة في القرى الريفية التابعة لمدينة الشرقية بمصر أن كل ما تملكه المرأة يجب أن تقدمه لزوجها وأسرتها، حيث يقوم الزوج بالحصول على كامل راتبها في حال لم يكن لديها مشروع خاص تموله لتقدم له مردوده، وفي جميع الأحوال ليس بمقدورها ادخار أي مبلغ مهما كان زهيداً بمنأى عن عائلتها، كما أن النساء محرومات من مختلف أشكال الملكية والإرث، هذا ما أكدت عليه المعلمة شيماء علي، وتقول إن الشرقية رغم طابعها الريفي، إلا أن هناك درجة كبيرة من الوعي لدى النساء بأهمية العمل، وواحدة من الوظائف التي تعملن بها التدريس والطب وإدارة المدارس وغير ذلك، فضلاً عن إنتاج الألبان وخبز المعجنات، أو تعملن في الحقول وتجنين منتجاتها لبيعها من خضروات وفواكه.

وحملت شيماء علي المجتمع المسؤولية حول ما تعانيه النساء والفتيات من ظلم واضطهاد كونه من زرع في أذهانهن فكرة أنهن ملك لأسرهن وأن ما تجنينه من دخل يجب تقديمه للزوج بحجة أنها ستكون مقصرة بحق عائلتها كونها تقضي معظم وقتها في العمل، مضيفةً أنها تعرفت على نساء تعملن ساعات طويلة لتقدمن في نهاية الشهر ما تحصلن عليه من أجر للزوج، ليقوم بإعطائها مصروفها الشخصي.

وحول حصول النساء على حقهن من الميراث قالت "هن محرومات من هذا الحق في القرى وكذلك في العديد من المدن، فالمرأة يتم إرضائها عادة بمبلغ مالي بسيط أياً كان إرثها، ففي نظر المجتمع الأرض لا يمكن أن تملكها النساء عادة بحجة أن ذلك "عيب وهدر"، لافتةً إلى أن أغلب الأسر تسخر كامل طاقتها لعدم القبول بحدوث ذلك.

وأكدت شيماء علي أن الأمية واحدة من أبرز الأزمات التي تواجه النساء خاصة العاملات في مهن مختلفة، مؤكدةً أن عدم حصول النساء على حقهن في التعليم سيؤثر بدرجة كبيرة عليهن وعلى مدى نجاح الأعمال التي تنوين القيام بها، معتبرةً أن هناك معتقد راسخ لدى المجتمع الريفي أن المرأة يجب أن تكون مضحية دائماً وأبداً، فهي يجب أن تعمل من أجل أسرتها وتلبي احتياجات الجميع، وهذا التصور يسلبها حقوقها الإنسانية البسيطة ومنها تقرير المصير، هي مجبرة على أن تكون تابعة للزوج ورغباته الذي يكون صاحب القرار في المنزل وخارجه ويحصل على راتبها في أغلب الأحيان وما تجنيه من أرباح في مشاريعها الخاصة.

وفي ختام حديثها قالت إن "المجتمع يرى أن مسؤولية الزوج والأسرة تقع على عاتق النساء المرأة، وهو عبء تتحمله العاملات ويؤثر عليهن بشكل سلبي كونهن في سعي دائم للبحث عن آليات تمكنهن من الجمع بين مهام المنزل والعمل وتبذلن جهود مضنية في سبيل ذلك، الأمر الذي يؤثر على صحتهن وقدرتهن على مواصلة الحياة".

من جانبها قالت عايدة سمير "اسم مستعار" "كنت أعمل في بيع الخضروات التي أجنيها من الحقول إلا أن غلاء الأسعار أثر على هامش الربح الذي أحصل عليه، لذلك اتجهت لبيع الزبدة المصنعة في المنزل وكان الأرباح جيدة لكنه أيضاً ارتفاع الأسعار تسبب في قلة الإقبال عليها".

وأضافت عايدة سمير "كنت أعمل في الأراضي والحقول الزراعية وتمكنت من ادخار مبلغ من المال وقمت بشراء قطعة أرض ووفقاً للسائد والمفروض كتبتها باسم زوجي، وعندما وقع خلاف بيننا قام بطردي من المنزل ولم يعيد حقي بملكية الأرض، لذلك أنا مجبرة على العمل لتأمين مصدر دخل على الرغم من تقدمي بالعمر".

ولفتت إلى أن النساء المتعلمات تجدن حل للمشاكل التي تتعرض لها ولديهن بدائل في حال وقوع الانفصال، بينما تجد صعوبة في تطوير عملها كونها لا تعرف سوى العمل كبائعة، فقد حاولت الضلوع في أعمال أخرى مثل الخياطة والعمل في مجال صناعة الملابس لكن كونها أمية وغير متعلمة تسبب ذلك في إعاقة قدرتها على المواصلة، مضيفةً أنه كان عليها تحمل تقلبات السوق وارتفاع الأسعار وما ترتب عليه من نقص في دخلها وهامش ربحها لأنها لا تمتلك بدائل أخرى.