تونس... مطالبات بالتراجع عن أمر رئاسي يغيب النساء عن هيئة الانتخابات

دعت الديناميكية التونسية، البلاد إلى التراجع عن جميع النصوص التي لا تجسد حق التونسيات في المشاركة السياسية وفي الوصول لمواقع القرار، كما دعت جميع مكونات المجتمع المدني إلى الوقوف صفاً واحداً ضد كل مبادرات الإقصاء والتمييز ومحاولات التفرد بالحكم.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ استنكرت الديناميكية النسوية التونسية تغييب المرأة من قبل الرئيس قيس سعيد عن عضوية مجلس  الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، معتبرةً أنها بعيدة عن الاستقلالية وتؤيد الذكورية.

أثار صدور الأمر الرئاسي التونسي عدد 459 لعام 2022 المتعلق بتسمية أعضاء مجلس الهيئة العليا "المستقلة" للانتخابات والذي تلى المرسوم عدد 22 المؤرخ في 21 نيسان/أبريل 2022 المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 23 لسنة 2012، حفيظة الناشطات في مجال حقوق المرأة والحقوقيات والمؤسسات والمنظمات النسوية في البلاد.

وأصدرت الديناميكية النسوية التونسية أمس الجمعة 13 أيار/مايو، بياناً استنكاراً للمسار الذي تنتهجه رئاسة تونس في علاقة بالهيئة من تفرد في التعيين والعزل لأعضائها من جهة ولعدم احترام مبدأ التناصف من جهة أخرى.

وتضم الديناميكية النسوية في عضويتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، جمعية بيتي, جمعية أصوات النساء, جمعية جسور بالكاف, جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية (AFTURD)، جمعية المرأة والمواطنة بالكاف.

واعتبر البيان أنه أمام تواصل غياب حوار جدي وواضح المعالم مع منظمات المجتمع المدني سادت حالة فرض الأمر الواقع، لافتاً إلى أن المرسوم المعدل لهيئة الانتخابات "جاء ممدداً أربع سنوات أخرى أي بعد استكمال جميع المحطات الانتخابية التشريعية منها والرئاسية وقد تشمل حتى الانتخابات البلدية، عوض أن تكون وقتية وتنتهي مدتها بانتهاء المسار الانتخابي القادم، مما قد يؤثر في إرادة الناخبين. علاوة على انتقاء صفة الاستقلالية عن الهيئة الجديدة بحكم تعيين أعضائها وعزلهم من قبل رئاسة الجمهورية حصراً".

وأشار البيان إلى أن "الغياب الملفت للنساء عن تركيبة هذه الهيئة يترجم السياسة الرجعية التي تنتهجها مؤسسات الدولة وما تحمله من تمييز وإقصاء تجاه النساء ونبذ لمبادئ التناصف والمساواة بين الجنسين".

ونوه إلى أن الأمر الرئاسي استند في مقدمته إلى الدستور الحالي للجمهورية التونسية، والحال أنه مخالف في جوهره للمبادئ والقيم التي جاء بها النص الدستوري على غرار الفصل 21 القاضي بإقرار المساواة بين الجنسين، وكذلك الفصل 46 الذي يترجم التزام البلاد بضمان تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات.

وأشارت الديناميكية النسوية إلى أن هذا الأمر الرئاسي يرمي إلى تكريس الصورة النمطية للنساء وإقصائهن من العمل السياسي والمناصب العليا، بما أنه يأتي بعد أشهر قليلة من المنشور الحكومي عدد 18 الذي صدر في التاسع من كانون الأول/ديسمبر 2021، والذي حمل تراجعاً عن شرط احترام التناصف في التعيينات في الوظائف العليا.

وهي ملامح سياسية ما انفكت الديناميكية النسوية تحاربها إلى جانب بقية الجمعيات النسوية والحقوقية الأخرى, خاصةً في ظل التقييمات العالمية لتونس على غرار تقييم تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي الذي بين أن مشاركة النساء في الحياة السياسية في البلاد لا تزال بعيدة عن المعايير الدولية.

وبناءً عليه عبرت الديناميكية النسوية مرة أخرى عن رفضها للحكم الفردي وكل المشاريع والتنقيحات الخارجة عن الأطر الديمقراطية.

وأكدت الديناميكية عن رفضها لفحوى الأمر الرئاسي، ودعت الرئاسة إلى التراجع عن المنشور الحكومي عدد 18 وجميع النصوص الأخرى التي لا تجسد حق التونسيات في المشاركة السياسية وفي الوصول لمواقع القرار، كما دعت جميع مكونات المجتمع المدني إلى الوقوف صفاً واحداً ضد كل مبادرات الإقصاء والتمييز التي تتقدم بها مؤسسات الدولة وكل محاولات التفرد بالحكم.

وفي تصريح لوكالتنا قالت عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات سعاد بن محمود، أن تغييب النساء عن الهيئة المستقلة للانتخابات الجديدة شيء مؤسف ومخجل لأنه حري بالمرأة التونسية التي ناضلت خلال الثورة لقلب نظام الحكم وناضلت خلال العشرية الماضية من أجل الحفاظ على البلاد، وكانت سبباً أساسياً ومباشراً في وصول هؤلاء إلى الحكم، أن تكون موجودة في هيئة لها رمزيتها على مستوى داخلي وخارجي.

وأكدت على أن المرأة تتحلى بالكفاءة والنزاهة والشفافية، مشيرةً إلى أن وجود المرأة  بالهيئة له بعد رمزي من المفروض أن يؤخذ بعين الاعتبار.

وأضافت "ما يثير الاستغراب أن رئيس الدولة عندما اختار رئيسة حكومة بارك قراره الجميع ولكنه غفل عن تمثيل المرأة في هيئة الانتخابات"، متسائلة هل هو سهو أم أن العقلية الأبوية المتجذرة داخله حالت دون ذلك؟

وأوضحت أنها تستغرب صمت رئيسة الحكومة نجلاء بودن عن هذه التركيبة التي غيبت النساء وهي التي صرحت حال تعيينها بأنها ستعمل من موقعها على تعزيز تواجد النساء بمواقع القرار وتعمل على أن تكون ممثلة في جميع المجالس والهيئات وفرض مبدأ التناصف إن لزم الأمر.

ودعت سعاد بن محمود في ختام حديثها جميع النساء إلى اليقظة والحفاظ على مكاسبهن لأن المؤشرات الموجودة غير مطمئنة.