تقرير أممي ينذر العالم بطقسٍ ملطخٍ بالأحمر
تقريرٌ أممي مثير للقلق حول تغير المناخ يقرع أجراس الإنذار محذراً من غدٍ مروع ينتظر الإنسانية بسبب الاحتباس الحراري، وارتفاع دراجات الحرارة إلى مستويات قياسية وتصاعد موجات الطقس المتغير
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2021/08/20220306-555-jpg791095-image.jpg)
مركز الأخبارـ .
أكد التقرير الأممي الصادر عن الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ، أمس الاثنين 9 آب/أغسطس، أن "نطاق التغيرات الأخيرة في جوانب النظام المناخي ككل غير مسبوقة منذ قرون أو عدة آلاف من السنين".
وجاء في التقرير الذي يعد الأكثر شمولاً عن اللجنة التابعة للأمم المتحدة منذ عام 2013، والتي تتخذ من جنيف مقراً لها، "من المؤكد عملياً أن الظواهر الحارة (بما في ذلك موجات الحر)، أصبحت أكثر تواتراً وشدة في معظم مناطق اليابسة منذ خمسينات القرن العشرين، في حين أن ظواهر البرودة المتطرفة (بما في ذلك الموجات الباردة)، أصبحت أقل تواتراً وأقل حدة".
ويتوقع التقرير الأممي أن يصل الاحترار العالمي إلى1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية قرابة العام 2030، أي قبل عشر سنوات من آخر التقديرات التي وضعت قبل ثلاث سنوات، وفقاً للتقرير الجديد الصادر عن خبراء المناخ في الأمم المتحدة، سيستمر الارتفاع في درجات الحرارة بعد ذلك في تجاوز هذه العتبة، أحد البنود الرئيسية لاتفاق باريس، بحلول العام 2050، حتى لو تمكن العالم من الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة، وفق تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وحذر التقرير من أن "علامات تغير المناخ ستظهر بشكل متزايد في موجات الحر، وتزايد هطول الأمطار الغزيرة وحالات الجفاف، ويمكن الشعور بالعواقب في جميع أنحاء العالم، وفي هذا الصيف وحده تسببت موجات الحر الشديدة في مقتل مئات الأشخاص في الولايات المتحدة وكندا، ودمرت الفيضانات مناطق واسعة في ألمانيا والصين، وخرجت حرائق الغابات عن السيطرة في سيبيريا وتركيا واليونان".
وأفاد التقرير "بأن الاحترار يؤدي بالفعل إلى تسريع ارتفاع مستوى سطح البحر، وتفاقم الظواهر المتطرفة مثل موجات الحرارة والجفاف والفيضانات والعواصف، ومعه تزداد الأعاصير المدارية قوةً وتصير أكثر رطوبة، بينما يتضاءل الجليد البحري في القطب الشمالي خلال الصيف، ويذوب الجليد الدائم"، منبهاً إلى أن "كل هذه الاتجاهات ستزداد سوءاً، ومن المحتمل أن الموجة الحارة التي تحدث مرة كل 50 عاماً تحدث الآن مرة كل عقد، وإذا كان العالم يسخن درجة أخرى مئوية، فسيحدث ذلك مرتين كل سبع سنوات".
وحذر التقرير أيضاً من بعض الضرر الناجم عن تغير المناخ، مثل تناقص الصفائح الجليدية وارتفاع مستويات سطح البحر والتغيرات في المحيطات لأنها تفقد الأوكسجين وتصبح أكثر حموضة لا رجعة فيه من قرون إلى آلاف السنين.
وورد في التقرير أنه "يمكن إلقاء اللوم عن كل الاحترار الذي حدث على الأرض تقريباً على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، وفي معظم الحالات يمكن للقوى الطبيعية أو العشوائية البسيطة أن تفسر واحداً أو اثنين من عُشر درجة الاحترار".
وعقب صدور التقرير الأممي للهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السياسيين باتخاذ إجراءات سريعة وجذرية بشأن العواقب المترتبة على ارتفاع درجة حرارة الأرض للسنوات الثلاثين المقبلة، على الرغم من أنه لا تزال هناك نافذة قصيرة لمنع الوصول إلى مستقبل أكثر ترويعاً.
وأوضحت اللجنة المعنية بكتابة التقرير أنه في ضوء الأدلة المتاحة، فإن "لديهم ثقة عالية في أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كانت أعلى في عام 2019، مما كانت عليه في أي مرحلة خلال مليوني عام على الأقل، كما أن درجة حرارة سطح الأرض ارتفعت منذ عام 1970، بشكل أسرع مقارنة بأي 50 عاماً أخرى خلال الألفي عام الماضية على الأقل".
وأكد العلماء الذي عملوا على الجزء الأول من التقرير الرئيسي الجديد المؤلف من 3000 صفحة، والذي شارك في كتابته 234 خبيراً من 66 دولة، أن مسؤولية البشرية عن ظاهرة الاحتباس الحراري "لا لبس فيها"، وهو ما أكدته أيضاً الرئيسة المشاركة لمجموعة الخبراء التي طورت نص التقرير فاليري ديلموت، "من الواضح منذ عقود أن نظام مناخ الأرض يتغير ودور التأثير البشري في النظام المناخي لا جدال فيه".
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن التقرير إنذارٌ أحمر للبشرية، وقال تعقيباً على التقرير"إنه يعلن نهاية الوقود الأحفوري الذي يدمر الكوكب"، وأضاف في بيان "أن التقرير وهو الأول من نوعه منذ سبع سنوات هو إنذار أحمر للبشرية".
وأشار إلى أن "أجراس الإنذار تصم الآذان بسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري، وأن إزالة الغابات تخنق كوكبنا".
ونوه على أنه "مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، ستتأثر الأماكن أكثر ليس فقط بالطقس القاسي، ولكن أيضاً بكوارث مناخية متعددة في وقت واحد"، وأكمل مستشهداً بما يحصل في الولايات المتحدة "إن هذا يشبه ما يحدث الآن في غرب الولايات المتحدة، حيث تؤدي موجات الحر والجفاف وحرائق الغابات إلى تفاقم الضرر, وتؤدي الحرارة الشديدة أيضاً إلى اندلاع حرائق هائلة في اليونان وتركيا".
ونوهت العالمة كلوديا تيبالدي في مختبر شمال غربي المحيط الهادي الوطني بالولايات المتحدة إلى أن "العالم هذه المرة في مكان ما بين المسار المعتدل وسيناريو خفض التلوث الصغير بسبب التقدم المحرز في كبح تغير المناخ"، ذلك وأن العالم كان يسير على المسار الأخير الأكثر سخونة في خمسة تقارير سابقة.
جاء في الملخص الصادر عن الهيئة التي أنشأتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية والأمم المتحدة أن "الزيادات في تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي منذ نحو عام 1750، كانت ناجمة بشكل لا لبس فيه عن النشاطات البشرية".
أفادت المؤلفة المشاركة في التقرير، عالمة المناخ في المركز القومي لأبحاث الغلاف الجوي بالولايات المتحدة ليندا ميرنز، بأنه "من المؤكد أن الأمور ستزداد سوءاً"، مضيفة "لا مكان للهرب، لا مكان للاختباء".
وأكدت فاليري ديلموت، أنه "يمكننا تجنب مستويات أخرى من الاحترار من خلال العمل على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري".
ومع بدء مفاوضات المناخ الدولية الحاسمة في إسكتلندا في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، أقر زعماء العالم بأن التقرير يدفعهم إلى بذل جهود أكبر لخفض التلوث الكربوني.
قال المؤلف المشارك للتقرير بوب كوب من جامعة راتغرز الأميركية، "إن العالم محبوس بمقدار 15 إلى 30 سنتمتراً من ارتفاع مستوى سطح البحر بحلول منتصف القرن".
وذكرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن، بأن "العلماء أصدروا هذه الرسالة منذ أكثر من ثلاثة عقود، لكن العالم لم يستمع إليها، وللمرة الأولى يقدم التقرير أطلساً تفاعلياً للناس لمعرفة ما حصل وما يمكن يحصل للمكان الذي يعيشون فيه".
وقدم التقرير خمسة سيناريوهات مستقبلية مختلفة بناءً على مقدار خفض العالم لانبعاثات الكربون، وهذه السيناريوهات هي "مستقبل به تخفيضات كبيرة وسريعة للتلوث، أو شديدة ولكن ليست بهذه الضخامة، أو معتدلة للانبعاثات، أما السيناريو الرابع فتستمر الخطط الحالية لإجراء تخفيضات صغيرة، وخامساً مستقبل محتمل يتضمن زيادات مستمرة في التلوث الكربوني".