سري كانيه... خمسة أعوام والانتهاكات مستمرة

طالبت لجنة مهجري سري كانيه، المجتمع الدولي بالوقوف في وجه سياسة التتريك والتغيير الديموغرافي وتدمير معالم المدن التي تم احتلالها من قبل الدولة التركية، وعدم التنصل من مهامها في سبيل تحقيق السلم والأمن الدوليين وحماية المدنيين.

الحسكة ـ كشفت لجنة مهجري سري كانيه عن حصيلة الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت على مدى الأعوام الخمسة في مدينة سري كانيه بإقليم شمال وشرق سوريا من قبل الاحتلال التركي، مندداً بالصمت الدولي حيالها.

عقدت لجنة مهجري سري كانيه/رأس العين، مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء 8 تشرين الأول/أكتوبر في مخيم واشوكاني بمدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، تحت شعار "خمس سنوات من الاحتلال والتهجير، والمناطق المحتلة منكوبة إنسانياً وحقوقياً والجناة بلا عقاب".

وجاء في البيان الذي قرأ من قبل اللجنة "مرت خمس سنوات على الاحتلال والتتريك والتهجير الممنهج، مع كل ما تعرضت له المناطق المحتلة لجرائم حرب فظيعة، ويتطلع سكانها الأصليون المهجرون قسراً إلى عودة آمنة"، مشيراً إلى أن إخفاق المجتمع الدولي في القيام بواجباته المنصوص عليها في القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وميثاق الأمم المتحدة، يدل على عقم المنظومة الدولية التي تمارس بشكل علني العدالة الانتقائية وفق "المصالح المتبادلة".

وأوضح البيان أن "سياسة التتريك والتهجير والتدمير المجتمعي والتاريخي مستمرة من قبل المحتل التركي ومرتزقته، في ظل عمليات تهجير قسري ضد السكان الأصليين، إضافة إلى انتهاكات وجرائم فظيعة ترتكبها المرتزقة بتوجيه من الجيش التركي".

وأضاف البيان "تتزايد وتيرة الانتهاكات كل يوم، وبشكل منظم لتشمل عمليات تدمير البنية المجتمعية ومعالم المدينة وتاريخها، ناهيك عن عمليات القتل والسلب والنهب والاعتقال والإخفاء القسري والاستيلاء على ممتلكات المهجرين وتشكيل شبكات للإتجار بالبشر وتجارة المواد المخدرة، إضافة إلى ترسيخ سياسة الاستيطان من خلال توطين عوائل التنظيمات الإرهابية من مناطق سورية مختلفة، ومن خارج سوريا في منازل السكان الأصليين".

وأكد البيان على أن المناطق المحتلة منكوبة إنسانياً وحقوقياً ومجتمعياً منذ خمس سنوات "يزخر سجل المحتل التركي بالمجازر بما فيها التطهير العرقي، ليعاني السكان الأصليون من آثار الاحتلال وتداعياته على كافة النواحي والمستويات، مبعدون ومشتتون في المخيمات ومراكز الإيواء في مدن وأرياف مناطق شمال وشرق سوريا".

وندد البيان بالصمت الدولي المريب المستمر منذ خمس سنوات، بعد احتلال المدينة وأريافها بشكل علني في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام ٢٠١٩، إثر عمليةٍ عسكريةٍ بريةٍ وجوية، شاركت فيها جهات دولية وإقليمية "العملية العسكرية التي سميت بعملية "نبع السلام" في الواقع كشفت زيف وغدر وأهداف الدولة التركية المقيتة المدمرة لمفهومي السلام والأمان منذ بداية الآزمة السورية".

ولفت البيان إلى أنه على مدار أعوام من الهجمات دافع الأهالي سري كانيه/رأس العين وتشبثوا بالأرض والهوية التاريخية لمدينتهم التي كانت في مقدمة المدن المستهدفة من قبل تركيا ومرتزقتها عام ٢٠١٢، وذات بصمة ودور فعال في التصدي والمقاومة من قبل جميع مكوناتها، على الرغم من المحاولات غير المباشرة لاحتلالها في ذلك الحين.

وأشار البيان إلى أنه ومنذ خمس سنوات لم يتوانى السكان الأصليون في الدفاع عن حقوقهم المشروعة وفق المعايير والمواثيق الدولية المتاحة، في ظل التراخي الدولي، بالاستمرار في الدفاع عن قضيتهم العادلة بشتى الوسائل الممكنة، حتى في مدن التهجير التي استقر فيها أهالي سري كانيه/رأس العين، حيث لا يزالون يصرّون على خيار العودة الآمنة دون الاحتلال "خمس سنوات والأهالي ينتظرون تحركاً دولياً وقراراً جريئاً وحاسماً لتضميد جراحهم وانصاف قضيتهم وحقوقهم المسلوبة بعد التهجير، واعادتهم إلى ديارهم بسلام وأمان، وكشف زيف وخداع الاحتلال، الذي اجتاح المدينة بحجج واهية وارتكاب جرائم فظيعة وانتهاكات جسيمة بحق السكان الأصليين المتبقين هناك".

وأضاف البيان "خلال السنوات المنصرمة من الاحتلال والتهجير، ومسلسل القتل والتدمير وممارسة سياسة التتريك، بات التغيير الديموغرافي سمة من سمات المدينة وأريافها كما المناطق المحتلة الأخرى، حيث أن المجتمع الدولي على علم تام بحقيقة ما يجري في سري كانيه والمناطق المحتلة الأخرى، ويوثق ذلك في التقارير الدولية الصادرة عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، وتقارير المنظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية وتقارير المؤسسات والمنظمات المحلية التي تؤكد على تورط الدولة التركية في ارتكاب جرائم حرب".

ونوه البيان إلى أن تهديدات تركيا وهجماتها العسكرية في الآونة الأخيرة لاحتلال المزيد من الأراضي السورية مع التركيز على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، تتزامن مع ذكرى مرور خمس سنوات على احتلال المدينة، لتنفيذ مخططاتها على امتداد الجغرافيا السورية، وإرغام السكان الأصليين على ترك منازلهم وقراهم ومدنهم، وإتاحة الفرصة للاحتلال بإحداث تغيير ديموغرافي حقيقي وجذري على الأرض.

وطالب البيان المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الضامنة في سوريا، بإدانة الدولة التركية بعد إثبات تورطها المباشر في جرائم وانتهاكات جمة بحق شعوب المناطق المحتلة، وإيقاف سياسة التتريك والتغيير الديموغرافي وتدمير معالم المدن التي تم احتلالها والقيام بواجباتهم وعدم التنصل من مهامهم القانونية والإنسانية والأخلاقية، في تحقيق السلم والأمن الدوليين وحماية المدنيين.

وشدد البيان على وجوب العمل على تقويض انعدام الاستقرار في سوريا، والبحث بجدية ومسؤولية في قضية سري كانيه/رأس العين والمدن المحتلة الأخرى، وأريافها، واتخاذ قرار مسؤول يعيد للأهالي حقّهم في العودة الآمنة، دون وجود قوى عسكرية أو احتلال، وتقليص وتحجيم دور الدولة التركية في الملف السوري، معتبراً أن هذه الخطوة بمثابة بداية جدية لمرحلة السلام في سوريا، وذلك لتهيئة الأجواء لبناء الثقة بين السوريين والبدء بحوار سوري - سوري.

وأكد البيان على ضرورة دعم حق السكان الأصليين في العودة لأراضيهم وأرزاقهم وفق مواثيق ومعايير ميثاق الأمم المتحدة، وسد الطريق أمام تغيير الهندسة الديموغرافية، التي تتبعها الدولة التركية في احتلالها لأراضي وممتلكات المدنيين، وجلب مستوطنين من الداخل والخارج وتوطينهم في تلك الممتلكات، وكذلك تقديم الدعم اللازم للمهجرين الذين يقطنون في المخيمات ومراكز الإيواء في ظل ظروف معيشية صعبة لحين عودتهم بشكل آمن دون احتلال وإرهاب.

وسلط البيان الضوء على حصيلة الانتهاكات المرتكبة في المدينة على مدى الخمس سنوات الماضية، مشيراً إلى نسبة السكان الأصليين المهجرين بلغت 87%، وتم الاستيلاء على قرابة 6000 منزل، و1700 محل تجاري.

وبحسب الإحصائيات التي جمعتها لجنة مهجري سري كانيه/رأس العين، تم توطين أكثر من 3000 عائلة في المدينة المحتلة، فيما تم جرف 5 قرى بشكل جزئي، وجرف 60 قرية بشكل كامل، أما فيما يتعلق بالانتهاكات بحق النساء، فقد ارتكبت 11 جريمة اغتصاب، خمسة منها ضد قاصرات، بينما بلغت عدد حالات الاعتقال والخفاء والإعدام الميداني والتعذيب قرابة الـ 1112 حالة.

وفيما يتعلق بالاستراتيجية والأهداف التي ستتبعها لجنة مهجري سري كانيه/رأس العين في المرحلة القادمة، فأوضح البيان، أنهم اللجنة ستستمر في المطالبة بإنهاء الاحتلال التركي "التدخل العسكري التركي في الأراضي السورية عدوان وانتهاك للسيادة السورية".

وأكد البيان على أن اللجنة ستعمل على فضح جرائم وانتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته وإعداد ملفات عن ممارساتهم الإجرامية.

كما ستعمل على عودة المهجرين من السكان الأصليين، ووقف التوطين "التغيير الديمغرافي"، وإعادة المستوطنين إلى مناطقهم ودولهم، وحشد الرأي العام الداخلي والعالمي، لتأييد القضية، وذلك من خلال البيانات، والفعاليات وتوثيق الجرائم، التي ترتكب بشكل مستمر ضد الأهالي، في منطقة سريه كانيه، والتنسيق مع وسائل العالم، لفضح تلك الممارسات.

وستتابع ملفي المفقودين، وأسرى الحرب "أبطال مقاومة سريه كانيه"، الذين تم أسرهم من قبل الاحتلال التركي والعمل على إطلاق سراحهم، والتواصل مع المنظمات الدولية والإنسانية، وحثها على تبني مخيمي "سري كانيه" و"واشوكاني" والمطالبة بفتح معبر اليعربية "تل كوجر" لتقديم الدعم وتأمين المستلزمات الضرورية.