"رعاية آمنة"... مؤسسة القاهرة تختتم برنامجها الطبي للنساء
وجود مراكز طبية آمنة للنساء احتياج حقيقي حيث تعاني الكثيرات من تبعات غياب بعض المفاهيم الضرورية في تقديم الخدمة الطبية لهن، وهو الأمر الذي قد يعرض حياتهن للخطر.
أسماء فتحي
القاهرة ـ مسألة وجود أماكن طبية آمنة هي ضرورة لا يمكن إغفالها خاصةً وإن كانت الكثيرات من النساء تتعرضن لسوء معاملة في المستشفيات الحكومية والخاصة، وذلك نتاج عدم تدريب مقدمي الخدمة على المفاهيم الأولية للتعامل معهن وتحديداً فيما يرتبط بالعنف الأسري وتبعاته عليهن.
مفهوم بيئة الرعاية الطبية الآمنة رغم أهميته إلا أن هناك قصور كبير في العمل عليه خاصةً في المناطق الريفية البعيدة عن العاصمة، وكذلك قرى الصعيد وغيرها، فرغم احتياج تلك الأماكن على وجه التحديد للعمل الدؤوب والمستمر على إتاحة الفرص والمفاهيم والتدريبات المرتبطة بذلك الملف لما له من تأثير قوي ومباشر على النساء.
وقامت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون بعقد مؤتمر ختامي لبرامج "الرعاية الطبية الآمنة للنساء"، أطلقت خلاله أول منصة إلكترونية حقوقية تتيح للنساء البحث عن مراكز طبية صديقة لهن وآمنة، وهذا المشروع نتاج عمل ثلاثة سنوات استهدف تطوير السلوك المهني لمقدمي الرعاية الطبية وتوعية متلقيات الخدمة من النساء بحقوقهن التي تكفل لهن الأمان الجسدي، والصحة، والخصوصية.
أبرز نتائج مشروع "رعاية طبية آمنة" خلال ثلاثة أعوام
قالت رئيس مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون انتصار السعيد، إن العمل في هذا الملف ليس حديثاً ولكنه بدأ في عام 2015 وتطورت الأمور للأسوأ خلال السنوات الست التالية فظلت النساء تتعرض للعنف أو الانتهاك أثناء تلقي الخدمة الطبية بدرجات، واليوم باتت تلك الأزمة حديث الساعة، مضيفةً أنه وبعد مرور ثلاثة سنوات من العمل على هذا المشروع المرتبط بتوفير رعاية طبية آمنة، تملكتنا الرغبة في التيسير على النساء لضمان وجودهن في بيئة طبية آمنة لهن، وهو ما جعلنا نصدر سلسلة من الكتيبات التوعوية لمقدمي الخدمة ومتلقيها.
وعن نتائج عمل المشروع أكدت أنهم تمكنوا من وضع مرجعية للأطباء ومقدمي الخدمات الطبية بشكل عام يوضح طرق التعامل مع النساء وخاصةً الناجيات من العنف بينهم، مضيفةً أنهم أعدوا دليل إجراءات السلامة والحماية للناجيات من العنف على جميع المستويات سواء كان طبي أو قانوني أو نفسي، كما تم إعداد مدونة سلوك مهني لمقدمي الرعاية الطبية في التعامل مع النساء أثناء تقديم الخدمة الطبية لضمان أمانهن.
واعتبرت انتصار السعيد، أن واحد من أهم إنجازات المشروع هو إطلاق أول تطبيق من نوعه في مصر والشرق الأوسط يتم من خلاله الإعلان عن أماكن طبية صديقة للنساء، مؤكدةُ على أن هناك عدد من التحديات واجهتهم خلال فترة عملهم منها إقناع متلقيات الخدمة ومقدميها بأهمية ما يقومون به من بحث وإضافات للرعاية الطبية، فضلاً عن انتشار فيروس كورونا، وتحول عدد كبير من المستشفيات لأماكن عزل المصابين، ومع ذلك تم تحقيق هذا الانجاز بوضع مرجعيات هامة من أجل إتاحة رعاية آمنة للنساء بالإضافة لتقديم الدعم القانوني للراغبين فيه.
تميز التطبيق يكمن في ضمان عدم تعرض النساء لأية انتهاكات
اعتبرت ممثلة منظمة التعاون الإيطالي من التنمية جوليانا ساردو، أن تطبيق رعاية آمنة نتاج عمل وجهد وتواصل ووقوف على أغلب المستجدات التقنية والعلمية والمجتمعية.
وعن تميز التطبيق عن غيره في هذا المجال أكدت جوليانا ساردو، أنه يختلف تماماً بمدونة سلوكه التي سيلتزم بها مقدمي الخدمة والتي تضمن للنساء الأمان والخصوصية والمعرفة المسبقة بطبيعة الفحص الذي ستخضعنَّ له.
ولفتت إلى أن التطبيق يحتوي على معلومات هامة عن سبل تلقي الخدمة الآمنة، وفيه مجموعة من الفيديوهات أيضاً التي تيسر على من لا يجيدون القراءة والاطلاع على المعلومات المرغوب بها، معتبرةً أن إتاحة تلك المعلومات وكذلك الأطباء والأماكن الملتزمين بمدونة السلوك الموضوعة في التطبيق سيضمن للنساء عدم تعرضهن لأية انتهاكات.
وقد تمكن المشروع من تعزيز قدرات أكثر من 750 من مقدمي الرعاية الطبية لتوفير العلاج المناسب للمرضى الأكثر ضعفاً من النساء. كما تم وضع وتطوير مدونة لقواعد السلوك المهني لمقدمي الرعاية الصحية. وتم تقديم المساعدة القانونية للآلاف من النساء ضحايا العنف والحصول على 450 حكماً قضائياً لصالح الناجيات من العنف وحماية الحقوق الشخصية، بحسب ما أوضحت جوليانا ساردو.
تدريبات لمقدمي الرعاية الصحية
ممثلة نقابة تمريض القصر العيني الفرنساوي رضا عبد الهادي، التي تدربت خلال مدة المشروع وباتت منسقة له في محافظات القاهرة الكبرى، قالت إنها كانت جزء من المشروع، معتبرةً أن فكرة تقديم التدريب على التمريض خطوة هامة ومؤثرة ورائعة أفادت إلى حد كبير كل من حضره.
وأشارت إلى أن إحدى أهم المعلومات التي حصلت عليها في التدريب تمثلت في حقوق متلقي الخدمة المتنوعة سواء كانت جسدية أو نفسية أو غير ذلك، فبعض تلك الأمور نتاج ضغط العمل قد لا يتم الالتفات لها، معتبرةً أن المشروع أفاد أيضاً متلقيات الخدمة اللواتي سيتمكنَّ من خلال التطبيق الجديد من وضع تقييمهن ومقترحاتهن وشكاويهن وهو ما سيساهم في تحسين الخدمة بشكل عام.
محتويات تطبيق "رعاية آمنة"
يحتوي التطبيق على مدونة السلوك المهني لمقدمي الرعاية الطبية، وكذلك دليل إجراءات السلامة والحماية، وهناك مجال لتقديم الدعم القانوني، وكذلك الدعم النفسي من خلاله، وفيه أيضاً جزء مخصص لتلقي الشكاوى والمقترحات.
ويضم ثلاثة أقسام أحدها مخصص للبحث عن عيادة في المحيط الجغرافي والتخصص المرغوب في اختياره من خلال فلاتر بحث المنصة، والثاني لتقديم الشكوى كما يمكن من خلاله إرفاق أوراق أو مستندات وصور ضوئية يعمل عليها فريق المساندة بالمؤسسة، وأخيراً قسم التقييم والمقترحات الذي يفتح المجال أمام متلقيات الخدمة لوضع كل ما يجول بخاطرهن بشأن تطوير الخدمة والمراكز الطبية.
وجميع من يقترحهم التطبيق من أطباء ومراكز ملتزمين بمعايير السلوك المهني لمقدمي الخدمة وهو الأمر الذي يوفر مجال أوسع أمام النساء من الأمان أثناء اختيار طبيبهن أو مركزهن الصحي.
والجدير بالذكر أن المؤتمر الختامي لمشروع "رعاية آمنة" تم خلاله عرض فيلم تسجيلي لثلاث نساء حول العنف الطبي خلال تلقي الخدمة تحدثن خلاله عن تجاربهن المريرة التي وصلت لحد الإهمال.
وعملت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون في مشروع "رعاية طبية آمنة للنساء" بالتعاون مع منظمة التعاون الإيطالي من أجل التنمية "COSPE"، ودعم من مفوضية الاتحاد الأوروبي في القاهرة ووزارة الخارجية الهولندية لتطوير السلوك المهني لمقدمي الرعاية الطبية وتوعية متلقيات الخدمات الصحية بالحقوق التي تكفل لهن الصحة، والأمان الجسدي، والنفسي، والخصوصية من أجل توفير رعاية طبية آمنة لهن.