نزوح كبير والأزمة في تفاقم مع اتساع رقعة الهجمات الإسرائيلية

مع اشتداد وتيرة الهجمات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، سُجلت أعداد هائلة من النازحين اللبنانيين بالإضافة إلى اللاجئين السوريين، حيث تم تقدير الأعداد بما يتجاوز مليون نسمة.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ تسببت الهجمات الإسرائيلية على لبنان بحركة نزوحٍ داخلية واسعة، حيث قدرت الأعداد بما يتجاوز مليون نسمة، كما وبلغ عدد القتلى في آخر حصيلة منذ 8 أيلول/سبتمبر وحتى 28 الفائت، الـ 1640، فضلاً عن وجود مفقودين وقتلى تحت الركام.

تسببت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة بحركة نزوح خانقة استمرت لساعات طويلة، وتولت خلايا الأزمة التي استحدثت في القرى والبلدات تسجيل النازحين الجدد ليتم وضعهم في أماكن الرعاية والمدارس، فيما افترش الكثيرون الطرقات، وسجلت حركة كثيفة على المعابر الحدودية باتجاه سوريا، ولا سيما على معبر المصنع - جديدة يابوس، كونه الأقرب للقادمين من أغلب المناطق اللبنانية التي يتم استهدافها، مع تخوف من ازدياد أعداد النازحين في ظل توسع رقعة الاعتداءات خصوصاً الاجتياح البري، وعدم وجود أي أمل بحلها في المستقبل القريب.

قالت مديرة المدرسة المتوسطة عاليه الرسمية المختلطة حنان اللحام "تضم المدرسة حتى الآن نحو 214 نازحاً ويمكن أن يزداد هذا الرقم، وهناك عائلات تأتي وأخرى تغادر بشكل منظم ومسجل"، مشيرةً إلى أنه "تم تشكيل خلية أزمة من أجل تأمين كل احتياجات النازحين ولا نزال بحاجة إلى الكثير، بمعنى أن عدد السكان اليوم في مدينة عالية قد تضاعف ثلاث وأربع مرات".

وأشارت إلى أن هناك مشكلة في موضوع المياه، فالمدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء تفتقر إلى المياه النظيفة " لا بد من توفير الاحتياجات الأساسية للنساء فمنهن من لديهن أطفالاً رضع ويجب توفير الحليب لهم"، لافتةً إلى أن الأوضاع لاتزال غير واضحة حيال ما إذا كانت الحرب ستنتهي أو ستطول "إذا طالت الأزمة يجب أن نضع خطة لتوفير كل احتياجات النازحين ونكون على استعداد لاستقبال أعداد أخرى".

 

 

من جانبها قالت الدكتورة وعضو مجلس بلدية مدينة عاليه منى عقل "كنا مهيئين لمثل هذا النزوح نتيجة الهجمات المستمرة، وكانت لدينا خلية أزمة ما زالت مستمرة في العمل منذ جائحة كورونا، ومع بداية وصول النازحين من الجنوب بدأنا بتحويلهم إلى المدارس وإعداد قاعدة بيانات نسجل من خلالها أعدادهم"، مشيرةً إلى أن مراكز الإيواء تزداد خصوصاً وأن الأوضاع تتجه نحو الأسوأ "كنا مجهزين لاستقبال عدد معين، ولكن الأعداد الكبيرة لا تسمح لنا بتوفير كل احتياجاتهم".

 

 

بدورها أوضحت هلا حمزة نازحة من بلدة كفر رمان ـ قضاء النبطية "نزحنا من كفر رمان واستمرت رحلتنا ساعات طويلة وشهدنا الويلات حتى وصلنا إلى مدينة عاليه، ونحن الآن في مركز النزوح بانتظار ما سيحصل بعد ذلك"، لافتةً إلى أنهم كانوا يمتلكون منازل ولكنهم أجبروا على النزوح منها نتيجة القصف العنيف الذي طال منطقتهم، إضافة إلى الدمار.

 

 

وقالت المسؤولة في منظمة "الشباب التقدمي" في مدرسة "القرية" الرسمية المتوسطة جوانا طربيه "تضم مجموعتنا 13 شخص بينهم 8 فتيات، فضلاً عن منظمة الشباب التقدمي الذي يضم عدداً من أبناء بلدتنا يعملون على تأمين متطلبات النازحين عبر توثيق الأعداد والأرقام والاحتياجات"، مضيفةً أنهم يعملون مع الجمعيات والأفراد لتأمين جميع احتياجات النازحين، كما هناك مبادرات فردية من بعض المواطنين لتأمين ما يحتاجون إليه ويقومون بتأمينه.

وأوضحت أنهم يقومون بتأمين المستلزمات والاحتياجات الخاصة بالنساء، وبالنسبة للنساء الحوامل يعملون على توفير الأدوية التي تحتجنها، فضلاً عما إذا كانت بحاجة لمراجعة الطبيب، بالإضافة إلى تأمين المكان المناسب للمرضى وتوفير أدويتهم.

وقالت في ختام حديثها "يجب ألا ننسى أن النازحين واجهوا ظروف الحرب، لذلك نعمل على دعمهم من الناحية النفسية خصوصاً الأطفال"، مضيفةً أن هناك جمعيات تواصلت معهم من أجل إرسال مختصين لتقديم الدعم النفسي للنازحين.

وقد شهدت المعابر السورية اللبنانية أزمة خانقة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية، وكشف وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، أن عدد النازحين حالياً في مراكز الإيواء والمسجلون رسمياً بلغ 70 ألفاً و100 نازح، موجودون في 533 مركزاً.

وخلال اليومين الماضين فقط، سجل الأمن العام عبور 156 ألف سوري، و16130 لبناني، إلى الأراضي السورية، ويحتاج النازحين إلى مراكز إيواء خصوصاً أن عدد كبير منهم موزعون داخل الحدائق العامة وفي الشوارع وعلى الشاطئ البحري، إضافة إلى أن بعض المراكز تعاني من نقص في الاحتياجات الأساسية، والمستلزمات الضرورية للنازحين.