التدريب جزء هام من خطط نشر الجنولوجيا والتعريف بها

للتدريب أهمية كبيرة في تطوير علم المرأة وله طرق مختلفة، وقد توصل الجنولوجيا للعديد من النتائج السوسيولوجية كما بين في الكونفرانس الثاني الذي عقده في مدينة الحسكة.

سناء العلي ـ شيرين محمد

الحسكة ـ تناول الكونفرانس الثاني للجنولوجيا في إقليم شمال وشرق سوريا الذي استمر ليومي 25ـ26 أيلول/سبتمبر التدريب، وأهميته في التوعية، باعتبارها الأساس من أجل النهوض بواقع المرأة، منطلقاً من شعاره "تتجدد حكمة المرأة بالجنولوجيا".

جاء في المحور المتعلق بالتدريب أنه "منذ التاريخ كان كل من التدريب والعلم ظاهرتين مترابطتين ومتممتين لبعضهما البعض من الثقافة المعرفية للمرأة التي كانت التلميذة المثلى للطبيعة المعلمة، نستطيع القول إنه لا يمكن للعلم أن يوجد بدون تدريب لأن أكثر المعارف المنتظمة مرتبطة بالعلم، فالتدريب شرط أساسي كما أنه من الصعب تحديد محتوى التدريب بدون العلم".

وأغنت المداخلات المحور الذي شهد تفاعلاً كبيراً من قبل المشاركات، اللواتي طالبن بتوسيع علم المرأة وألا يبقى محصوراً ضمن بعض المراكز والمؤسسات، كما تم تقييم بعض النقاط التي ناقشها الكونفرانس، وأثنت الحاضرات وخاصةً الضيفات من مدينة الرقة على جهود نشر فكر الحرية الذي ساهم في تحريك المياه الراكدة في مدينتهن والمتمثلة في العقلية الذكورية والعشائرية التي ترفض أي دور للمرأة وذلك من خلال التدريب.

واعتبرت المشاركات أن المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا حافظت على المكتسبات، وأن واجب عليها ألا تكتفي بذلك بل أن تسعى دائماً من أجل تطوير هذه المكتسبات، مؤكدات أن التدريب غير شخصية المرأة التي لم تكن عارفة بشدة الظلم الذي تتعرض له، وغير قادرة على الرفض أو حتى الشكوى باعتبار العنف جزء من تقاليد المجتمع الذي أسسه الرجل لخدمة السلطة والعبودية التي تبدأ ضد المرأة في المنزل وتصل إلى أعلى المستويات، وتقع ضحيتها المجتمعات بمختلف مكوناتها وليس المرأة فقط، وأن هذا العنف يستهدف البيئة أيضاً.

وشددت المشاركات على أن فلسفة المرأة الحياة الحرية التي عرفت على مستوى العالم باللغة الكردية بشعار Jin Jiyan Azadî ساهمت في تعريف النساء بهويتهن ووحدت صفوفهن.

 

"التدريب يكشف الحقائق المخفية"

حول ذلك قالت العضو في مركز الجنولوجيا أوريفان عبدي أن "للجنولوجيا أهمية كبيرة لا سيما أنه علم جديد، وهنالك أهمية لمعرفة المرأة لشخصيتها وتاريخها، كونها حاملة شعلة ثورة المرأة في المنطقة ويقع على عاتقنا نشر علم المرأة ليتعرف عليه كافة أفراد المجتمع".

وعن تأسيس علم المرأة المعروف بدمج المفردة الكردية "جين" التي تعني المرأة وكلمة العلم باللغة اللاتينية ليصبح جنولوجيا قالت "عام 2008 اقترح القائد عبد الله اوجلان في كتابه سوسيولوجيا الحرية أن نكتب تاريخ المرأة من جديد وأن نكشف الحقائق المخفية ونظهر دور المرأة في التاريخ والحياة وأن نعيد تفعيله في مجتمعاتنا، وبذلك يمكننا إعادة حقوق المرأة المسلوبة منها".

وبينت أن التدريب من أهم الوسائل من أجل تحقيق ذلك "التدريب أحد أهم أعمال الجنولوجيا حيث يتم اعطاء دورات تدريبية عن الجنولوجيا والحياة الندية الحرة، ومن خلال هذه التدريبات نسعى بشكل عام تقوية المرأة وتعريفها بحقيقتها لتصبح مثقفة من ناحية تاريخها".

وأضافت "مع تعريف المرأة بحقيقتها نستطيع أن نطور المجتمع معها بشكل خاص وكذلك حين تتغير أفكار الرجل يمكننا أن نسير بخطوات كبيرة في مسيرة تحرير المرأة، فمن خلال الجنولوجيا نسعى لبناء علاقة متينة بين الجنسين وتصحيح العلاقات المجتمعية".

واعتبرت أن "من أحد مكتسبات ثورة المرأة هو علم الجنولوجيا وتطبيقه على أرض الواقع فعندما نقول ثورة المرأة هنا، يجب أن نعرف ما هي حقيقتها وتاريخها لنؤكد بأن ثورتنا تسير في الطريق الصحيح، ولذلك على المرأة أن تساهم أكثر في تحريرها من خلال العودة إلى جوهرها".

 

 

منهجية مميزة للجنولوجيا

فيما تطرقت علياء عثمان العضو في أكاديمية الجنولوجيا لمنهجية البحث لدى الجنولوجيا مؤكدةً أن "المنهجية هي من أهم أساليب المعرفة ويتم وضع أسسها لتحليل الواقع للوصول للمعرفة والحكمة".

ولفتت إلى الأساليب الخاطئة في البحث وما هو الأسلوب الذي يمكن للجنولوجيا أن تتبعه "الأساليب العلمية بعيدة عن الواقع وتؤسس للبنى السلطوية سواء كانت تعتمد على الذات والموضوع أو تجزئة العلم او الديالكتيك الهدام، وقطع الميتافيزيقيا عن الحياة وبالتالي نتيجة هذه الأساليب الخاطئة التي كانت أحد أسس المنهج العلمي في أوروبا وهو المنهج الرئيسي نشأت العديد من المشكلات والقضايا".

وأضافت "بالتأكيد هناك نقد للمنهج العلمي الوضعي الذي بدأ منذ بداية القرن الماضي، ونحن لا نفترض أننا سنأتي بأسلوب جديد بالبحث وإنما سنعتمد على تراث الشعوب والاستفادة من تاريخ الشرق الأوسط وتجربة المرأة في العالم عبر تاريخ المرأة وعلومها وكيف يمكن أن نستفيد منها خاصة أن كل ما يرتبط بعلم المرأة كان يعتبر خارج العلم فبالتالي مع هذه المنهجية وإعادة شرح هذه الأفكار نكتب التاريخ من جديد".

ولفتت إلى الفقرة الفنية خلال الكونفرانس والتي ضمت ثلاثة أجيال من النساء وهن تنشدن المواويل "عبرت النساء عن حالات انفعالية مررن بها وأسلوبنا في البحث يقوم على أخذ حكمة الشعوب والنظر في التراث اللامادي للشعوب وكذلك المادي".

وحول سؤالنا عن أهمية التغلب على الفصل بين الذات والموضوع أجابت "من المشكلات المنهجية هي الفصل بين الذات والموضوع أي أن كل شخص يرى نفسه ذات وكل ما حوله موضوع مادة، يمكنه التصرف بها، هذا التصرف دخل إلى كل البنى الفكرية للمجتمع من العلاقة بين الجنسين إلى العلاقة مع الطبيعة والعلاقة بين المجتمعات وحتى علاقة الإنسان مع نفسه، حيث يعلن نفسه العقل العملي الذات، والعقل العاطفي موضوع هنا نرى أن التجزئة التي دخلت كل كيانات الحياة كان لها تأثير في تأسيس البنى السلطوية، والتي تعتمد بنفس الوقت على تقييمات الذات والموضوع في مفاهيم الإبادة ومحو الهوية وخلو الإنسانية من المعنى الأخلاقي والحرية لهذه الشعوب".  

وأكملت حول الخطأ المرتكب في منهجية الفصل بين العلوم "العالم أجمع يواجه مشكلة في النظرة المجزئة للقضايا، فلا يمكن حل قضية دون النظر إلى بقية القضايا، فنحن بحاجة إلى مظلة تضم كل هذه الأفكار، فلن تفلح محاولات إيجاد الحلول من كافة الجوانب"، لافتةً إلى أن طريقة جنولوجيا تقوم على "تقييم الظاهرة والنظر من كافة الجوانب فمن الممكن أن تكون بيئية أو سياسية أو تاريخية أو جغرافية أو تتعلق بالتدريب أو الصحة وغير ذلك".

وأكدت أنه "لا يمكن أن نقيم أي موضوع بجانب واحد ونقول هذه الحقيقية لأن الحقيقة تحتاج لتقييم أي قضية نسعى للوصول إليها وتحتاج لنظرة من كل الجوانب".

 

"الحياة بدون أسطورة هي حياة بلا معنى"

وحول أهمية البحث في الأسطورة تساءلت "من منا يعيش بلا خرافة أو أسطورة؟ فهي ركيزة أساسية في الاستقرار الاجتماعي والنفسي وفي المعتقد الذي نعيش وفقه فالحياة بلا أسطورة هي حياة بلا معنى، لذلك من طرق إضافة المعنى للحياة هي الأسطورة، ولكن تم استغلالها من قبل الأنظمة السلطوية، وخلق أسطورة تتصل في خلق البنى التي أدت لظهور المشاكل، مثل خلق المرأة من ضلع الرجل فلها جانب أسطوري، وليس ديني فقط لتصبح حجة ضد المرأة".

وأكدت على أنه كجنولوجيا استفدنا من أفكار القيادة وحركة حرية المرأة الكردية، وبقدر ما نستطيع أن نجعل هذه الفكرة عالمية، فإننا لم نصل بعد إلى هذا المستوى. لكن حتى الآن، في الأساليب الحالية، في الكتيبات وقصص الأمهات حتى في الرموز التاريخية، نرى كيف تم تنفيذ التناقض والخداع على المجتمع، ومهما كانت أساليبنا في الجنولوجيا غنية، فإن تلك الطريقة تعود إلى واقع النساء اللواتي تبحثن عن الحقيقة وتطورن حقيقة المجتمع الأخلاقي. فالعلم المبني على هذا الحب سوف ينير طريق النساء في جميع أنحاء العالم. هدفنا المتمثل في نشر فلسفةJin Jiyan Azadî ممكن أيضاً من خلال هذا".

واختتمت حديثها بالقول إن "جميع مجالات الحياة مرتبطة بالأسطورة وهي تبحث عن الأجوبة لجميع تساؤلات الإنسان".