"نحو تمكين حقيقي للمرأة"... ندوة في الجزائر
ناقشت المشاركات في الندوة، العديد من القضايا التي تتعلق بالتمكين الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمرأة، بالإضافة إلى دور التشريعات والقوانين في تعزيز حقوقها وحمايتها.

نجوى راهم
الجزائر ـ تزامناً مع اليوم العالمي للمرأة، نظمت جمعية "حورية" للمرأة الجزائرية، أمس السبت 8 آذار/مارس، ندوة تحت عنوان "نحو تمكين حقيقي للمرأة" في مقر الجمعية بحضور مجموعة من الأكاديميات، البرلمانيات، والمقاولات اللواتي تناولن موضوعات تخص تمكين المرأة في الجزائر ودورها الفاعل في المجتمع.
بدأت الندوة بكلمة من سهام شريف، الباحثة المتخصصة في قضايا المرأة ورئيسة مخبر الدين والأسرة، التي قدمت مداخلة هامة حول أهمية التمكين الاجتماعي للمرأة كونه يعد حجر الزاوية في بناء المجتمع.
وشددت على ضرورة أن يتم تبني مفهوم التمكين ضمن السياق الجزائري المحلي بعيداً عن السياقات الغربية التي قد لا تتناسب مع الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمع الجزائري.
كما تناولت سهام شريف الجوانب المختلفة للتمكين الاجتماعي للمرأة، مشيرةً إلى أنه لا يقتصر على المجال الاقتصادي فحسب، بل يشمل أيضاً الثقافة والتعليم والمشاركة في صنع القرار، مؤكدة أن التمكين الاجتماعي للمرأة لا يتحقق فقط من خلال رفع الوعي المجتمعي، بل أيضاً عبر تفعيل القوانين الداعمة للمرأة وتعديلها بما يتناسب مع متطلبات المجتمع الجزائري وتحدياته الحالية.
وأضافت أن دور المرأة في المجتمع الجزائري يجب أن يعزز بشكل أكبر من خلال توفير فرص متكافئة لها في جميع المجالات، معتبرة أن هذا هو السبيل لبناء مجتمع قوي ومستدام.
وسلطت سهام شريف الضوء على العلاقة الوثيقة بين تمكين المرأة والتنمية المستدامة، حيث رأت أن المرأة هي نصف المجتمع، ولها دور أساسي في تحريك المجتمع ككل نحو التقدم والازدهار. وقد استشهدت ببيت الشعر الشهير "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق"، لافتةً إلى أن تمكين المرأة في مختلف المجالات سيؤدي إلى خلق جيل متوازن وفاعل يمكنه المساهمة في بناء المستقبل.
المرأة لا تحتاج لتقليد الأدوار الرجالية
من جهتها، أكدت عائشة سرير، رئيسة جمعية حورية، أن تنظيم هذه الندوة جاء في سياق الحاجة إلى توضيح الأدوار التي يمكن أن تلعبها المرأة في المجتمع، مؤكدة أن المرأة الجزائرية قادرة على تحقيق أهدافها وإحداث تغيير إيجابي في المجتمع من خلال إيمانها بقدراتها وطاقاتها الكامنة، دون أن تكون مضطرة لتغيير هويتها أو ثقافتها.
وأضافت أن المرأة الجزائرية قد أثبتت عبر التاريخ أنها قادرة على التكيف والتطور، مع الحفاظ على أصالتها الثقافية والحضارية، مشددة على أن الحفاظ على الهوية الثقافية الجزائرية والعربية أمر لا يمكن التخلي عنه، مشيرة إلى أن المجتمع الغربي قد بدأ يعيد النظر في حقوق كانت محفوظة منذ سنوات طويلة في ثقافاتنا، وهو ما يعكس قوة هذه الحقوق وقدرتها على الصمود.
وأشارت عائشة سرير إلى التطور الكبير الذي شهدته المنظومة التشريعية في الجزائر في السنوات الأخيرة لصالح حقوق المرأة، موضحة أن العديد من القوانين الجديدة قد تم إقرارها في مجالات التعليم والمساواة بين الجنسين والرعاية الصحية، مما يعكس التزام الحكومة الجزائرية بتعزيز دور المرأة في المجتمع.
وأضافت أن هذه التعديلات القانونية تمثل خطوة هامة نحو تحقيق المزيد من العدالة والمساواة بين الجنسين، وأن الجمعية تعمل بشكل مستمر لدعم هذه التحولات في التشريعات.
القوانين لا تكفي وحدها لإنهاء العنف ضد المرأة
في مداخلتها، تحدثت فطيمة سعيدي، البرلمانية السابقة وعضو حركة مجتمع السلم، عن التقدم الذي حققته المرأة الجزائرية في إطار الدستور والقوانين، مؤكدة أن هذه التشريعات قد أحدثت نقلة نوعية لصالح حقوق المرأة، وأن إرادة المرأة وإيمانها بقدراتها كان لهما دور كبير في هذه التغيرات.
ولكنها أشارت إلى أن القوانين وحدها لا تكفي لإنهاء العنف ضد المرأة، بل يجب أن يتم تبني مقاربات شاملة لمواجهة هذه الظاهرة على جميع الأصعدة، لافتةً إلى أن العنف ضد النساء هو مسألة مجتمعية تؤثر على جميع فئات المجتمع، وبالتالي يجب أن تكون الحلول متكاملة وملائمة لجميع الأطياف المجتمعية.
تثمين قرار تمديد عطلة الأمومة
كما اعتبرت فطيمة سعيدي أن قرار تمديد عطلة الأمومة من ثلاثة إلى خمسة أشهر، خطوة هامة نحو تعزيز حقوق المرأة، مشيرةً إلى أن هذا المطلب كان من المطالب الأساسية التي ناضلت من أجلها العديد من المنظمات النسائية في الجزائر.
واختتمت الندوة بالتأكيد على ضرورة تعزيز دور المرأة في المجتمع الجزائري من خلال تمكينها اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً. كما أكد المشاركين أن تحقيق هذا التمكين يتطلب مواصلة تحسين التشريعات وتفعيل القوانين الداعمة للمرأة، فضلاً عن تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية دور المرأة في جميع المجالات. كما تم التأكيد على أن تمكين المرأة هو العامل الرئيسي لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة في الجزائر.