نازحات عفرين: سنعود حين يخرج المحتل من أراضينا
عبّرت نازحات من عفرين عن تمسكهن بالعودة إلى ديارهن بعد خروج المحتل، مؤكدات أن المعاناة لم تكسر عزيمتهن "عشنا النزوح مرتين، واجهنا صعوبات كثيرة، لكننا لم نفقد إرادتنا. حين يخرج المحتل من أراضينا، سنعود ونعيش بكرامة".
زينب عيسى
قامشلو ـ وسط فوضى الحرب والتهجير القسري، اضطر عشرات الآلاف من سكان عفرين إلى مغادرة أراضيهم نتيجة الهجمات العنيفة التي شنها الاحتلال التركي. تاركين خلفهم منازلهم، ذكرياتهم، وأشجار الزيتون التي كانت شاهدة على تفاصيل حياتهم اليومية. لكن النزوح لم يكن نهاية القصة، بل بداية فصل جديد من النضال والمقاومة.
رغم الصعوبات التي واجهوها خلال نزوحهم من عفرين إلى الشهباء، ثم إلى مقاطعة الجزيرة، لم يستسلم النازحون للواقع المفروض عليهم. بل بادروا إلى تأسيس الكومينات، وبناء حياة جماعية تقوم على التعاون، المقاومة، والإصرار على إعادة إعمار مجتمعهم.
رحلة الألم والصمود
روت سوسن خليل إحدى نازحات تفاصيل نزوحها عام 2018 قائلة "خرجنا من عفرين تحت القصف والتهديد، قضينا ثلاثة أيام في الطريق لا نعرف وجهتنا، حتى وصلنا إلى الشهباء. لم يكن هناك شيء، لكننا بنينا كل شيء من الصفر، أنشأنا كومينات ومجالس شعبية لإدارة شؤوننا".
وأشارت سوسن خليل إلى المعاناة التي واجهوها في الشهباء بسبب الحصار الذي فرضته حكومة دمشق "كنا محاصرين، لم يُسمح لنا بالحصول على ضروريات الحياة. في الشتاء، لم يكن هناك وقود للتدفئة، مات العديد من الأطفال حديثي الولادة بسبب البرد القارس".
وأكدت "لن نعود إلى عفرين ما دامت مرتزقة الاحتلال التركي موجودة. لأننا سمعنا بما كان يحدث في عفرين من عمليات خطف وعنف وقتل واغتصاب مستمرة. حتى أنهم يُدرّسون اللغة التركية لهؤلاء الأطفال في المدارس. لماذا لا نملك حق التحدث بلغتنا الأم؟ بسبب هذه الانتهاكات، لن نعود إلى عفرين طالما تلك المرتزقة موجودة".
وأوضحت أنه رغم الصعوبات، فقد أنشأوا كوميناتهم ومجالسهم الخاصة، وينظمون أنفسهم "بعد أن عشنا معاناة لمدة 7 سنوات في الشهباء، عاود الاحتلال التركي شن هجماتها الوحشية علينا. أجبرونا على النزوح إلى مقاطعة الجزيرة مرة أخرى في يوم واحد. كان نزوحنا من الشهباء أصعب من مدينة عفرين، إذ ارتُكبت بحقنا انتهاكات وجرائم قتل كثيرة".
"سنعيد بناء مجالسنا وكوميناتنا هناك"
"بعد ثلاث أيام من معاناة النزوح القاسية وصلنا إلى مقاطعة الجزيرة"، مشيرة إلى أن استقبال أهالي الجزيرة كان حافلاً بالترحيب والدعم "استقرينا من جديد في الجزيرة، وأعدنا تنظيم أنفسنا كأهالي عفرين. أسسنا كوميناتنا، وبدأنا بزيارة منازل النازحين من عفرين. من خلال هذه التنظيمات، لم نغلق باب العودة أمامنا. سنواصل المقاومة حتى نعود إلى أرضنا، عفرين، ونبني هناك مجالسنا وكوميناتنا من جديد تحت مظلة الإدارة الذاتية".
58 يوماً من الصمود في وجه الاحتلال
من جهتها، أثنت عائشة غيدرو على صمود أهالي عفرين في وجه الهجمات التركية "واجهنا معركة شرسة خلال هجمات الاحتلال التركي على عفرين، وصمدنا بلا خوف لمدة 58 يوماً. رغم كل الانتهاكات، لم تنجح في كسر إرادتنا، لكنها أجبرتنا على النزوح في 16 آذار 2018 عبر الطائرات الحربية".
وأوضحت أن رحلة النزوح إلى منطقة الشهباء كانت شاقة، وأنهم واجهوا ظروفاً صعبة في المخيمات، لكنها شددت على أن تلك المعاناة لم تضعف عزيمتهم "رغم كل الصعوبات، لم نتخلّ عن حلم العودة. قلنا لأنفسنا: سنعود إلى عفرين مهما طال الزمن".
وأكدت أن الأمل بالعودة إلى الديار لا يزال حياً رغم التهجير المتكرر "هاجمتنا مجدداً مرتزقة الاحتلال التركي، وأجبرتنا على مغادرة الشهباء. واليوم، استقرينا في قامشلو. نحن نُدير شؤوننا بأنفسنا، وندرك تماماً مسؤوليتنا. سنواصل تنظيم المسيرات والمطالبة بعودة كريمة إلى أرضنا. ومهما كانت التحديات، لن نتراجع. بعد العودة الكريمة، سنبني حياتنا من جديد في عفرين".
"ننزح مرة بعد مرة... لكننا لا ننسى"
من جانبها، روت أمينة محمد تفاصيل نزوحها المؤلم، مشيرة إلى أن معركة احتلال عفرين كانت من أقسى التجارب التي مرت بها "واجهنا عدواناً شرساً، كانت 72 طائرة تركية تحلق فوق عفرين، ومع ذلك صمدنا 58 يوماً. اضطررنا للمغادرة، وتركنا خلفنا ذكرياتنا وأيامنا الجميلة".
بعد مغادرتهم عفرين، توجهت أمينة محمد إلى منطقة الشهباء، حيث عاشوا سبع سنوات في ظروف قاسية، قاوموا فيها الألم والحرمان. وتقول "رغم المعاناة، تمسكنا بالأمل. لكننا تعرضنا لهجوم جديد، وفي غضون ساعات قليلة، أُجبرنا على الخروج من الشهباء أيضاً".
وأوضحت "نعيش اليوم في قامشلو، لكن قلوبنا لا تزال في عفرين. لن نعود إلا عندما تتحرر أرضنا من الاحتلال. حين يخرج المحتل،