معتقلات تصفن ظروف سجن قرتشك بـ "الموت البطيء"

عقب الهجوم الصاروخي على سجن إيفين ونقل السجينات إلى سجن قرتشك بورامين، نُقلت عدد من السجينات اللواتي نُقلن سابقاً إلى صالة الألعاب الرياضية في السجن إلى الحجر الصحي، ووصفت السجينات ظروف السجن بـ "الموت البطيء".

مركز الأخبار ـ نُقلت السجينات السياسيات، اللواتي تم نقلهن سابقاً إلى الصالة الرياضية في سجن قرتشك بورامين في إيران خلال الهجوم الصاروخي للقوات الإسرائيلية على سجن إيفين، فجأة إلى قسم الحجر الصحي في هذا السجن دون سابق إنذار.

تشير التقارير إلى أن عملية النقل نُفذت تحت ضغط وعلى عجل، حيث مُنح كل سجينة دقيقتين فقط للتواصل مع ذويها، ولم يُسمح لهم بأخذ متعلقاتهن الشخصية معهن، ونُقل العديد منهن إلى الحجر الصحي دون توفير أبسط مقومات الحياة، وهو مكان يفتقر حتى لأبسط المرافق الإنسانية.

 

"تريد تركنا نموت بسهولة"

ووصفت مهوش (سايه) صيدال، السجينة السياسية التي تم نقلها من سجن إيفين إلى قرتشك، ظروف الحجر الصحي بأنها "موت بطيء" في ملف صوتي صدر من داخل السجن، قائلة "لم يقتلنا القصف الأمريكي والإسرائيلي، بل أوصلتنا الجمهورية الإسلامية إلى مكان قتلتنا فيه عملياً".

وفي إشارة إلى الأجواء الانتقامية السائدة في النظام القضائي للجمهورية الإسلامية، تضيف "يبدو الأمر كما لو أنهم يريدون تحميلنا مسؤولية إسرائيل وأمريكا.

وحسب قولها، يُحتجز السجناء في بيئة غير صحية في جو مليء بالروائح الكريهة "الجميع محشورون في حجر صحي. المراحيض صحراء قاحلة. الحمام؟ إنه كحمام صحراوي تفوح منه رائحة التراب في كل مكان. حتى الماء... الماء الذي نرشه على وجوهنا مالح. الطعام غير صالح للأكل إطلاقاً. لقد أوصلتنا الجمهورية الإسلامية إلى وضعٍ يبدو فيه أنها تريد تركنا نموت بسهولة".

 

"سجن قرتشك عبارة عن سلسلة من الحظائر"

بدورها كتبت فيدا رباني، وهي سجينة سياسية سابقة، عن نقل السجينات السياسيات إلى سجن قرتشك بورامين "كان سجن إيفين رمزاً للمقاومة والنضال. لوقت طويل، سعوا لنقل النساء من الجناح الخامس إلى الجناح السادس، وكلما انتشرت شائعات النقل، كان الجميع يصابون بالذعر والقلق، ويرسلون ممثلاً للتفاوض مع مسؤول السجن ويقولون "لا تذكروا الأمر". والآن؟ نُقل الجميع إلى سجن قرتشك. إذا لم تكن سجين لن تفهم عمق مأساة النقل. في آذار، عندما كنت في إيفين، قيل لي إن أمر نقلكِ إلى قرتشك قد صدر. قال الجميع: ربما يريدون إطلاق سراحكِ من هناك. أما أنا؟ كنت مستعدة للعيش عاماً آخر دون أن أنقل أو أن يُطلق سراحي فوراً. النقل مؤلم كإعادة الاعتقال والسجن. في سجن إيفين حققنا حريات بعد كفاح طويل. جلستُ أمام مكتب السجن لساعات طوال أسبوع كامل حتى تمكنتُ أخيراً من الحصول على فرشاتين وألوان من لوازم الرسم خاصتي. في إحدى الليالي حتى الصباح، جلسنا في الممر مع سبيدة قليان ونرجس محمدي لإنهاء قصة المضايقات وتسليم أغراض السجينات. والآن؟ كل شيء ذهب سدىً... لا يمكن حتى تسمية سجن قرتشك "سجناً"، إنه عبارة عن سلسلة من الحظائر التي لا تحتوي على عدد كافٍ من النوافذ كزنازين السجن رقم 209، كما أن الهواء يأتي من محرقة نفايات أي ملوث".

 

حالة مقلقة

أعربت حملة إطلاق سراح الناشطة في مجال حقوق المرأة والسجينة السياسية المحكوم عليها بالإعدام، وريشة مرادي، عن قلقها العميق إزاء الحالة الصحية لهؤلاء السجينات، وخاصة المحكومات بالإعدام، بعد نقل السجينات السياسيات من جناح النساء في سجن إيفين بطهران إلى سجن قرتشك بورامين.

ووفقاً لتقرير نشرته الحملة، نُقلت سجينات هذا العنبر إلى سجن قرتشك بعد الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين. أُقيموا في البداية في صالة الألعاب الرياضية التابعة للسجن، ثم في غرف الحجر الصحي، وقد أدى هذا النقل إلى صعوبة بالغة في ظروف المعيشة، وخاصةً في الحصول على الخدمات الطبية والعلاجية، لجميع السجناء، وخاصةً السجناء المرضى مثل وريشة مرادي.

سبق أن حُرمت وريشة مرادي من الرعاية الطبية المناسبة، وحُرمت من العلاج خارج السجن، ورغم أن الحملة لا تملك معلومات دقيقة عن حالتها الصحية حالياً، فلا شك أن هذا الحرمان مستمر في سجن قرتشك.

أعربت "حملة إطلاق سراح وريشة مرادي" عن قلقها البالغ إزاء الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان للسجناء السياسيين، داعية إلى إجراء تحقيق فوري في صحة وعلاج هؤلاء السجناء، فضلاً عن الإفراج غير المشروط عن وريشة مرادي ونقلها الفوري إلى مراكز طبية متخصصة خارج السجن.

وصل وضع السجينات السياسيات في إيران إلى حالة مقلقة، لا سيما بعد التطورات الأمنية والإقليمية الأخيرة، ويُعدّ نقل السجينات بشكل مفاجئ وغير مُعلن إلى الحجر الصحي، في ظروف تفتقر إلى أدنى المعايير الإنسانية، مؤشراً على استمرار سياسة القمع والإذلال ضد المعارضين السياسيين، وخاصةً النساء اللواتي يُمثلن صوت الاحتجاج والمقاومة.

سجن قرتشك بورامين، الذي سبق أن انتقدته منظمات حقوق الإنسان بسبب سوء حالته الصحية والمعيشية، أصبح الآن مركزاً للانتقام السياسي. إن انعدام الخدمات الأساسية، وقلة التواصل مع الأهل، والمعاملة المهينة، إلى جانب انعدام الشفافية في الإجراءات القضائية لهؤلاء السجينات، تشير إلى شكل من أشكال التعذيب النفسي والجسدي الممنهج.