مركز جنولوجيا يقيم الوضع في الشرق الأوسط وإقليم شمال وشرق سوريا

نظم مركز جنولوجيا الشرق الأوسط ندوة رقمية عبر تقنية الزوم حول تقييم الوضع في الشرق الأوسط وإقليم شمال وشرق سوريا.

مركز الأخبار ـ في خضم الصراعات الدولية في الشرق الأوسط وتحديداً الفوضى المتلاحقة في هذه المنطقة، لم تنتهي ولم تخرج بنتائج تخدم مصالح الشعوب وتحقق الأمن والسلام لهم.

غياب الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط أدى إلى نشوب النعرات الطائفية والإبادة العرقية، ففي كل منطقة يحكمها نظام دولتي تعمها الصراعات المتسلسلة التي تتزايد وتؤدي إلى نتائج غير واضحة، منها سوريا على وجه الخصوص التي أودت بالنظام السوري الذي كان يحكم طيلة أربع وخمسون عاماً، وأسقط باتفاقيات دولية لتدير البلاد الحكومة الانتقالية المؤقتة التي تتمثل بهيئة تحرير الشام.

لذلك قام مركز جنولوجيا الشرق الأوسط بتقييم الوضع الحالي في الشرق الأوسط بشكل عام وسوريا بشكل خاص، كما قدم رؤية للوجود التركي في المنطقة واسترجاع الحكم العثماني لسوريا وغاياته في تقسيم المنطقة بأكملها والسيطرة عليها.

في الندوة تم طرح بعض الأسئلة للنقاش والتحليل منها كيف ترى المشاركات غياب أو ضعف الدور النسائي السوري من جميع الاطياف والمكونات سواء السنية والمسيحية والدرزية والعلوية وغيرهن في ظل سقوط النظام السوري السابق ووجود حكم متمثل في هيئة تحرير الشام لتدير شؤون السوريين خاصة الطرح المستقبلي ووضع مسودة للشرائع والأحكام من زاوية ورؤية واحدة كما حصل في بعض دول المنطقة؟

وتطرقت الندوة لمناقشة طرح البعض من ممثلي الحكومة الانتقالية لبعض النظريات والآراء التي تريد أن تنهي دور النساء من جميع النواحي سواء السياسية منها والحقوقية والتعليمية، فهل هذا فعلاً يؤدي الى تشويه مبادئ الثورة وعدم إشراك النساء في إي مجال من العمل السياسي أو المجتمعي وغيره؟

كما تم مناقشة غياب التكاتف النسائي العربي في الشرق الأوسط ودورهن في النزول إلى الساحات بإعلاء أصواتهن أمام ما يجري خاصة السياسيات والمفكرات والناشطات الحقوقيات والأديبات وغيرهن ممن تنادين بالحرية والمساواة!

وقد تم السؤال عن نتائج هذه الصراعات وما هي تحليلات المشاركات في الندوة حولها؟ وكيف يمكن لنساء الشرق الأوسط أن تحمين مكتسباتهن التي حققنها في ثوراتهن النسائية والمجتمعية؟

لقد أجابت هند داغستاني الرئاسة المشتركة لمجلس التشريعي في منبج وعضوة في مبادرة نون وتحالف ندى، عن سؤال ما هو تأثير الدور النسوي الكردي وخاصة الحرب التي تدار في إقليم شمال وشرق سوريا، باعتبار أن نجاح الثورة في هذه المنطقة كان ومازال بريادة النساء الكرديات؟ حيث قالت "رأينا منذ أيام دخول هيئة تحرير الشام إلى المحافظات وإسقاط النظام السابق، طبعاً كان ذلك باتفاق دولي، لم تكن هناك أي مقاومة، كلنا نعلم أن هيئة تحرير الشام كانت منتمية للقاعدة والآن ارتدت عباء جديدة عباءة سياسية ليكون هناك قبول من المجتمع والشعب السوري، لكن بعد دخول مرتزقة الاحتلال التركي لمدينة منبج تم سرقة وتصفية حسابات ضد الأهالي وتخريب المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية".

وعن واقع المرأة السورية بعد سقوط النظام السوري قالت "منذ أيام تم الإعلان عن تعيين امرأة مختصة بشؤون المرأة، لكن رغم الفيديوهات التي رأيناها للنساء المعتقلات من قبل النظام السابق في سجون صيدنايا، لم نرى ظهور لهذه المرأة حتى لو بكلمة واحدة تتطرق فيها لحقوقهن"، مضيفةً "كلنا نعلم أن هيئة تحرير الشام كانت سابقاً منتمية لتنظيم القاعدة جيولوجياً  وفكرياً، وقد رأينا الكثير من التصريحات الرامية لتغييب المرأة عن مناصب صنع القرار في سوريا الجديدة، لذلك نتمنى إشراك وتفعيل دور المرأة من قبل الحكومة الجديدة على الصعيد السياسي والاجتماعي وحتى العسكري".

وفي مداخلة للأمينة العامة لجمعية "أسرتنا" لذوي الإعاقة بالسودان سعدية عيسى إسماعيل، ذكرت أنه "في سوريا الآن الأمور غير واضحة ومخفية المعالم خصوصاً حول دور المرأة في الإدارة الجديدة، ونحن لا نتمنى تغييب دورها حتى لا تختفي معالم الحرية والديمقراطية والتعبير عن الرأي، سابقاً كان هناك وجود للمرأة في ظل النظام  السابق لكن كان وجودها شكلي منهن نجاح العطار وبثينة شعبان، فهما لم تدليا أبداً ببيان للوقوف بصف المرأة والدفاع عن حقوقها، ونحن لا نريد تكرار هذا العمل، أي أن السلطة تغيرت لكن تبقى شكلية ونفس الذهنية السلطوية وبذات الأيدولوجية، لكن الأشخاص هم الذين تغيروا".

وحول غياب التكاتف النسائي العربي في الشرق الأوسط ودورهن في النزول إلى الساحات بإعلاء أصواتهن، قالت "نجد قضايا النساء في جميع أنحاء العالم متشابهة في معظمها وخاصة في قضايا النوع الاجتماعي والاقصاء والاستبعاد والتهميش والعنف اللفظي والجسدي، وبالرغم من كل هذا نجد النساء قادرات ومتحديات ومتجاوبات مع كل القضايا الإنسانية في المنطقة العربية والشرق الأوسط بالرغم من المعيقات التي تواجهها النساء".

وأضافت إن "رفع صوت النساء عالياً للتضامن في القضايا المشتركة، خاصة في السعي للوصول إلى حلول للأزمات والنزاعات والصراعات الدائرة الآن في جميع مناطق الوطن العربي والأفريقي ودعوتهن الحثيثة وبدون توقف للسلام والدعوات إلى المشاركة في المفاوضات واتخاذ القرارات التي تخصهن، والمناشدة الدؤوبة لحماية النساء في مناطق الصراعات والنزوح واللجوء".

وعن تأثير الصراعات على النساء قالت "أن احتدامها في الدول العربية والتشرذم هو الذي أضعفها فيحتاج منا كنساء دور أكبر وتكاتف وتعاضد، وأن نرفع صوتاً واحداً وخطاباً واحداً ضد ما يشتت وحدتنا ويقسم كياناتنا، فالنساء قادرات فيما إذا اتيحت لهن الفرص، أنظرن كيف لعبت النساء السوريات والكرديات اللاتي دوراً في السياسية بسب الحركات القومية في المجتمع الكردي وكيف طورن وحدات حماية المرأة ودورهن كسياسيات ومقاتلات مما يعطينا دافعاً قوياً بأن إرادة الشعوب لا تقهر، فقط نحتاج إلى الإرادة القوية والإيمان بوحدة البلاد والصوت الواحد من أجل الإنصاف في تحقيق الإدارة الذاتية التي تعكس التنوع وقبول الأخر خاصة حزب الاتحاد الديمقراطي ، كما أن تعزيز حقوق المرأة محور أساسي في الأجندة السياسية والمجتمعية، فتجربتهن رائدة في هذا  المجال، لقد أذهلتنا الكرديات عندما عرفنا بأنها تجاوزنا كل العقبات وأنشأن قرية المرأة كمركز مجتمعي تديره النساء ويقدم الخدمات والتوعية والتدريب والتمكين الاقتصادي، إنها تجربة يحتذى بها ونحن نفخر بها كنساء ومحاولة الاستفادة من هذه التجربة الفريدة".

وحول ضرورة توحيد الجهود النسوية قالت سعدية عيسى إسماعيل "الاستجابة إلى دعوات السلام والاستقرار هي أمور يشترك فيها الجميع وخاصة الدعوة لإيقاف العنف والعدائيات والعمل على تخفيف حدة التوتر وخاصة في المناطق الأكثر هشاشة، إن المعاناة التي تواجهها النساء في إقليم شمال وشرق سوريا لا يختلف كثيراً عما تعانيه النساء في السودان، فوجود النساء بشكل فاعل ومشاركتهن مشاركة كاملة في العمليات السياسية المستقبلية والتضامن النسوي حول الأولويات والأعمال المشتركة بغض النظر عن الانشقاق والانقسامات، نأمل أن تخلق جهود جدول أعمال مشتركة وتشبيك بين النساء".

كما طرحت مجموعة من الحلول للتحديات التي تواجهها النساء، حيث قالت "زاد على التحديات التي تواجه النساء الاستقطاب السياسي الحاد والتدهور الاقتصادي وتنامي ظاهرة العنف المبني على النوع، فمن الحلول التي يمكن تقديمها فتح حوارات مشتركة ومنصات إعلامية وعكس التجارب المختلفة، إلى جانب دعم التعايش السلمي والسلام الاجتماعي ووضع أساس ورؤى موحدة للنوع الاجتماعي ودعم ومناصرة قضايا المرأة وكذلك التمكين الاقتصادي ورفع المقدرات، وكذلك تخطي الصورة النمطية للمرأة وإيجاد آلية لمراقبة حقوق الإنسان، نبذ التمييز والعنصرية تجاه الأقليات الإثنية والدينية والاجتماعية وغيرها، وبناء الثقة بين المكونات النسوية المختلفة، وتعزيز القدرات الوطنية لإدارة الصراعات"

"إن طرح النظريات والآراء التي تسعى لإنهاء دور النساء في مختلف المجالات يُعتبر تهديداً حقيقياً لنجاح الثورة واستدامتها، فعندما يتم تقليص مشاركة النساء في الحياة السياسية والحقوقية والتعليمية، يؤدي ذلك إلى تشويه الهوية الثورية، حيث تُعتبر الثورات الناجحة تلك التي تشمل جميع فئات المجتمع"، هذا ما بدأت به الناشطة الحقوقية والصحفية أبرار فهيم مداخلتها من اليمن.

وأضافت "أما استبعاد النساء يُحوِّل الثورة إلى حركة أحادية الجانب، مما يضعف قدرتها على تحقيق التغيير الشامل، بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب النساء عن المشهد السياسي يعني فقدان وجهات نظر حيوية تسهم في صياغة السياسات والتشريعات، مما يؤدي إلى سياسات قد تكون غير شاملة أو غير ملائمة لاحتياجات المجتمع".

وعن دور الثورة النسوية قالت "تُعد فرصة لتحسين حقوق النساء وتعزيز مشاركتهن، وإذا تم تقليص دورهن، فإن ذلك قد يؤدي إلى تراجع الحقوق المكتسبة، مما ينعكس سلبياً على المجتمع ككل، وأخيراً، المجتمعات التي تُقصي النساء غالباً ما تواجه عدم استقرار أكبر، حيث إن مشاركتهن في عمليات صنع القرار تعزز الشفافية والمساءلة، مما يساهم في بناء مجتمع أكثر استقراراً".

وختمت مداخلتها بالقول "استمرار التوجهات الساعية لإنهاء دور النساء سيؤدي بالتأكيد إلى تشويه الثورة، ويعزز من عدم المشاركة الفعالة في العمل السياسي والمجتمعي، مما يستدعي ضرورة العمل على تعزيز حقوق النساء وضمان مشاركتهن في جميع جوانب الحياة لتحقيق التغيير المنشود".