منظمات نسائية: تصريح رئيسة شؤون المرأة لا يليق بنضال المرأة السورية وتنوعها الثقافي

رأت منظمات نسائية أن تصريحات رئيسة شؤون المرأة في الحكومة السورية المؤقتة "لا يليق بنضال المرأة السورية ولا يعكس تنوع الثقافة السورية، وأن الأفكار القمعية تزيد من تعقيد المشهد السوري".

مركز الأخبار ـ أثارت تصريحات رئيسة شؤون المرأة في الحكومة السورية المؤقتة، موجة استياء بين المؤسسات النسوية، بدءاً من الناشطات على مواقع التواصل الرقمي.

في مقابلة تلفزيونية قالت رئيسة شؤون المرأة في الحكومة السورية المؤقتة عائشة الدبس إنها "لن تقبل أي رأي لمنظمات نسوية أو غيرها تخالف توجهها الفكري، أو غير متوافقة مع النموذج الحكومي"، مثيرةً بذلك وابل من الانتقادات ضدها، معتبرين أنها "تنتهج سياسة قمعية" حسب وصف الناشطين والسياسيين.

وأدانت منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة بشدة تصريحاتها من خلال بيان أصدرته اليوم الأحد 29 كانون الأول/ديسمبر، وقالت أنها "ترفض تقلّد النساء المناصب وخوض سوق العمل"، مشددةً على "العودة إلى الشريعة الإسلامية فقط، وخاصة في المجال القضائي".

وأكد البيان أن تصريحاتها تأتي في إطار تجاهل التضحيات التي قدمتها المرأة السورية خلال الأزمة، واصفاً هذه التصريحات بأنها "مغايرة لثقافتنا وأخلاقنا وعادتنا وتقاليدنا".

ولفتت البيان إلى أن هذه التصريحات تزيد المشهد السوري تعقيداً، وأنها "بعيدة كل البعد عن الثقافات المختلفة من حيث الطوائف الموجودة داخل سوريا تعددية ديمقراطية لا مركزية".

وأوضح أنه "على الرغم من أننا كتنظيمات نسائية في شمال شرق سوريا وعلى مدار 14 عاماً نعمل في مجال حقوق المرأة، حيث كان دورنا توعية النساء والوقوف إلى جانبهن وإعطائهن الدور الحقيقي والفعال في المجتمع وحمايتهن من جميع أشكال العنف والتمييز الجنسي، نحن بدورنا وباسم منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة لا نقبل التصريح الذي أدلت به رئيسة مكتب شؤون المرأة في دمشق".

وذكرت المنظمة في بيانها أن هذه التصريحات "تُعدّ اتهاماً مباشراً لنا وانتقاصاً لحقوقنا؛ لأنها بفكرها لم تصل إلى فكر النساء الموجودات في جميع المدن السورية ومن بينها مناطق شمال شرق سوريا"، مؤكدة أنه "كان يجب عليها فتح نقاش على طاولات الحوار واستيعاب ومعرفة مجال وعمل ما تقوم به المنظمات النسائية".

كما أبدى تجمّع نساء زنوبيا استياءه بشأن تصريحات عائشة الدبس، وقال في بيان لها إنها "المرأة السورية الحرة، التي ناضلت وضحّت من أجل تحقيق المساواة والعدالة في تاريخ سوريا يشهد لها التاريخ بدورها الفعال في بناء سوريا ديمقراطية موحدة بكل مكوناتها وأطيافها وأديانها، كما قادت العمل في جميع مجالات الحياة لا سيما المجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والدفاع والحماية الذاتية".

وأضاف البيان "إن المرأة في سوريا مرت بمراحل عصيبة لا سيما في العقود الأخيرة من الزمن، ونذكر بالأخص أن المرأة كانت المتضرر الأكبر من قدوم داعش وما حصل من انتهاكات بحق المرأة واستهدافها بالشكل الأكبر عن طريق تحريف دور المرأة في المجتمع، واقتصار دورها على المنزل ورعاية الأطفال والزوج لا أكثر، وبخلاص النساء هنا في مناطق إقليم شمال وشرق سوريا من خطر داعش وتنظيم النساء أنفسهن في تنظيمات وتجمعات نسائية فتح المجال أمام إدراك وإحياء دور المرأة في تنظيم المجتمع وتنظيم نفسها".

ولفت البيان أنه "تصريحات عائشة الدبس في إحدى المقابلات، أظهرت تجاهلاً تاماً لدور المرأة السورية الرائد في الثورة، وتضييقاً متعمداً على مفهوم تمكين المرأة، وحصر لدورها في إطار ضيق يتنافى مع تطلعاتها وحقوقها التي كفلها لها القانون الدولي وحقوق الإنسان".

وأوضح المؤتمر في بيانه أن هذه التصريحات "ما هي إلا محاولة يائسة لإقصاء المرأة عن دورها الفاعل في بناء سوريا الجديدة، وتجاهل لنضالها الطويل من أجل الحصول على حقوقها في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك المناصب القيادية والمشاركة السياسية الفاعلة، إن قضية المرأة هي قضية سياسية بامتياز، لأنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببناء مجتمع ديمقراطي عادل ومتساوٍ، فالإقصاء الممنهج للمرأة السورية الحرة، التي تتبنى رؤى مختلفة، هو اعتداء صارخ على حقها في التعبير عن رأيها والمشاركة في بناء مجتمعها".

وأكد البيان "إننا في تجمّع نساء زنوبيا نؤكد على أنه لا اعتراض لنا ويقيناً منا أن الشريعة الإسلامية لا تتعارض مع حقوق المرأة، وأن الإسلام دين العدل والمساواة والمحبة، ونؤكد على أننا نسعى لبناء سوريا الجديدة مع إيضاح وضرورة إعطاء المرأة دورها".

وختم البيان بعدة مطالب جاء فيها "اعتماد سياسات وبرامج تهدف إلى تمكين المرأة في جميع المجالات، وتمثيلها في جميع الهيئات والمؤسسات، وفي مراكز صنع القرار. ومنحها الفرصة الكاملة للمشاركة في بناء سوريا الديمقراطية العادلة التي نحلم بها، بالإضافة لفتح حوار وطني شامل بمشاركة جميع أطياف المرأة السورية، لصياغة رؤية وطنية شاملة لتمكين المرأة وحماية حقوقها، إلى جانب ضمان حرية عمل منظمات المجتمع المدني النسائية، ودعمها في تحقيق أهدافها في تمكين المرأة وحماية حقوقها".

كما علقت ناشطة بالقول "عائشة الدبس تتحدث عن المرأة السورية كأنها اكتشاف شخصي لها، وتريد أن تبدأ معها من الصفر وكأنها ولدت للتو، متناسية عن عمد أو جهل حضورها المهم بتاريخ سوريا".

وعلق أخرون بالقول إن "مقابلة عائشة الدبس كارثية ولا تصلح أبداً لمنصبها، عدا عن الشبهات التي انتشرت عنها سابقاً مع شهادات ضدها، سوريا مليئة بالخبرات التي أفضل منها بمراحل كثيرة"، و"لا أخفي قلقي من بعض التصريحات التي وردت خلال المقابلة، منها لن أفتح المجال لمن يختلف معي بالفكر، وهو تصريح يحمل طابعاً إقصائياً ولا يبعث على التفاؤل، وأتمنى ألا يكون هذا هو توجه الإدارة الجديدة أو الحكومة المؤقتة".