من العمل الجبهوي إلى التنظيم النسائي... قراءة في تجربة نضالية

أسماء مراد مناضلة كردية كرّست حياتها للنضال ضد القمع والتهميش، وواصلت عملها في تنظيم النساء والدفاع عن حرية القائد أوجلان، منذ بداياتها في العمل الجبهوي حتى مشاركتها الفاعلة في دار المرأة، جسّدت دور المرأة القيادي وبناء مجتمع ديمقراطي متعدد المكونات.

زينب عيسى

كركي لكي ـ قبل انطلاق ثورة روج آفا في إقليم شمال وشرق سوريا، عمل الكرد بإرادة قوية على أرضهم، متحدّين النظام السوري السابق، ومع بداية الثورة التي قادتها النساء بشجاعة، برز دور المرأة في مختلف جوانب الحياة، لتصبح قوة قيادية في المجتمع، فقد تولّت زمام المبادرة في المجالات السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية والفنية.

من بين الأمهات اللواتي ناضلن لسنوات طويلة ضد النظام السوري السابق، تبرز أسماء مراد، ابنة ناحية كركي لكي التابعة لمدينة قامشلو في إقليم شمال وشرق سوريا، التي لا تزال إلى اليوم تواصل نضالها من خلال تنظيم النساء والدفاع عن حرية القائد عبد الله أوجلان، مكرّسةً حياتها للعمل الميداني والنضال.

 

بداية الانخراط في حركة الحرية والتعرف على فلسفة القائد

تروي أسماء مراد قصة انخراطها في حركة الحرية "في عام 1988، تعرفت على فلسفة القائد عبد الله أوجلان، ومنذ ذلك الحين أصبحنا نعمل في ظل حركة الحرية، وبعد عامين انضممت إلى العمل الجبهوي، وأمضيت سنوات طويلة في النضال والمقاومة، كنا نتنقل من منزل إلى آخر لتقديم الدعم، ونسعى لتشكيل مجموعات تنظيمية. خلال فصل الصيف، كنا نذهب إلى المزارع ونتعاون في الأعمال الزراعية، رغم الصعوبات، وكأننا نتوجه إلى ساحة معركة، لأننا كنا نؤمن أن هذا التنظيم سيمنحنا الحرية التي نتوق إليها".

وأكدت أنه "في تلك المرحلة، كان النظام السوري السابق يمنعنا من إطلاق أسماء كردية على أطفالنا أو استخدامها في أماكن العمل، إذ كنا محرومين من أبسط حقوقنا، وكان يواصل قمع الشعب الكردي، لذلك، لجأنا إلى العمل الجبهوي السري لتحقيق حريتنا وانتزاع حقوقنا، كنا نستمع إلى صوت القائد أوجلان، ونجتمع مساءً في أكاديمية الشهيد محسوم كوركماز للاستماع إلى خطبه، ورغم قسوة تلك الأيام، إلا أنها كانت تحمل في طياتها جمالاً خاصاً، فقد كانت كل خطوة نخطوها في سبيل التنظيم تمنحنا قوة وإرادة لا تُقهر".

 

من السجن إلى ساحات النضال... إرادة لا تُقهر

وعن لقاءها بالقائد عبد الله أوجلان لأول مرة في لبنان، قالت أسماء مراد "في الخامس عشر من آب عام 1991، توجهنا إلى ساحة القيادة في لبنان، حيث اجتمع العديد من الأشخاص من مختلف المناطق، من إندوير حتى كوباني. في اليوم الأول لم نرَ القائد عبد الله أوجلان، لكن في اليوم الثاني التقينا به، وتحدث إلينا لساعات حول أهمية تنظيم النساء ودورهن في النضال، بعد ذلك عدنا إلى منازلنا ولكن بعزيمة أقوى وإرادة أشد، كنا نزور ثلاث منازل يومياً، لكن بعد لقائنا بالقائد أوجلان، أصبحنا نزور عشرة منازل، وارتفعت وتيرة عملنا بشكل ملحوظ".

وأضافت "واصلنا نضالنا حتى عام 2004، حين كان من المفترض أن يُعقد مؤتمر "اتحاد ستار" في جبال الحرية، لكن الظروف لم تسمح بسبب اندلاع انتفاضة الثاني عشر من آذار، في تلك الفترة تم اعتقالي أنا وأختي أيهان من قبل النظام السوري السابق، وبقينا فترة في السجن وبعد الإفراج عنا واجهنا صعوبات كبيرة لأن الكثيرين أصبحوا يعرفوننا، مما جعل عملنا أكثر تعقيداً، مرة أخرى منعنا النظام من مواصلة نشاطنا، وتم اعتقالنا من جديد ونقلنا إلى الحسكة، حيث بقينا في السجن حتى موعد المحاكمة، ثم نُقلنا إلى سجون دمشق وحلب، رغم كل ذلك تعاهدنا على أن نخرج من السجن ونواصل نضالنا بقوة، وألا يكون السجن حاجزاً أمام إرادتنا أو عائقاً في طريق حريتنا".

 

الحرية تبدأ من إرادة النساء

كانت أسماء مراد دائماً حاضرة في ميادين النضال، منذ بداياتها وحتى انطلاق ثورة روج آفا، حيث واصلت دورها كمناضلة، واليوم تشارك بفعالية في أعمال دار المرأة، وعن تقييمها لمسيرتها قالت "واصلنا العمل الجبهوي حتى انطلقت ثورة روج آفا، بعدها، التحقت بدار المرأة، سابقاً كنا نسمي الثورة بالربيع العربي، إلى أن أرسل لنا القائد أوجلان رسالة قال فيها "هذا ليس ربيع العرب فقط، بل هو ربيع الشعوب، لذلك يجب على جميع المكونات أن تأخذ مكانها فيه، وأن تتكاتف بروح الأخوة لبناء وطن ديمقراطي".

وسطلت الضوء على الفتن التي كان النظام السوري السابق يزرعها بين الشعوب "زرع العداوة بين الكرد والعرب، أما اليوم فنرى أن دماءنا امتزجت ونعمل معاً بروح واحدة، لا يقتصر الأمر على المكونات العربية، بل حتى رفاق من خارج سوريا يشاركوننا العمل هنا، لأنهم تعرفوا على فلسفة القائد أوجلان، ورأوا فيه قائداً للإنسانية والسلام".

وختمت أسماء مراد حديثها بالتأكيد على أنه "سنبقى دائماً في المقدمة، خلف المقاتلين والمقاتلات، ولن نقبل أن يُفرض علينا الصمت، وسنواصل النضال حتى يتحرر قائدنا".