مجلس الأمن يبحث قضية المساءلة عن العنف الجنسي في حالات النزاع

عقد مجلس الأمن، أمس الأربعاء 13 نيسان/أبريل، مناقشته المفتوحة السنوية حول العنف الجنسي في حالات النزاع

مركز الأخبار ـ عقد مجلس الأمن، أمس الأربعاء 13 نيسان/أبريل، مناقشته المفتوحة السنوية حول العنف الجنسي في حالات النزاع. وركزت المناقشة هذا العام على موضوع "المساءلة كآلية للوقاية: إنهاء دورات العنف الجنسي في حالات الصراع".

في بداية الجلسة وجهت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في النزاع براميلا باتن سؤالاً إلى أعضاء مجلس الأمن قائلة "ماذا تعني الآن القرارات العشرة المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن، والتي تركز خمسة منها بشكل مباشر على منع العنف الجنسي المرتبط بالنزاع والتصدي له، بالنسبة للمرأة في أوكرانيا أو أفغانستان أو ميانمار أو تيغراي؟".

وقالت أن الوقاية من العنف هي أفضل شكل من أشكال الحماية، بما في ذلك منع الصراع نفسه. "يجب أن نرتقي إلى مستوى التحدي في عصرنا، التقاعس ليس خياراً".

وشددت براميلا باتن على ضرورة ألا يهدأ لنا بال حتى ينام كل ناج من العنف، وكل مدني، تحت غطاء العدالة.

 

"عندما يتحرر الجناة، يمشي الناجون في خوف، حاملين عبء الوصم والعار"

وأشارت المسؤولة الأممية المعنية بالعنف الجنسي في النزاع إلى ما وصفته باستمرار إسكات الناجين بسبب الصدمات والألم واليأس، وكذلك بسبب وصمة العار وانعدام الأمن وندرة تقديم الخدمات. قائلةً "هناك علاقة بين الصمت الفردي والصمت الرسمي، لا يمكن أن يُتوقع من الناجين إدانة ما تنكره الدولة نفسها. عندما يتحرر الجناة، يمشي الناجون في خوف، حاملين عبء الوصم والعار".

وأكدت أن الملاحقة القضائية هي أيضاً شكل من أشكال الوقاية ويمكن أن تساعد في تحويل ثقافة الإفلات من العقاب، القائمة منذ قرون على هذه الجرائم، إلى ثقافة ردع "بينما يؤدي الإفلات من العقاب إلى تطبيع العنف، فإن العدالة تعزز المعايير العالمية. حان الوقت للانتقال من تسليط الضوء إلى تحقيق المساءلة، ولضمان ترجمة وثائق اليوم إلى محاكمات الغد".

 

تقرير سنوي بشأن العنف في حالات النزاع

وقدمت براميلا باتن تقرير الأمين العام السنوي بشأن العنف في حالات النزاع، وتضمن التقرير تفاصيل من إثيوبيا، أفريقيا الوسطى، وميانمار، الصومال، كمبوديا، وأفغانستان، سوريا، العراق، واليمن.

وقالت أنه في كل من هذه السياقات، نرى ما يشجع على الإفلات من العقاب، مشيرة إلى ما وصفته بالفجوة بين الالتزامات والامتثال والقرارات، والواقع.

وأوضحت أن الرؤية المركزية لتقرير هذا العام تتمحور حول الحاجة إلى تعزيز بيئة وقائية تمنع العنف الجنسي في المقام الأول وتتيح الإبلاغ والاستجابة بأمان.

ويغطي التقرير 18 حالة قُطرية، ويوثق 3293 حالة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع تحققت منها الأمم المتحدة في عام 2021، وهو ما يمثل زيادة كبيرة بنحو 800 حالة مقارنة بعام 2020.

وسجلت في جمهورية الكونغو الديمقراطية الكونغو أكبر عدد من الحوادث (1016)، استهدفت الغالبية العظمى  النساء والفتيات.

 

خطوات للمضي قدماً

فيما يتعلق بالسبيل نحو المضي قدماً، أوصى التقرير باتخاذ إجراءات هادفة لتعزيز الوقاية الهيكلية، من خلال: المشاركات السياسية والدبلوماسية بغرض التصدي للعنف الجنسي في اتفاقات وقف إطلاق النار والسلام؛ واستخدام مؤشرات الإنذار المبكر للعنف الجنسي لتوجيه المراقبة وتحليل التهديدات والاستجابة المبكرة؛ والحد من تدفق الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة؛ إلى جانب إصلاح قطاع العدالة والأمن المراعي للمنظور الجنساني، بما في ذلك التدقيق والتدريب وقواعد السلوك وسياسات عدم التسامح المطلق والمقاضاة الفعالة؛ بالإضافة إلى رفع أصوات الناجين والمجتمعات المتضررة، ودعم المدافعين عن حقوق المرأة الإنسانية، وحماية الضحايا والشهود.

 

"كل نزاع مسلح يتبعه اغتصاب ووحشية"

وتحدثت في جلسة المجلس أيضاً الناشطة الإيزيدية نادية مراد، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، مشيرة إلى أنه مقابل كل نكسة تواجهها مجتمعاتنا، تتقهقر النساء والفتيات عشر خطوات للوراء "يُظهر التاريخ أنه كلما نشب نزاع مسلح في أي مكان في العالم، يتبعه اغتصاب ووحشية. نشهد هذا في أوكرانيا".

وأضافت أن العنف الجنسي ليس من الآثار الجانبية للنزاع "إنه أسلوب حرب قديم قدم الزمن. مجموعات مثل داعش تدرك التأثير المزعزع للاستقرار للعنف القائم على النوع الاجتماعي، ويجب علينا أن ندرك ذلك أيضاً".

وتحدثت الناشطة الإيزيدية عن المآسي التي تعرض لها أفراد مجتمعها عند هجوم تنظيم داعش عام 2014. وتطرقت إلى ثلاثة جوانب بشأن تحقيق المساءلة وهي العدالة، ودعم الناجيات، والالتزام بالمساواة بين الجنسين على المدى الطويل.

 وأضافت "السعي لتحقيق العدالة هو أحد أكثر أشكال المساءلة وضوحاً. في العام الماضي، أدانت محكمة ألمانية أحد أعضاء داعش بارتكاب إبادة جماعية. كانت هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا في أي مكان في العالم. هذا الحكم التاريخي خطوة مهمة. ولكن سؤالي لكم هو: ثم ماذا بعد؟".

 

دعوة إلى إنشاء محكمة مختلطة

ووجهت نادية مراد دعوة إلى أعضاء مجلس الأمن قائلة "حان الوقت الآن لمحاكمة داعش بتهمة الإبادة الجماعية والعنف الجنسي. حولوا هذه القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو انشأوا محكمة مختلطة بموجب معاهدة لملاحقة جرائم داعش. في غضون ذلك، يجب على الدول الأخرى أن تحذو حذو ألمانيا، وأن تستخدم مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاكمة مجرمي الحرب على الفظائع التي يرتكبونها، بما في ذلك العنف الجنسي. يجب أن تجري هذه المحاكمات بشفافية بالنسبة للناجين الذين يستحقون العدالة".

وقالت الناشطة الإيزيدية إنه وبعد ثماني سنوات من الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم داعش، لا يزال الناجون الذين عادوا إلى شنكال يكافحون في سبيل التعافي في مواجهة الخلافات السياسية.

 

"السوريات والسوريون لم يعودوا قادرين على انتظار العدالة"

وبدورها تناولت المستشارة القانونية وإحدى مؤسسات منظمة "حقوقيات" ماريانا كركوتلي،  خلال الجلسة ثلاثة موضوعات وهي استخدام العنف الجنسي ضد النساء، التمييز المتجذر بين الجنسين في سوريا، والخطوات اللاحقة التي يتعين على المجتمع الدولي اتخاذها لضمان المحاسبة.

وقالت ماريانا كركوتلي أن جهود المساءلة تعتبر مهمة جداً للسوريات وللسوريين المتلهفات والمتلهفين لتحقيق العدالة بعد أكثر من عقد من الحرب.

وقالت أن السوريات والسوريين لم يعودوا قادرين على انتظار العدالة "لذلك، نحث جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على مواصلة السعي إلى تحقيق المحاسبة بموجب الولاية القضائية العالمية. ولكننا أيضاً نتطلع إليكم في مجلس الأمن لمساعدتنا في إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية".

 

"العنف الجنسي وسيلة للانتقام"

وتحدثت في جلسة مجلس الأمن الناشطة الإثيوبية هيلينا بيرهانو، حيث تطرقت إلى العنف المرتبط بالنزاعات في إثيوبيا منذ بدء الحرب في تيغراي في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، إلى أنها رأت بأم عينها ووثقت الجرائم التي ارتكبت بحق النساء.

وأشارت إلى ارتكاب الاغتصاب بشكل ممنهج "وتم استخدامه كوسيلة في الحرب بغرض الانتقام... كما استخدم العنف الجنسي لترويع المجتمعات".

وأوضحت الناشطة الإثيوبية أن العنف الجنسي تم استخدامه لإذلال الناجيات ومجتمعاتهن، داعية أعضاء مجلس الأمن إلى الوقوف إلى جانب النساء الإثيوبيات.