للتنديد بمجازر الساحل... حركات وتنظيمات نسائية تعقد منتدى حواري

أكدت نساء إقليم شمال وشرق سوريا، خلال منتدى حواري، على تضامنهن مع نساء الساحل السوري وهو ما من شأنه تغيير الواقع ورفع الأصوات المطالبة بإيقاف المجازر ضد النساء وتعزيز الدور القيادي للمرأة في تحقيق العدالة والسلام.

الحسكة ـ يعكس التضامن النسائي في سوريا قوة الوحدة والإرادة المشتركة في دعم حقوق المرأة ومواجهة العنف الذي يرتكب بحقها، خاصةً في مناطق مثل الساحل السوري.

تحت شعار "تضامن النساء السوريات، أساس لوقف المجازر على المرأة في الساحل"، عقدت منصة الفعاليات المشتركة للحركات والتنظيمات النسائية في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا، اليوم الخميس 27 آذار/مارس، منتدى حواري حول التطورات الأخيرة في الساحل السوري وموقف النساء من الإعلان الدستوري.

تضمن المنتدى الحواري، الذي حضرته تنظيمات نسائية وحقوقية وممثلات عن حركات سياسية والإدارة الذاتية ومكونات مختلفة من المنطقة، محورين أساسيين حيث تناول المحور الأول المجازر المرتكبة بحق النساء السوريات في الساحل، فيما تحدث المحور الثاني عن موقف النساء من الإعلان الدستوري.

وبدأ المنتدى بإلقاء كلمة من قبل صباح شابو عضوة منسقية مجلس المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، أدانت فيها المجازر المرتكبة بحق النساء في الساحل السوري التي أعادت للأذهان ما ارتكب من مجازر بحق الإيزيديين في شنكال وإبادة الكرد في إقليم شمال وشرق سوريا من قبل الاحتلال التركي، مطالبة بمعاقبة القتلة وضرورة حث المجتمع الدولي لتحديد موقفه تجاه ما يحدث من مجازر واتخاذ إجراءات عاجلة لتحقيق انتقال سياسي حقيقي.

وأدارت المحور الأول شهرزاد الجاسم، عضوة منسقية تجمع نساء زنوبيا، حيث قدمت رؤية شاملة حول المجازر التي تتعرض لها الطائفة العلوية في الساحل، بينما تولت أمينة عمر، عضوة منسقية مجلس المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، إدارة المحور الثاني لمناقشة الإعلان الدستوري.

كما انضم للمنتدى الحواري نساء من الساحل من خلال تسجيلات صوتية عبر موقع التواصل الافتراضي "واتس آب"، أكدن فيها على أن العديد من القرى في الساحل السوري تعرضت للقصف بالطائرات والأسلحة الثقيلة، مما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، تحت ذريعة ملاحقة فلول النظام، مشددات على أهمية توثيق الانتهاكات وإرسالها إلى اللجان الحقوقية والإنسانية للقيام بواجبها.

وناقشت المشاركات والمنضمات للمنتدى، ما حدث في الساحل من انتهاكات طالت النساء، فوفقاً لشهادات بعضهن، فقد تعرضن للضرب والإهانة، وإجبارهن على المشي عاريات، في محاولة لكسر إرادتهن وحرمانهن من دورهن الحيوي في تطوير المجتمع، مؤكدات أن السلام لا يمكن أن يتحقق دون مساءلة ومحاسبة، فاستمرار هذه الجرائم يشكل تهديداً خطيراً لمستقبل سوريا لأنها تكرس العنف وتستهدف النساء والأطفال بشكل مباشر.

وأعلنت النساء عن تضامنهن مع نظيراتهن في الساحل السوري للوقوف ضد كافة أشكال الظلم والاضطهاد والإقصاء، ورفع وتيرة النضال وتنظيم فعاليات لتعريف نساء الساحل بدورهن لإنهاء الانتهاكات التي ترتكب بحقهن، داعيات إلى إنشاء جسر نسائي يربط إقليم شمال وشرق سوريا ببقية أنحاء البلاد، مع التأكيد على ضرورة تنظيم النساء لتوحيد الجهود نحو بناء دولة تقوم على المواطنة والحرية والعدالة.

وأكدت المشاركات على أهمية الدفاع المشروع وعدم انتظار الحماية من طرف آخر، والاستفادة من تجربة الشعب الكردي الذي شكل منظومات دفاعية خاصة به لحماية نفسه في الوقت الذي تعرض فيه للعديد من المجازر والإبادة، بالإضافة إلى قوة نسائية متمثلة بـ وحدات حماية المرأة.

وتحدثت المشاركات عن رسالة القائد أوجلان التي تدعو إلى النهوض بواقع المرأة وتعزيز دور جميع المكونات في مختلف أنحاء سوريا، لضمان العيش بأمان وممارسة حقوقهم بحرية وإحلال السلام في البلاد، وذلك من خلال وضع دستور يضمن حقوق الجميع، لافتات إلى أن الإعلان الدستوري الذي تم وضعه مؤخراً ينتهك حقوق معظم المكونات ويستبعدهم.

وناقشت الإعلان الدستوري الذي اعتبرنه إعادة إنتاج لنظام مركزي لا يلبي تطلعات كافة المكونات السورية، ولا يؤسس لمرحلة سياسية جديدة في البلاد، ولا يقدم أي ضمانات لإنتاج نظام ديمقراطي نحو مرحلة جديدة، حيث تشعر غالبية المكونات من كرد وعلويين ودروز وسريان بقلق بالغ إزاء ما ستؤول إليه الأمور، إذ أن كافة المؤشرات تدل على التوجه نحو عملية تحول تدريجي إلى جمهورية سورية إسلامية.

وتتألف الوثيقة المؤقتة من أربعة أبواب و53 مادة ترسم المسار الذي ستمضي عليه البلاد ورئيسها على صعيد عملية التنفيذ والتشريع والقضاء، والشكل الذي ستكون عليه سوريا خلال السنوات الخمس المقبلة وهي المدة التي حددها الإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية.

ولفتت المشاركات إلى أن الرجوع إلى الفقه الإسلامي في الإعلان الدستوري يتعارض مع المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، إلى جانب موضوع العمل بالاتفاقيات الدولية وخاصة تلك المتعلقة بالمرأة يتعارض مع الفقه الإسلامي مثلاً اتفاقية "سيداو" حيث هناك تحفظات على مواد تخص المرأة في هذه الاتفاقية، مبينات أن عدم وجود كوتا تضمن مشاركة نسائية سياسية يعني عدم تحقيق المساواة، فلإعلان الدستوري يتجاهل مشاركة النساء في النضال ويقوض كل تطلعاتهن في تعزيز دور المرأة والمشاركة في بناء سوريا جديدة.

وحول أهمية تكاتف النساء لحماية حقوقهن، شددت المشاركات على ضرورة تضافر الجهود وتوحيد موقفهن حيال الإعلان الدستوري والمطالبة بإعادة كتابة دستور يأخذ بعين الاعتبار مكانة المرأة السورية ودورها الريادي ويضمن كافة حقوقها.

 

 

واختتم المنتدى بجملة من التوصيات منها تشكيل لجان تحقيق ورقابة دولية مستقلة لضمان توثيق جميع الانتهاكات، وإحالة المسؤولين عن المجازر إلى محاكم مختصة لتحقيق العدالة والمسائلة، تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 كإطار ملزم لتحقيق وقف شامل لإطلاق النار، وضمان مشاركة النساء في العملية السياسية، ممارسة ضغط دولي لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 بشأن حماية النساء في النزاعات المسلحة، ضرورة صياغة دستور جديد يضمن حقوق النساء والمكونات دون تمييز، اعتبار مشروع الإدارة الذاتية نموذجاً للتعايش المشترك والذي يرسخ الديمقراطية والمساواة ويؤمن تمثيل حقيقي وعادل للنساء وجميع المكونات.

وفي الختام، أكد المنتدى الحواري أن قضايا النساء في سوريا ليست منفصلة عن قضايا الديمقراطية والعدالة، بل تشكل جوهر النضال من أجل بناء دولة عادلة ومستقرة، فإن تحقيق السلام المستدام لن يكون ممكناً دون الاعتراف بدور النساء كشريكات أساسيات في صنع القرار وضمان مشاركة فعلية وحقيقية لهن في رسم مستقبل البلاد، بعيداً عن السياسات التمييزية التي أعاقت التقدم لعقود.