أفغانستان... دور الولايات المتحدة ومقاومة المرأة
منذ انقلاب 1978 وحتى اليوم، بقيت أفغانستان ساحة تنافس جيوسياسي بين القوى العالمية، لاسيما الولايات المتحدة وروسيا، وقد عانى الشعب الأفغاني، وخاصة النساء، بشكل كبير من هذه الأحداث، ولا زلن تواصلن نضالهن من أجل حقوقهن وحرياتهن.

بهاران لهيب
كابول ـ منذ عام 1978، عقب الانقلاب الذي نفذته الحكومة المدعومة من روسيا في أفغانستان، قامت الولايات المتحدة بدعم وتنظيم الجماعات الجهادية في باكستان عسكرياً وسياسياً لمواجهة روسيا. ومنذ ذلك الحين، حافظت الولايات المتحدة على نفوذها في الشؤون السياسية الأفغانية.
بعد هزيمة القوات الروسية في أفغانستان، تولت الجماعات الجهادية السلطة في عام 1992، ولكن بدلاً من تحقيق السلام والاستقرار، حولت العاصمة كابول ومناطق أخرى إلى أنقاض نتيجة الحروب الأهلية على السلطة.
لتهيئة الأرض لغزوها العسكري لأفغانستان، قامت الولايات المتحدة بتأسيس حركة طالبان وشبكة حقاني من بقايا تلك الجماعات. في عام 1997، استولت طالبان على الحكم، وخلال عشر سنوات من حكمها، قامت بقمع الشعب الأفغاني، وخاصة النساء. سئم الشعب من ظلم طالبان وجرائم الجماعات الجهادية، حتى غزت الولايات المتحدة أفغانستان في عام 2001 بذريعة الهجوم على برجي التجارة، مما جلب المزيد من الدماء للشعب عبر تفجيراتها، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2021، أنشأت الولايات المتحدة حكومة عميلة تميزت بالفساد والبطالة والفقر والعنف ضد المرأة، بالإضافة إلى القتل المنهجي والصراع المستمر بين طالبان والقوات الحكومية.
وأخيراً، في صفقة مخزية في العاصمة القطرية الدوحة، سلمت الولايات المتحدة أفغانستان لطالبان بين عشية وضحاها ودون أي مقاومة، وتدهورت أوضاع الأهالي، وخاصة النساء، من سيء إلى أسوأ؛ حيث حرمت حركة طالبان الجميع من العمل والتعليم وفرضت قوانين صارمة لتقييد النساء يومياً. ومع ذلك، تواصل النساء المتعلمات في أفغانستان نضالهن وكشف انتهاكات طالبان.
بعد استيلائهم على السلطة منتصف آب/أغسطس 2021، قامت طالبان بكتابة شعارات على جدران كابول بكل جرأة، وكأنهم قد هزموا الولايات المتحدة، وازدادت هذه الشعارات بشكل ملحوظ حول السفارة الأميركية، لتدل على أن أفغانستان قد حققت استقلالها. ومع ذلك، يدرك شعب أفغانستان والعالم أن حكومة طالبان لن تستطيع البقاء حتى ليوم واحد دون المساعدات الأميركية، سواء العلنية أو السرية.
وعندما تولى دونالد ترامب الرئاسة في أمريكا، تم الإعلان عن سياسات صارمة تجاه طالبان. ومع ذلك لم يتم وقف المساعدات المالية الأمريكية الأسبوعية التي تبلغ "أربعين مليون دولار" لطالبان، بل إن الولايات المتحدة سلمت قاعدة باغرام الجوية، وهي واحدة من قواعدها الاستراتيجية، لطالبان، بالإضافة إلى تسليمهم جميع معداتها العسكرية. والآن، يطالب ترامب بكل شيء من طالبان.
وردت حركة طالبان على الوضع، لكن أول إجراء اتخذته كان وقف دفع رواتب الموظفين الحكوميين، والأكثر إيلاماً هو أن وفداً برئاسة زلماي خليل زاد، الممثل الخاص للولايات المتحدة في أفغانستان والمفاوض الرئيسي مع طالبان، وصل إلى كابول قبل أيام قليلة. تم إزالة جميع الشعارات، بما في ذلك عبارة "لا إله إلا الله"، من جدران السفارة واستبدالها بأصيص الزهور، وقد قوبل هذا الإجراء بردود فعل شعبية قوية وسخرية.
لم تتضح تفاصيل المحادثات بين حكومة طالبان والوفد الأميركي، لكن يبدو أن الزيارة كانت تهدف إلى إطلاق سراح سجناء أميركيين، وقد تم بالفعل الإفراج عن أحدهم.
ورداً على هذا الإجراء، أعادت حركة طالبان رفع شعارات في شوارع كابول لتأكيد استقلالها. ومع ذلك، يستمر الشعب الأفغاني في ترديد مقولته الشهيرة "لا يمكن إخفاء الشمس بإصبعين".
ومنذ أن تولت الجماعات الجهادية السلطة في عام 1992 وحتى الآن، كانت كل جريمة وكل حكومة تشكلت في أفغانستان مدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها. ما دامت الولايات المتحدة مستمرة في تدخلها في شؤون أفغانستان، فلن يتمكن الشعب الأفغاني من تحقيق السلام. لذا، يجب على الشعب الأفغاني، وخاصة النساء المثقفات، أن تناضلن ليس فقط ضد طالبان، بل أيضاً ضد السياسات الاستعمارية الأمريكية.