جلسة حوارية في السويداء تسلط الضوء على أشكال العنف الممنهج ضد النساء
سلطت الجلسة الحوارية التي انعقدت في جمعية "المرأة حياة" ضمن حملة الـ 16يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، الضوء على أشكال العنف الممنهج الذي تتعرض لها النساء في حياتهن اليومية إضافة إلى العلاقات السامة والعنف الإلكتروني.
روشيل جونيور
السويداء ـ ركزت الجلسة الحوارية على أهمية تمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً باعتباره شرطاً أساسياً لبناء مجتمع متوازن، قادر على مواجهة الأزمات وتحقيق العدالة والمساواة.
إن تعافي المرأة ليس مجرد شأن فردي يخصها وحدها، بل هو ركيزة أساسية في بناء مجتمع متوازن ومزدهر، فالمرأة هي الجسر الذي يصل بين العادات والتقاليد والمجتمع من جهة، وبين أطفالها والأجيال القادمة من جهة أخرى، وعندما تكون المرأة متعافية نفسياً وجسدياً، قادرة على ممارسة دورها بوعي وطمأنينة، فإنها تمنح المجتمع فرصة للنهوض والارتقاء.
التعافي عملية شمولية تبدأ من الداخل، من النفس والجسد، وتمتد لتشمل المجتمع والقانون والاقتصاد ومنح المرأة المساحة لتزدهر والذي يعني إطلاق طاقات كامنة قادرة على تغيير ملامح المستقبل، وصياغة واقع أكثر عدلاً وإنصافاً، إن تمكين المرأة من التعافي هو شرط أساسي لنهضة المجتمعات، لأنه يفتح الباب أمام أجيال تنشأ في بيئة صحية، متوازنة، وقادرة على مواجهة تحديات العصر.
وفي هذا السياق، انعقدت جلسة حوارية في جمعية "المرأة حياة" اليوم الخميس الرابع من كانون الأول/ديسمبر، ضمن حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، بهدف تسليط الضوء على ما تتعرض له النساء من عنف ممنهج وأثره على المجتمع والأطفال والأسرة والإنسانية بشكل عام.
"دعم المرأة شرط للوصول إلى منطقة آمنة"
وأكدت المدربة وعضوة الجمعية والمسؤولة عن قطاع الطفولة سمر الجزار، أن المرأة رغم ما تتحمله من أعباء وظروف صعبة، تبقى قادرة على أن تكون شريكة ًحقيقياً في مرحلة ما بعد الصراع، حيث تمر البلاد بأزمة اقتصادية واجتماعية ونقص في الموارد والبنى التحتية، لافتةً إلى أنه دعم المرأة وتمكينها اجتماعياً اقتصادياً ونفسياً هو شرط للوصول إلى منطقة آمنة ومستقرة يمكن البناء عليها.
أوضحت أن المرأة المتعافية قادرة على بناء أسرة صحيحة وتربية جيل جديد يحمل نظرة إيجابية للمستقبل، معتبرةً أن التعليم للأطفال ودعمهم في متابعة دراستهم والدورات التدريبية هو من أولويات المرأة المتمكنة، لأنها تدرك أن هؤلاء الأطفال هم أطباء ومهندسو وحرفيو المستقبل، والقدوة التي ستنهض بالمجتمع.
كما أشارت إلى أن طبيعة المرأة تميل إلى الإنسانية، وهو ما يجعلها أكثر قدرة على العمل في مجالات الصحة والتعليم والتربية، خاصة في أوقات النزاعات، مؤكدةً أن المرأة غالباً ما تكون في الصفوف الأولى للأعمال الخيرية والتطوعية، حيث تقدم الدعم النفسي والمادي للأشخاص الضعفاء وتوفر لهم نقطة أمان يحتاجونها بشدة "المرأة تلعب دوراً محورياً في الخروج من الأزمة الراهنة، لتكون شريكاً أساسياً في بناء السلام والنهضة الإنسانية".
"الوعي بالعلاقات السامة يحمي النساء نفسياً"
وسلطت لجين جباعي إحدى المشاركات في الجلسة الضوء على أشكال العنف التي قد تتعرض لها النساء في حياتهن اليومية، بعضها قد لا يكون واضحاً أو معترفاً به بشكل مباشر، موضحةً أن الجلسة ساعدت المشاركات على التعرف إلى أنواع مختلفة من العنف مثل العلاقات السامة، العنف الإلكتروني، والتنمر، مؤكدة أن الوعي بهذه الممارسات تمكن النساء من حماية أنفسهن نفسياً والابتعاد عن العلاقات التي تؤثر سلباً على حياتهن ومجتمعهن.
وأضافت أن بعض الأشخاص قد يرتدعون أخلاقياً خوفاً من نظرة المجتمع أو من ضميرهم لكن في حالات كثيرة لا يكون الرادع الأخلاقي كافياً، مما يجعل وجود قوانين واضحة وصارمة أمراً ضرورياً للحد من التجاوزات بحق النساء وضمان حقوقهن.
كما تناولت لجين جباعي قضية تمكين المرأة بين الريف والمدينة، مشيرةً إلى أن الفرص في الريف غالباً ما تكون محدودة اقتصادياً وثقافياً، بينما في المدن تتسع المجالات أمام النساء للعمل في قطاعات متنوعة مثل الصحافة، السياسة، والجمعيات التطوعية، وهو ما يمنحهن مساحة أكبر للتطور والمشاركة المجتمعية.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن مثل هذه الجلسات الحوارية تساهم في رفع مستوى الوعي، وتدعم النساء في مواجهة التحديات اليومية، ليصبحن أكثر قدرة على بناء مجتمع صحي قائم على العدالة والمساواة.
"العنف الإلكتروني من أخطر التحديات التي تواجه النساء"
وقالت غيداء الزوبعة مدربة دولية، إن الهدف من الجلسة هو توعية المرأة والمجتمع بدورها الفعال والبناء في تحقيق التوازن النفسي والاجتماعي، مؤكدة أن أي إهانة أو تجاوز بحق المرأة يجب أن ينظر إليه كخطر يستدعي الانتباه وعدم التهاون.
وأوضحت أن الجلسة الماضية تم خلالها تسليط الضوء على أنواع العنف المختلفة، ومنها العنف اللفظي والجسدي والاجتماعي والاقتصادي.
ولفتت إلى أن هذه الممارسات كثيراً ما تمارس دون إدراك النساء أنها أشكال من العنف، نتيجة تراكمات ثقافية تجعل المرأة ترضخ لهيمنة الرجل على القرار، مؤكدةً على أهمية التوعية بالعنف النفسي والاجتماعي، اللذين لفتا انتباه المشاركات بشكل خاص خلال الورش السابقة، مشيرة إلى ضرورة أن تتبنى المنظمات الدولية والمؤسسات الإعلامية برامج مستقبلية لدعم هذه القضايا.
كما تناولت غيداء الزوبعة أيضاً قضية العنف الإلكتروني، معتبرةً أنه من أخطر التحديات التي تواجه النساء والفتيات، حيث يتعرضن للابتزاز عبر الصور أو الملفات المخترقة من حساباتهن على مواقع التواصل الافتراضي.
ودعت إلى إطلاق برامج توعية في مجال الأمن السيبراني، تقدم محاضرات مجانية حول كيفية حماية الحسابات باستخدام أنظمة أمان متعددة، بما يضمن حماية الأبناء والبنات من الابتزاز الإلكتروني "إن التوعية المستمرة هي السبيل لحماية المرأة والمجتمع، وتمكين النساء من مواجهة هذه التحديات يساهم في بناء مجتمع متوازن، قادر على النهوض ومواجهة الأزمات".