'حركة التحرير الكردستانية قوة رائدة في نضال المرأة'

قيّمت زوزان سيما، عضو أكاديمية جنولوجي، مؤتمر حركة التحرر الكردستانية والقرارات التي تم اتخاذها "لقد خلقت الحركة ما هو أبعد من كونها حركة، إنه تقليداً وأخلاقاً ومبدأً وأسلوب حياة"، مشيرةً إلى أن المرأة ستكون عنوان هذه المرحلة.

أفريم روناهي ـ نوجان أراس

مركز الأخبار ـ ظهور حركة التحرر الكردستانية استند إلى النضالات الثورية في القرن العشرين، أي أن جهودها ليست وليدة اليوم أو أمس، وفي الآونة الأخيرة دخلت مرحلة سيكون من الأدق تعريفها بأنها مرحلة تجديد.

حركة التحرر الكردستانية كانت قوة رائدة في نضال المرأة، وعن قرار حل الهيكلية التنظيمية لها والتأثير على كردستان والعالم أجمع، والأسباب الأيديولوجية له، وما علاقة الاشتراكية الديمقراطية بنضالها، حول هذه الأسئلة كان لوكالتنا مع عضوة أكاديمية جنولوجي زوزان سيما الحوار التالي؟

 

ماذا كانت تعني دعوة القائد عبد الله أوجلان، وكيف كان صداها لدى الشعب؟

 لقد كان لقرار المؤتمر ودعوة القائد أوجلان تأثير ليس فقط في المنطقة أو في كردستان بل في العالم أجمع، وأحد الأسباب الرئيسية لذلك مرتبط بحقيقة أن أجزاء كردستان الأربعة في الوقت الحالي تدور فيها الحرب العالمية الثالثة.

"السلام والمجتمع الديمقراطي" دعوة للنظر إلى الأشياء التي لم تكن تُرى من قبل، وبهذا المعنى كانت دعوة قائمة على البناء بمناهج جديدة، وليس بالمناهج العقائدية المعتادة، لهذا السبب، شكلت دعوة خلقت توقعاً ومشاعر من الحماس والقلق في نفس الوقت لدى الجميع.

الدعوة محاولة من حركة معولمة تقودها حركة التحرر الكردستانية للتأثير على التطورات في المنطقة وتوجيهها وفي نفس الوقت لإنهاء المجازر والاستعمار وتقديم حلول بدون دول قومية، لقد كانت دعوة لتقديم حريات المرأة على مستوى الثورة النسائية وليس الحرية المحدودة القائمة.

كما أنها تعطي الشعوب الحق في تقرير مصيرها في مجال السياسة السلمية الديمقراطية بعيداً عن الحلول الدينية القومية، وفي هذا الصدد، يمكننا القول إن هذه الدعوة أثرت على العديد من الشرائح وفي المنطقة بشكل عام، كما أنها أحدثت ضجة كبيرة، وفي الوقت الحالي، تجري مناقشة الخطوات التالية بشكل مكثف للغاية.

 

قرار حركة التحرر الكردستانية جاء نتيجة تغيير فرضته على نفسها واستند إلى أسباب أيديولوجية، فما هي الفلسفة التي بدأت بها الحركة؟ وما هي الأيديولوجية التي طورتها اليوم؟

استندت ظروف نشأة الحركة على النضالات الثورية في القرن العشرين، وكذلك على إرث الثورات الـ 28 المهزومة في كردستان، وفي ظرفٍ كان له تأثيرات كلتا الحالتين، انبثقت حركة التحرر الكردستانية من إرث الاشتراكية الحقيقية، ولهذا السبب، فإن الإطار الأيديولوجي الذي استندت إليه واستراتيجية النضال التي اتبعتها كانت أيضاً على هذين المحورين.

ويعرّف القائد أوجلان الحركة بأنها عملية بدأت تتطور منذ عام 1993، حيث بدأ هذا البحث بعد انهيار الاشتراكية الحقيقية، ومن هذا المنطلق، ربما لم تتغير مسألة الإيمان بالاشتراكية وتغيير الأهداف الاشتراكية، ومع ذلك، بدأ هذا البحث عن ماهية الاشتراكية وما ينبغي أن تكون عليه استراتيجية الاشتراكية، وكذلك حق الأمم في تقرير مصيرها، في عام 1993.

وفي عامي 1997 و1998، تكثف هذا البحث، وفي عام 2000، توقفت هذه العملية بسبب المؤامرة التي حيكت ضد القائد أوجلان الذي طوّر بدفاعاته البنية التحتية الفكرية لهذه العملية ونموذجها التنظيمي، لذلك النقاش حول تحوّل حركة التحرر الكردستانية ليس جديداً، فمنذ المؤتمر الخامس لها بدأ بشكل ملموس في عملية التغييرات في الحركة.

ومع ذلك، في المرحلة الحالية، يمكننا أيضاً تحديد المهام غير المنجزة لهذا التحول بشكل أكثر جدية على أنها استكمال المهام الناقصة من أجل منع وقوع خسائر أكبر في ظروف الحرب العالمية الثالثة بسبب الوضع الظرفي.

ومن وجهة النظر هذه، فإن النقاشات حول حل حركة التحرر الكردستانية وإعادة هيكلتها ليست جديدة، ولكن في المرحلة التي وصلت إليها اليوم، أصبحت ضرورة، ويمكننا تعريفها على أنها استكمال للمهام التي لها أسباب أيديولوجية وأسباب ظرفية على حد سواء والتي لم يتم إنجازها في الوقت المحدد.

 

ما المقصود بالاشتراكية الديمقراطية التي أكد عليها القائد أوجلان في دعوته والرسائل التي وجهها بها بعد ذلك، كما تكرر هذا التأكيد في قرارات المؤتمر؟

لقد تم استخدام كل من مفهومي الاشتراكية والديمقراطية بشكل مبالغ فيه ولهما معانٍ مختلفة، وقد شعر القائد أوجلان بالحاجة إلى استخدام مثل هذه الصفة لإظهار الفرق وليس تفضيل الاشتراكية الديمقراطية، وإلا فإن الاشتراكية كلمة كافية لوحدها، ولكن التأكيد على الديمقراطية مهم لفهم الفرق بين الاشتراكية الحقيقية والاشتراكية الحديثة.

تجاوز القائد أوجلان التعريفات الكلاسيكية للديمقراطية عدة مرات، فالديمقراطية هي مفهوم يوناني ويعتبرها نموذجاً يُعتقد أنه بدأ مع الديمقراطية الاثنية وتطور معها، وظهرت في أشكال اجتماعية حديثة مع العصر الحديث، لكنه لا يرى الأمر على هذا النحو، حيث قالت إن هناك في الواقع ثلاثة أشكال للمجتمع، أحدها هو المجتمع الأخلاقي والسياسي، والثاني هو مجتمع الدولة، والثالث هو المجتمع الديمقراطي الذي ينبثق من الصراع بين المجتمع الأخلاقي والسياسي والدولة.

 

كيف تم استقبال قرار الحل في المجتمع وفي الأقسام التي تخوض النضال؟

حركة التحرر الكردستانية تركت بصمتها على مدى 50 سنة الماضية، غطت شريحة واسعة جداً من المجتمع، تمكّن من بعث الكُردية من القاع وبنائها على أساس الكُردية الحرة، بهذا المعنى، وبعيداً عن كونها، فقد خلقت تقليداً وأخلاقاً ومبدأً وأسلوب حياة، نحن نتحدث عن أجيال وجدت ذاتها مع الحركة وبنت نفسها معها.

لذلك، نحن بحاجة إلى الحديث عن الجو العاطفي الذي خلقته الحركة، من ناحية أخرى، هذه النقاشات ليست جديدة على قياداتها والمتعاطفين معها والشعب الكردي، هذه المناقشات التي تعرفها الأوساط الصديقة هي عمليات بدأت منذ عام 1993، وتم مناقشتها بشكل أوضح في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وبهذا المعنى، فإن الأمل والإثارة متشابكان فيما يتعلق بما يريدون القيام به، ونوع التحول الذي ستشهده الحركة.

هناك مشاعر مريرة من جهة والإثارة والبدايات الجديدة من جهة أخرى، ولكن الأهم من ذلك، يمكننا تعريفها على أنها الخطوات الأولى لكيفية تشكيل التقاليد التي أنشأتها حركة التحرر الكردستانية أساساً لبناء الاشتراكية الديمقراطية وخطوات الإعداد لذلك.

 

يقال إن قرار المؤتمر ليس نهاية بل بداية، كيف سيؤدي هذا القرار إلى بداية؟ كيف سيتم رسم خط النضال؟

عندما ننظر إلى واقع كردستان، نجد أن العديد من النضالات والحركات الثورية قد وقعت في الفخاخ، لكن بالنسبة للكرد فإن الفخ كان دائماً منصوباً ودائماً كانوا في دورٍ تستخدمه القوى الحاكمة من خلال الوقوع في هذا الفخ، وفي مثل هذه المرحلة، فإن إزاحة الكرد من هذا الموقع يخلق بالطبع آثاراَ صادمة للغاية، فهو يربك الحسابات الدولية، ويعطل حسابات المتعاونين والذين يقتاتون على الدم والعنف.

وبهذا المعنى، فإن البداية الجديدة هي بداية صعبة تنطوي على خطر، ولكن البداية الجديدة لها أرضية أيديولوجية ونظرية وتنظيم قوي، وفي الوقت نفسه، هناك ثقة كبيرة للقائد أوجلان، وهناك إيمان ناتج عن حقيقة أنها حركة القيادة، وبدون ذلك لم يكن من الممكن التجرؤ على مثل هذه البداية.

وما يبرز مثل هذه الشجاعة هي القيم التي خلقتها تقاليد الحركة، لذلك علينا أن نربط هذا الأمر بواقع المجازر التي يواجهها المجتمع الكردي، لأنه إذا لم يتم تفسير هذه العتبة التاريخية بشكل صحيح، فإن الكوارث التي ستحل بالعديد من الشعوب ستحدث.

إن القرن الحادي والعشرين يقف على عتبة حاسمة فيما إذا كان الشعب الكردي سيكون أداة لسياسات إسرائيل التوسعية بتعاونية تدافع عن إسرائيل، أم أنه سيبنى بواقع يشكل أساساً لمطالب الحرية لشعوب العالم والاشتراكية الديمقراطية وحرية المرأة، البداية تعبر عن ذلك، لكنها تتطلب الشجاعة والعمل والنضال القوي والإبداع.

 

حركة التحرر الكردستانية كانت قوة رائدة في نضال المرأة، فقد رسمت خطاً أيديولوجياً ودفاعياً واسعاً عن المرأة، فما هو الأثر الذي تركه وجودها على المرأة الكردية بشكل خاص، ونساء العالم بشكل عام؟

لا يقتصر نهج القائد أوجلان في التعامل مع المرأة على كسب الحقوق والحرية للمرأة كشريحة، فمقارباته للمرأة تبدأ بوضعها في مركز فهمه للاشتراكية، ومن هذا المنطلق، فإن النقد النظري لماركس والاشتراكية يستند أيضاً إلى هذه النقطة.

ويخطو القائد أوجلان خطوة بالقول إن المرأة هي أول شعب مضطهد في التاريخ، وليس الصراعات الطبقية هي الأرضية التي تتحقق عليها السلطة لأول مرة في التاريخ، وبهذا المعنى، يطور فهمه للاشتراكية على أساس حرية المرأة، كما أنه يطور ثورة كردستان في طابع الثورة النسائية، وإنها ليست مجرد عملية لن تحصل فيها المرأة على مكاسب وحقوق فقط، إنها واقع ستتم فيه إعادة بناء الحياة حول المرأة، وهذا ليس امرأ جديداً، لأن تقاليد هذه الأراضي والحياة فيها تشكلت حول المرأة بطريقة عميقة الجذور، وكانت الثورة المضادة الأولى ضد المرأة، وفي هذا الصدد، شكل تطور حركة تحرير المرأة إلى جانب نضال حركة التحرر الكردستانية الديناميكية الأساسية للنضال، وعمّق فهم القائد أوجلان الجديد للاشتراكية بتركيزه على المرأة.

وكان هناك بحث منذ عام 1993 تطور بالتركيز على حرية المرأة، ومنذ أن وجد القائد أوجلان المخرج في حرية المرأة، فإن هذه التطورات تحدث اليوم، ولهذا السبب، فإن المرحلة الجديدة سوف تتشكل كعملية تقوم فيها المرأة بالدور الأكثر نشاطاً وتلعب فيها النساء دوراً قيادياً، سواء من حيث مستوى تنظيمهن أو من حيث نظرتهن إلى الثورة النسائية أو من حيث ملكيتهن لهذه العملية.

 

ما الواجب الذي يقع على عاتق المرأة في قرار المؤتمر الثاني عشر للحركة؟

بشكل عام، لطالما كانت مثل هذه العمليات تاريخياً عمليات تخسر فيها المرأة دائماً، عندما ننظر إلى العديد من عمليات التفاوض والبحث عن حلول ديمقراطية، هناك العديد من الأمثلة منها الكولومبي والأفريقي، كانت هناك عمليات قوبلت بخسائر كبيرة حتى من جانب النساء المناضلات، وحتى الآن، يعرب الكثير من الناس عن هذا السؤال والقلق، هذا ما يقوله العديد من الأصدقاء الأمميين: لقد خسرت المرأة في كثير من الأحيان مكتسباتها في مثل هذه الفترات، فما هو الضمان لكن، وكيف ستتمكنن من تجاوز هذا الأمر؟

الضمان لذلك هو أولاً وقبل كل شيء مستوى التنظيم والتمثيل، وهناك اختلافات تتعلق بحقيقة أن القائد أوجلان قد وضع المرأة إلى الواجهة كموضوع لهذه المرحلة وكمحاور في جميع العمليات الحاسمة والاستراتيجية، وفي هذا المعنى، فإن تنظيم حركة تحرير المرأة الكردستانية وقدرتها على البقاء خارج النظام وقدرتها على الدفاع عن نفسها وقدرتها على المشاركة في كل مجال بصوتها وقرارها من خلال التمثيل المتساوي يشكل المقياس الرئيسي، والنقطة الأكثر أهمية هي جعل جميع نساء العالم يدركن ذلك ويجعلونه شائعاً.

وإن حركة تحرير المرأة الكردستانية لديها مثل هذه الإمكانيات، خاصة بالنسبة للمرأة في الشرق الأوسط وهذا ليس إنجازاً باسم المرأة الكردية فحسب، بل يمكن أن يتحول إلى إنجاز باسم المرأة التركية والإيرانية والأفغانية ونساء العالم، فهناك الأرضية والنظرية لذلك والتعبئة، وكل ما نحتاج إليه هو إقامة روابط قوية في هذا الصدد، ولعل هذه نقطة نقد ذاتي.

ويمكننا القول بأنه لا يزال هناك قصور في فهم ومشاركة المرأة الشرق أوسطية ونساء العالم في هذه العملية، وهذا قصور يجب التغلب عليه على وجه السرعة، لأن المكاسب التي تتحقق لصالح المرأة ستؤثر على المنطقة بأسرها، ولهذا السبب، يجب أن تتولى نساء الشرق الأوسط ملكية أكبر للحل الذي سيتم تحقيقه هنا، كما يجب على الحركات النسوية أن تأخذ المزيد من الملكية، فما يحدث في غزة هو أمام أعيننا جميعاً، وربما كانت الحركة النسائية الفلسطينية واحدة من أقوى الحركات النسائية في الشرق الأوسط، إلى جانب تنظيم النساء في جميع أنحاء العالم الكثير من الاحتجاجات لدعم فلسطين، ولكن النتيجة كانت مجازر، لذا، من المهم ألا يتكرر الأمر نفسه مرة أخرى فتخسر النساء في فلسطين وسوريا وكردستان، وتخسر النساء في تركيا وأمريكا وإنجلترا.