"فلسطينيات ضد العنف" تناقش أسباب تفاقم ظاهرة قتل النساء
أكدت عدة مؤسسات نسوية أن الهدف من الجلسة الحواية لمؤسسة فضا ـ فلسطينيات ضد العنف، هو الخروج بتوصيات لمواجهة آفة قتل النساء والحد منها.
رفيف اسليم
غزة ـ نظمت مؤسسة فضا - فلسطينيات ضد العنف جلسة حوارية عبر الزوم، حول أفة قتل النساء، أمس الثلاثاء 14 حزيران/يونيو، مستعرضة خلالها عدد من الأوراق البحثية التي أجريت مؤخراً حول تلك الظاهرة.
افتتحت الممثلة عن مركز الدراسات النسوية سما عويضة الجلسة الحوارية، مشيرة إلى أن هدف الجلسة هو وضع تصورات حول العنف الذي تواجهه النساء الفلسطينيات بشكل عام سواء بالضفة الغربية أو قطاع غزة، أو أراضي 48 والخروج بعدة توصيات حول كيفية مواجهة ذلك العنف، لافتة إلى أن هذه الظاهرة تفاقمت مع زيادة التحديات التي تواجهها المؤسسات النسوية خلال زجها بالصراعات السياسية القائمة.
وبدروها أوضحت الممثلة عن مؤسسة فلسطينيات وفاء عبد الرحمن أن كلمة آفة بالمعجم معناها كل ما يصيب شيء فيفسده وهذه الظاهرة أفسدت بالفعل حياة الكثير من النساء اللواتي تحولن إلى ضحايا، لذلك يجب الاعتراف بها كأفة كي تتم معالجتها، لافتة إلى أنه من المهم أن نطرح الكثير من الأسئلة في تلك القضية وأهمها هو كيف تحولت بعض العائلات من مساحة أمان لبناتهن إلى مصدر للرعب والقتل ووسيلة لتحريض.
وأضافت أن الأمر لم يقتصر على العائلة فقط بل تحول ليشمل الإعلام البديل أي وسائل التواصل الاجتماعي ففي الوقت الذي من المفترض أن تكون تلك المواقع مساحة آمنة لتعبر النساء عن أراءهن خلالها وتنشر قضاياها أصبحت منبع للعنف والتنمر والتعليقات السلبية، مشيرة إلى أن الدراسات الأخيرة التي أجراها مركز حملة أثبتت واحدة من كل أربعة نساء تنتحر نتيجة لتعرضها للتنمر في الفضاء العام.
وانتقدت وفاء عبد الرحمن طريقة تناول الإعلام البديل لقضايا النساء المقتولات فهو لا يتداول سوى القصص التي تثير الضجة بينما لا يهتم بالضحية نفسها فقد نشرت قصة الضحية إسراء غريب على سبيل المثال لارتباطها بالجن والشعوذة، بينما قتلت 58 امرأة فلسطينية خلال عامان ولم يسمع سوى باسمان فقط منهن.
أما عن الدور الذي من المفترض أن تلعبه تلك المنصات، تشير وفاء عبد الرحمن إلى أنه كان على تلك المنصات أن تنقل الرواية المغايرة لما تنشره الأجهزة الرسمية أي قصص الضحايا أنفسهن، فغالباً ما يغطي الإعلام الرسمي ما تنشره أجهزة الشرطة ويتواطأ مع القاتل كي يحمي عائلته فيمنع حتى نشر اسمه بالمقابل يكون هناك ضحية جديدة تستعد لتلقى مصير سابقتها.
وتسألت وفاء عبد الرحمن لماذا عندما يتم الحديث عن قضايا النساء فقط كالميراث أو القتل يتم توجيه الانتقادات للاهتمام بالجرائم التي يقترفها "الاحتلال الإسرائيلي" بينما عندما يتم الحديث عن الحق بالعلاج لا يتم تحويل دفة الحديث، منوهة أن عدد النساء اللواتي قتلن خلال عدوان أيار/مايو 2021 هو 39 امرأة بينما عدد النساء اللواتي قتلن نتيجة العدوان الداخلي 37 امرأة بالتالي الأمر يحتاج إلى وقفة لتأمل تلك النتائج والأرقام.
ومن جانبها أشارت الممثلة عن جمعية كيان هاجر أبو صالح أن غالبية النساء تقتل في بيوتهن أي المكان الذي من المفترض أن يكون الأمن على الإطلاق ومن قبل عائلاتهن وبالأخص على يد الأقارب من الدرجة الأولى فقد أشارت النتائج إلى أن 96 امرأة قتلت على يد أقاربها، 50% منهن توجهن بالشكوى للمؤسسات أو المراكز النسوية بينما 30% كانوا توجهوا للشرطة وكانت تعرف أسمائهن لكن لم يستطيع أيا من الجهات السابق ذكرهما إنقاذهن لينهي بهن المطاف قتيلات.
وأوضحت هاجر أبو صالح أن العائلة لا تكون الفاعل دائماً فمن الممكن أن يكون الزوج أو الطليق أو أحد آخر فوفق لشهادات تم رصدها من 14 مركز متخصص بتوثيق جرائم قتل النساء من عائلات الضحايا فإن حالة المأساة التي يعايشونها لا يمكن وصفها، خاصة في ظل تقاعس الجهات المعنية من محاسبة القاتل بشكل رسمي والتستر عليه.
بينما يرى الممثل عن مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي نبيل دويكات أن خطر قتل النساء يهدد مجتمع بأكمله وخاصة الأطفال فهناك 27 ضحية أي ما نسبته 47 % من المغدورات كان لديهن أطفال وتركوا لوحدهم في معترك الحياة بينما صنفت 13 حالة من أصل 58 حالة على أنها انتحار، متسائلاً ما الذي يدفع شابة في مقتبل العمر كي تنتحر إن لم تكن تتلقى شتى أنواع العنف لذلك يجب الوقوف على الأسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تجعل النساء تفكر بالانتحار.
وكانت فضا - فلسطينيات ضد العنف قد أطلقت في الـ 4 حزيران/يونيو، حملة للتنديد بقتل النساء الفلسطينيات على شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الرسمي مع إطلاق الكثير من الوسوم منها "قاطع قاتل" و"شهادات الأقارب"، تحت شعار "من النهر إلى البحر نقاطع قتلة النساء، ونحتضن عائلات الضحايا".
وأكد ائتلاف "فضا" في بيان له، أن الحملة "تطالب المجتمع الفلسطيني بتحمل مسؤولياته تجاه العنف القاتل بحق النساء، والذي يمر من دون رادع، مع الجهود المستمرة لحث الناس على مقاطعة قتلة النساء، والمجرمين عامة، بهدف أن يصبح النبذ الاجتماعيّ هو الرادع الذي تفتقر إليه النساء في ظل غياب التطبيق الجدي لقوانين حماية المرأة والأسرة".
ويذكر أن "فضا" هو ائتلاف نسوي مناهض للعنف ضد المرأة، يضم 21 مؤسّسة نسويّة فلسطينيّة حقوقيّة تعمل في الضفة الغربيّة، وقطاع غزة ومناطق الـ 48، يستند في مبادئه إلى حقوق الإنسان الأساسية التي تكفل العدالة والمساواة لجميع البشر، وأن العنف الأبوي الذي تواجهه المرأة الفلسطينيّة لكونها امرأة، يتشابك مع العنف الاستعماري الذي يقمعها لكونها فلسطينية.
كما يؤمن ائتلاف فضا أن الحد من هذا العنف المضاعف والقاتل هي مسؤولية المجتمع بأسره ويجب أن تكون أولويته أيضاً، مع التذكير بشكل مستمر بأن "قضيتنا تحتاج إلى وحدتنا".