دراسة حول حالات العنف وتزويج القاصرات في المغرب
في إطار حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف، قدمت مغربيات نتائج دراسة حول العنف المبني على النوع، وتزويج القاصرات بمراكش في المغرب.
رجاء خيرات
مراكش ـ دعت المشاركات في المائدة المستديرة التي نظمتها فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش ـ آسفي، حول العنف المبني على النوع وتزويج القاصرات، إلى إدراج مجموعة من الإصلاحات الجذرية التي تخص التشريع والتربية والتدريب والبحث العلمي وكافة القطاعات.
نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش ـ آسفي، أمس الأربعاء 30 تشرين الثاني/نوفمبر، مائدة مستديرة تم خلالها تقديم نتائج دراسة كشفت عن مجموعة من معطيات وأرقام "صادمة" بخصوص حالات العنف وتزويج القاصرات.
شركاء في المشروع
وقالت نائبة رئيس جامعة القاضي عياض فاطمة الزهراء إفلاحن إن هذه الدراسة نتاج عمل طويل للنهوض والدفع بحقوق الإنسان، خاصةً حقوق النساء ومناهضة كافة أشكال العنف ضدهن، مشددةً على ضرورة القطع "مع هذه المعضلة التي استنزفت المجتمع".
وأوضحت أن مركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية في الجامعة بدأ العمل مع الباحثين وناشطين في المجتمع المدني كشركاء في قطب يسمى قطب الفاعلين من أجل المساواة عام 2014 بجهة مراكش، حيث تم إنجاز دراسة حول العنف ضد النساء، والتي أظهرت مدى صعوبة الوضع بالجهة، خاصةً بالنسبة لتزويج القاصرات.
من جهتها أشارت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش ـ آسفي سناء زعيمي إلى أن الدراسة التي قدمت جاءت في الشق الثقافي والترافع الخاص بمشروع "باراكا شباب لمناهضة العنف المبني على النوع"، وهو المشروع الذي انخرطت فيه الفدرالية منذ نيسان/أبريل 2021 وسينتهي في آذار/مارس 2023.
ولفتت إلى أن هذا المشروع يعتبر مكتمل الزوايا، حيث تضمنت الزاوية الثقافية الدراسة التي ستشكل أرضية للترافع والاستدلال على مختلف ما تنادي به الفدرالية في إصلاح مدونة الأسرة وقانون العنف، إضافةً إلى تقوية القدرات الخاصة بالخلايا المنتمية للمؤسسات الرسمية، خاصةً مؤسسة التعاون الوطني واللجنة الجهوية لمناهضة العنف المبني على النوع وللتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بجهة مراكش.
ولفتت إلى أن المشروع تضمن كذلك إنتاجاً فنياً مهماً عبارة عن أغنية للفنانة المغربية كوثر بودراجة تحت عنوان "سطوب باراكا" وهي أغنية توعوية ضد التحرش والعنف ضد النساء، بالإضافة إلى مجموعة من الكبسولات المسموعة بالتعاون مع محطات إذاعية، وكذلك مسار التوعية الذي انخرطت فيه الفدرالية منذ نشأتها، باعتبارها مكون أساسي من الحركة النسوية، فضلاً عن تنظيم قافلات توعوية بمجموعة من المناطق القروية بالجهة.
بدورها ذكرت مديرة مركز التعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية سامية برادة، أن هذه الدراسة تندرج في إطار الشراكة التي تجمع بين المركز وفدرالية رابطة حقوق النساء، حول قضايا تتعلق بضمان المساواة وتكافؤ الفرص، والتي تدخل ضمن اختصاصات المركز.
وأوضحت أنه من ضمن اختصاصات مركز تعليم الدامج والمسؤولية الاجتماعية كذلك مناهضة أشكال التمييز، سواء المرتبطة بالمشاكل الصحية أو المرتبطة بالهشاشة السوسيو ـ ثقافية أو مشاكل مرتبطة باندماج الطلبة الأجانب في الاختلاف الثقافي.
ولفتت سامية برادة إلى أن مسألة مناهضة العنف بكل أشكاله هي مهمة مجتمعية ولا تقتصر فقط على الجامعة، التي رغم كونها توفر الأبحاث والدراسات في المجال، إلا أنها تبقى غير كافية لمكافحة الظاهرة.
أرقام صادمة
بحسب الدراسة التي تم تقديمها فإنه خلال عام 2021، تعرضت 61.51% من النساء المستجوبات لنوع من العنف، منهن 42.25% تعرضن للعنف مرة واحدة، و31.02% منهن تعرضن للعنف مرتين أو ثلاثة، و26.74% تعرضن للعنف أربع مرات أو أكثر.
بالنسبة لمكان وقوع العنف، فإن 73.33% من أشكال العنف تكون داخل بيت الزوجية، و10.2% في الأماكن العامة، و10.1% في أماكن العمل، و6.67% في أماكن مخصصة للتدريب.
كما تشير الدراسة إلى أن 62.34% من النساء والفتيات الستجوبات تعتقدن أن نسبة العنف قد ارتفعت خلال فترة الحجر الصحي، وأن 25.25% منهن لا تقمن بالتبليغ، وذلك لعدة أسباب منها 62.12% الخوف من الانتقام أو من الضغط الممارس عليهن من طرف العائلات والمجتمع تحت غطاء العادات والتقاليد، و7.32% الخوف من "الفضيحة والعار"، و11.63% حماية العائلة والأطفال من التشرد.
وبشأن رأي المستجوبات في قانون العنف، أكدت الدراسة أن 63.4% منهن تجدن أن التدابير المتخذة لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات تبقى محدودة جداً وغير كافية للقضاء على هذه الظاهرة، مشددات على ضرورة تعزيزها بقانون إطار عوض القانون رقم 13 ـ 103.
وأوضحت الدراسة أن العنف في الأماكن العامة يمثل 59.33% في المجال الحضري، و40.67% في المجال القروي، وتحتل مدينة مراكش ومدينة آسفي وإقليم الحوز المرتبة الأولى في الجهة.
توصيات
وخلصت الدراسة، في المجال التشريعي، إلى إصلاح شامل لمدونة الأسرة بما يضمن حقوقاً متساوية للمرأة مع الرجل، ومراجعة نظام الإرث مع احترام تام لمبدأ المساواة، ومنع تزويج القاصرات، وتجويد وتفعيل مقتضيات القانون رقم 13 ـ 103 بشأن العنف ضد المرأة، لاسيما التدابير الحمائية في أفق إقرار قانون إطار شامل لمناهضة العنف ضد النساء، وإلغاء جميع المقتضيات التي تحرم النساء من حقها في الولاية القانونية على الأبناء القاصرين.
وفي مجال التربية والتدريب، أوصت الدراسة بالعمل على تنقيح مناهج التدريس من الصور النمطية والتمييزية تجاه النساء والنهوض بثقافة حقوق الإنسان والمساواة، وتفعيل قانون إلزامية التعليم وتحسين البنيات التحتية للمدارس والمرافق الصحية بها، والرفع من دور الطالبات وتقوية وتعميم خدمات النقل المدرسي.
أما في القطاع الاقتصادي فأوصت الدراسة بوضع برامج وسياسات عمومية مستجيبة للنوع الاجتماعي لمناهضة البطالة والرفع من النشاط الاقتصادي للنساء على مستوى البرمجة، وجعل ورش الحماية الاجتماعية مدخلاً لتحقيق الكرامة للعاملات في القطاع غير الهيكل، وتمتعهن بشروط العمل اللائق.
وفي قطاع الصحة والحماية الاجتماعية، دعت الدراسة إلى وضع استراتيجية عامة هدفها حماية صحة النساء طوال حياتهن بضمان حصول جميع النساء على خدمات صحية شاملة مجانية وذات جودة، وتوفير وتعميم التغطية الصحية الشاملة للنساء وضمان مجانية العلاج.
بالنسبة لقطاع الثقافة والإعلام، فقد شددت الدراسة للعمل على الرفع من الوعي المجتمعي بمخاطر وتداعيات العنف والتمييز تجاه النساء عبر تعزيز الإعلام وكافة قنوات التنشئة الاجتماعية، وتشجيع الإبداع والبحث العلمي وخاصةً المرتبط بالقضايا النسائية.