بعد سنوات من الافتقار إلى التخطيط كارثة بيئية تهدد بحيرة أرومية

حذّر خبراء البيئة من جفاف كامل لبحيرة أرومية خلال صيف هذا العام، وذلك نتيجة عقود من سوء الإدارة، غياب التخطيط العلمي، وتجاهل التحذيرات المتكرّرة من المختصين، والذي سيترك عواقب إنسانية واقتصادية وبيئية واسعة النطاق.

مركز الأخبار ـ بحيرة أورمية الواقعة شمال غرب إيران، كانت في السابق واحدة من أكبر البحيرات المالحة في العالم، كما أنها عُرفت بجمالها الطبيعي وتنوّعها البيولوجي، فضلاً عن دورها الحيوي في استقرار المناخ المحلي ودعم الاقتصاد الزراعي والسياحي في المنطقة، إلا أنها تواجه اليوم أزمة بيئية غير مسبوقة تهدد وجودها بالكامل.

حذّر الدكتور منصور سهرابي، الخبير في علمَي البيئة والبيئة الطبيعية، من كارثة بيئية وشيكة تهدد بحيرة أرومية، وذلك إثر نشره صورة تُظهر القاع الجاف للبحيرة، وقال إن هذه الصورة تُجسّد واحدة من أكثر الأوضاع البيئية الحَرجة وغير المسبوقة في التاريخ المعاصر لهذا المسطح المائي، مؤكداً أنه استناداً إلى الشواهد العلمية المتوفرة وتراجع منسوب المياه "نرى أن احتمال الجفاف الكامل لبحيرة أورمية بحلول أيلول المقبل مرتفع جداً ويكاد يكون حتمياً".

وانتقد الخبير ما وصفه بـ"الاستثمار الثقيل وغير المجدي" في المشاريع النووية والصاروخية والتي لم تحقق ردعاً فعّالاً، داعياً إلى تركيز الجهود على الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية وحماية الأنظمة البيئية الداخلية القيّمة، مضيفاً أن استمرار هذه السياسات كان من شأنه أن يُجنب البلاد إهدار مليارات الدولارات، ويحول دون تدمير العشرات من الأراضي الرطبة ومصادر المياه الحيوية.

وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة التي أطلقها الخبراء البيئيون منذ سنوات بشأن مستقبل بحيرة أرومية، إلا أن الواقع يُظهر غياب أي خطة علمية، شاملة ومستدامة لإحيائها، فقد أُرجع تفاقم الوضع إلى مشاريع غير مكتملة وقرارات عشوائية، افتقار للإرادة السياسية، وسوء إدارة هيكلي، ما جعل من جفاف البحيرة نتيجة شبه حتمية.

وفي السنوات الأخيرة، ساهم تغيّر المناخ وتراجع معدّلات الهطول الأمطار، الحفر العشوائي للآبار، وبناء عدد كبير من السدود على روافد البحيرة في تسريع تدهورها البيئي.

ولا تقتصر تبعات جفاف بحيرة أرومية على البيئة فقط، بل تمتد لتشكل تهديداً خطيراً على صحة وعيش ملايين الأشخاص في المنطقة، من خلال عواصف ملحية والتي ستؤدي إلى تدمير الأراضي الزراعية، وتفشي الأمراض التنفسية، وارتفاع موجات الهجرة القسرية.

ويؤكد الخبراء البيئيون أن التقاعس في إعداد وتنفيذ خطط جدّية للإنقاذ، إلى جانب غياب الشفافية والمساءلة، قد مهد الطريق نحو انهيار هذا النظام البيئي، مؤكدين أن بحيرة أرومية أصبحت وفق توصيفهم، ضحية مزدوجة من جهة لأزمة المياه، ومن جهة أخرى لخيارات سياسية خاطئة وإهمال منهجي لقضايا البيئة في أولويات صناعة القرار في إيران.