بأجساد خرافية... تستحضر هدى بنجلون المرأة في أعمالها التشكيلية

تحاول الفنانة التشكيلية هدى بنجلون التعبير عن قضايا النساء ومعاناتهن عن طريق استحضارهن في لوحاتها بطرق غير مسبوقة ونادرة كالرسم تحت الماء.

حنان حارت

المغرب ـ حاولت الفنانة التشكيلية هدى بنجلون ابتكار تقنيات وأساليب مختلفة لترك الأثر في مسيرتها الفنية، فهي أول فنانة تشكيلية في المغرب تتمكن من رسم لوحة تحت الماء، وأول من ترسم لوحة وهي محلقة في السماء بعيداً عن الأرض بحوالي 900 متر، وهو اختلاف رسم مكانتها المميزة ضمن الحركة التشكيلية النسائية المغربية، وضمن مسارها التشكيلي تحتفي بالهوية والعادات والطقوس والبيئة والمرأة في تجليات عدة.

على هامش إسدال الستار على فعاليات معرض "همسات"، أمس الأحد 4 آب/أغسطس، الذي نظم في العاصمة الرباط في إطار الدورة الـ 17 لمهرجان "ربيع أكدال-الرباط"، قالت الفنانة التشكيلية هدى بنجلون "إن المعرض كان بمثابة دعوة للتأمل في مختلف الأبعاد، والذي عرضت فيه نحو 71 لوحة فنية بأحجام كبيرة وصغيرة والتي استخدمت فيها تقنيات ومواد مختلفة من الزيت والأكريليك والفحم"، لافتةً إلى أنها تستحضر المرأة في لوحاتها وذلك لأنها عنصر أساس في الحياة فهي نصف المجتمع، ولها دور كبير في بناء وتقدم المجتمع الذي تنتمي إليه.

وعن بدايات تجربتها مع الفن التشكيلي أوضحت "ترعرعت في عائلة محبة للفن، وهو ما مكنني من إطلاق العنان لمخيلتي وصقل فني، إذ بدأت أولى خطواتي في الرسم في سن الطفولة، ولقد شجعني والداي لبدأ هوايتي، فقد وفرا لي كل مستلزمات الرسم وأنا طفلة وتحملا شغبي الطفولي وخربشاتي على الحيطان".

ولفتت إلى أنها بدأت الرسم على أسطح قماشية كبيرة باستخدام صبغات زيتية منذ عام 2009 "بدأت برسم الطبيعة والماء كمصدر إلهامي الأول، أحب مشاركة الأشياء البسيطة والجميلة والطاقة الإيجابية في أعمالي الفنية مع المتلقين/ات".

وحول الرسائل التي أرادت إيصالها من خلال معرض همسات قالت "هناك عدة مواضيع، أبرزها أبعاد الحياة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل"، كما تعمل على تيمة الطبيعة "أسعى من خلال أعمالي إلى دق ناقوس الخطر بشأن التلوث البيئي ونشر الوعي بأهمية حماية الطبيعة وكيفية التدبير الأمثل للموارد المائية".

ودعت إلى ضرورة الحفاظ على البيئة، ووضع الحلول الكفيلة للمشكلات التي تصادفنا والإسهام في استدامة الموارد الطبيعية، بما يكفل بيئة نظيفة وترشيد أمثل لاستهلاك المياه، ومن أجل ترسيخ ثقافة الحفاظ على البيئة لدى الأجيال المقبلة.

وعما يميز أعمالها، أكدت على أن العفوية والخيال والبساطة طرقها "اعتمد على الجرأة وأقوم بكسر السياق الواقعي التقليدي فأعبر عن مخلوقات هلامية من الخيال"، لافتةً إلى أن كل لوحة تحمل في طياتها رسالة خاصة.

وحول الألوان التي تعتمدها، أشارت إلى أنها تستعمل ألوان زاهية يتخللها خيط الضوء الذي ينيرها ويعطيها منظراً جميلاً "إنها هالات تذكرنا بعظمة الخالق في تعبير عن كل معاني الإجادة والتميز"، مضيفةً أن هناك ألواناً تطغى على لوحاتها مثل البنفسجي والأصفر والأخضر والأزرق؛ مبرزة أن انحيازها لكل تلك الألوان يفسر رغبتها في التفاعل بين مضامين اللوحات، إضافة عن أجواء السعادة والحب والبهجة التي تعكسها هذه الألوان.

وحول حضور المرأة في لوحاتها نوهت إلى أن صورة المرأة حاضرة بقوة في أعمالها "استحضر شخصيات نسائية بأجساد خرافية من أجل التعبير عن مواضيع مختلفة" مستنبطة من الطبيعة والطقوس والعادات.

وأشارت إلى أن الشخصيات النسائية التي تجسدها في أعمالها برغم كونها من الخيال، إلا أنها تعبر عنها كفنانة "أحاول التعبير عما في داخلي من أحاسيس في لوحاتي وحتى أترك للمتلقي اكتشاف كيف تعيش المرأة في مجتمعاتنا والفرق بين الأمس واليوم والمستقبل".

وترى الفنانة المغربية هدى بنجلون أن معاناة النساء في المنطقة متشابهة فهن تعانين من الظلم والعنف والتمييز "بالرغم من اختلاف الجغرافيا، لكن قضايانا واحدة، وعلينا النضال من أجل إيجاد الحلول"، مضيفةً أنه "بالرغم من كل الصعوبات التي تواجه المرأة في مجتمعاتنا والانكسار الذي تتعرض له، لكني أجسدها في لوحاتي وكأنها أميرة أو حورية".

وكيف تصف الحضور النسوي في الفن التشكيلي المغربي، أوضحت إنه خلال السنوات الأخيرة شهد حضور النساء في المشهد الفني التشكيلي والثقافي بشكل عام تطوراً ملموساً؛ مضيفةً أن النساء المغربيات اللواتي تعملن جاهدات في عدة مجالات سواء فنية أو ثقافية واجتماعية وسياسية، وغيرها من المجالات، تناضلن من أجل أن تكون تمثيليتهن القوية.

وفي ختام حديثها أكدت على أن النساء المغربيات متواجدات وتواصلن التواجد في الساحة التشكيلية الثقافية وفي كل المجالات "الإنسان إذا كان يعمل بمهارة، فإنه يكسر جميع الحواجز التي تصادفه في مشواره، ليترك بصمته الخاصة التي لا يمكن لأحد إنكارها".