انطلاق مؤتمر الحوار اللبناني الكردي من لبنان
"نحو عيش مشترك ومواطنة متساوية" انطلق مؤتمر الحوار اللبناني الكردي الذي يُعقد للمرة الأولى في العاصمة اللبنانية بيروت.
كارولين بزي
بيروت ـ تحت عنوان "نحو عيش مشترك ومواطنة متساوية"، انطلق اليوم الأحد 29 أيار/مايو، مؤتمر الحوار اللبناني الكردي، للنقاش حول أهمية تفعيل منطق وأسلوب الحوار بين الشعوب.
في كلمة افتتاح المؤتمر الذي ينظمه المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات، رابطة نوروز الثقافية الاجتماعية، بالتعاون مع جمعية "مساواة وردة بطرس للعمل النسائي ورابطة جين النسائية، قال حسان قطب "نجتمع هنا اليوم لمناقشة قضية نعتبرها في غاية الأهمية، لاسيما في هذا الوقت العصيب وهذه المرحلة الحساسة التي يمر بها لبنان خصوصاً ومنطقتنا عامةً وجميع شعوبنا عموماً".
وأوضح أن "ظاهرة الحوار والتفاعل والبناء المشترك التي كان يجب أن تكون عنواناً للاستقلال الحقيقي لكل الشعوب والقوميات والاثنيات والمكونات التي تعيش في هذه المنطقة وفي كل بلد، نرى أنها استحالت فرصة ومناسبة لاستقلال البعض دون الآخرين، وحريةً للبعض على حساب الآخرين. والسبب في ذلك يعود إلى طغيان لون الهوية والقومية والدين واللغة الحاكمة، على كافة الألوان والقوميات والهويات الاجتماعية والأثنية الأخرى، التي يتكون منها أصلاً موزاييك المجتمعات".
وأضاف قطب "نحن اليوم نسعى بكل موضوعية وجرأة وهدوء، ووجهاً لوجه إلى إعادة إطلاق "قضية الحوار بين الشعوب"، ونعالج ونناقش بالتحديد "قضية الحوار بين الشعبَين العريقَين العربي والكردي" في المنطقة. لنسأل ونتساءل كيف ومتى وأين ولماذا أصبحنا نقف أمام هكذا قضية؟".
وسأل "ما هي العوامل الموضوعية والذاتية التي حوّلتَ ظاهرة الاندماج الطبيعي والعيش المشترك بين الشعوب، إلى ظاهرة اقتتال فيما بينها إضافةً إلى تأليبها وتحريضها على بعضها البعض؟ وهي التي تملك عادات وثقافة وتاريخ وحضارة مشتركة في الكثير من جوانبها وتفاصيلها؟".
وشدد على "أهمية البحث عن حقيقة الأزمة والمشكلة وتشخيصها، وبالتالي أن نحدد كيف لنا، وما هي الوسائل التي تعطينا القدرة على الخروج من هذا المأزق، للتأسيس لاستقرار منطقتنا ولحياة حرة كريمة تسودها المساواة والعدالة الاجتماعية وثقافة التسامح ومعيار المواطَنة المتساوية في دولة المواطَنة الحقيقية الفاعلة والعادلة؟".
وأكد على أن "من حق كل شعب العيش بحرية وكرامة، ونشدد على أهمية التنوع الثقافي واحترام التعددية، وعلى ضرورة تعزيز الوحدة والتكاتف والتضامن في وجه كل ما ينسف ركائز عيشنا المشترك. ولعلها تأتي في مقدمة تلك العوائق الجادة ظاهرة السياسات الاستعمارية والتدخلات الخارجية، الإقليمية منها والدولية، والتي تهدف أولاً وأساساً إلى تشتيت الشعوب وتعميق الخلافات فيما بينها وتأليبها على بعضها البعض. ولنا في تاريخنا، اللبناني والمشرقي دروس وعِبَرٌ كثيرة في هذا السياق".
كما ألقت ديلان حسن كلمة المفكر والأكاديمي العراقي عبد الحسين شعبان وهو أحد المؤسسين الأوائل للحوار العربي الكردي، لغيابه عن المؤتمر.
وأشار في كلمته إلى السبب الذي دفعه إلى إطلاق الحوار العربي ـ الكردي، وأوضح "علاقاتي الكردية وصداقاتي الحميمة مع العديد من الكرد، وبعض الملاحظات المبكّرة التي تولّدت لديّ بشأن بعض مواقفنا كعرب من القضية الكردية، وكذلك الموقف المادي الجدلي "الماركسي" من مبدأ حق تقري المصير، والذي مثّل رؤية أممية ـ إنسانية كانت وما تزال صالحة عند الحديث عن حل مشكلة التنوّع الثقافي، لاسيّما المتعلّق بالهويّات القومية في المجتمعات والبلدان المتعدّدة الثقافات، والذي تجسّد في جوانب عملية اتخذتها الحركة الشيوعية في العراق منذ العام 1935 حين رفعت شعاراً "على صخرة الاتحاد العربي - الكردي تتحطّم مغامرات الاستعمار والرجعية"، وذلك انطلاقاً من إيمانها بحق تقرير المصير للشعب الكردي".
وتابعت ديلان حسن نقلاً عن شعبان "إن الغرض من هكذا مؤتمرات هو التعرّف على واقع المطالب الكردية وعلى لسان الكرد بشكل حر وفي إطار مواقف عربية بعضها يستمع لأول مرة إلى واقع التنوع القومي في المنطقة، ناهيك عما تعرّض له الكرد من مظالم".
إن فكرة الحوار تنمّ عن رغبة في إيجاد حلول ومعالجات، ووضع مخرجات للتطبيق، يمكن أن تكون خلفية لأصحاب القرار. "الحوار العربي ـ الكردي الذي كنّا وما زلنا ندعو له، هو حوار معرفي وثقافي وفكري وحقوقي يبدأ من منطلقات المصير المشترك والحقوق المتكافئة وتوسيع الخيارات بما يستجيب لمصالح الشعبين العربي والكردي".
وأضافت "عندما نتكلم عن حق تقرير المصير، فإن هذا لا يعني بالضرورة الانفصال كما يذهب البعض إلى ذلك، فالعديد من القوميات والشعوب والمجموعات الثقافية والإثنية والدينية والسلالية واللغوية تعيش في دول متعددة الثقافات وفي إطار حقوق متساوية دستورياً، بغضّ النظر عن عددها وحجمها، لكن الإقرار بكيانتها وخصوصيّتها يمنحها مثل هذا الحق الذي يمكّنها التمتع فيه كحق قانوني واستخدامه بطريقة إيجابية، وتعود المسألة في أغلب الأحيان إلى درجة تطوّر المجتمع والثقافة السائدة ودور النخب الفكرية والثقافية والسياسية من الأمة "المضطهِدة" ومدى التضامن معها. وحسب تعبير كارل ماركس "لا يمكن لشعب يضطّهِد شعباً آخر أن يكون حرّاً"، أي لا بدّ من الاعتماد على شكل من أشكال الاستقلالية المتجسّدة بالحكم الذاتي أو الفيدرالية أو الكونفيدرالية وصولاً إلى إقامة كيانيّة خاصة حين يصبح العيش المشترك مستحيلاً".
ولفتت إلى أن "تركيا مثلاً تلتهب فيها القضية الكردية منذ الثمانينيات وينشط فيها حزب العمال الكردستاني حيث ما يزال القائد عبد الله أوجلان رهن السجن منذ العام 1999، وهو صاحب فكرة "الأمة الديمقراطية" التي تكمن في إطارها تحقيق حقوق الشعب الكردي بالاعتراف به وبخصوصيته وحقه في حكم نفسه بنفسه. أما إيران فما تزال تعتبر "القومية" بدعة وضلالة، وكل بدعة في النار، وبالتالي فأي مطالبة بالحقوق القومية تنظر إليها بصفتها استهدافاً للجمهورية الإسلامية. ما يمكن الاجتماع عنده كمثقفين وأصدقاء معنيين بشؤون الثقافة وبالدور المنشود للمثقّف، خصوصاً حين يكونون على قناعة بأهميّة العلاقات العربية ـ الكردية ليس ببعدها السياسي فحسب، بل بأبعادها الجيوسياسية والثقافية والاجتماعية والإنسانية".
والجدير ذكره أن مؤتمر الحوار اللبناني ـ الكردي سيناقش تاريخ العلاقات الكردية العربية والوجود الكردي في لبنان تاريخاً وراهناً، والسياسة الاستعمارية والتدخلات الإقليمية وتأثير ذهنية وأدوات الدولة القومية على العلاقات العربية الكردية.
وسيتطرق المجتمعون في الجلسة الثانية إلى التضامن ووحدة المصير بين الشعوب في مواجهة التحديات، بالإضافة ثقافة العيش المشترك ووحدة الشعوب، كما لا يغيب دور المرأة عن دمقرطة المجتمعات، إذ يتطرق المؤتمر في جلسته الثانية إلى دور المرأة المحوري في دمقرطة المجتمع.