'العودة إلى الجذور الثقافية الأصيلة هي نقطة الانطلاق لبناء مجتمع ديمقراطي جديد'
أكدت عضوة أكاديمية الجنولوجي زوزان سيما خلال مؤتمر شنكال التثقيفي، أن ثقافة المجتمع الإيزيدي التي تمتد آلاف السنين، تمثل أرضية خصبة لإعادة التنظيم الذاتي وبناء مجتمع ديمقراطي يعكس قيم السلام والتوافق.

شنكال ـ انطلقت أمس الخميس17تموز/يوليو، فعاليات مؤتمر شنكال التثقيفي، بمشاركة واسعة من مختلف مكونات المجتمع الإيزيدي، وعرض خلالها رسالة خاصة من القائد عبد الله أوجلان، وجاء المؤتمر كخطوة رمزية لإحياء الذكرى الفرمان الذي ارتكبت بحق المجتمع الإيزيدي.
بدأ مؤتمر شنكال التثقيفي "تحت شعار "دعوة المجتمع الديمقراطي هي رد على الفرمانات الـ73" و خلال فعاليات المؤتمر تم عرض كلمة لعضوة أكاديمية الجنولوجي زوزان سيما، قالت فيها أن تنظيم هذا المؤتمر خطوة بالغة الأهمية بالنسبة للنساء الإيزيديات والمجتمع الإيزيدي، حيث يتم من خلاله مناقشة المصير والتاريخ والأفكار والرؤى واتخاذ قرارات تشكّل أعظم رد على الفرمانات التاريخية التي استهدفتهم.
وأكدت أن هذا المؤتمر لا يخص الإيزيديين فقط، بل يمثل أهمية وقدسية لكل نساء العالم والمجتمعات في الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن الثقافة الإيزيدية ثقافة عريقة، لا تُعدّ فقط أحد أصول الثقافة الكردية أو المجتمعات ذات النمط الكومونالي، بل كذلك هي منبعٌ للحياة المحيطة بالمرأة، وقد حافظت على جوهرها حتى يومنا هذا.
وأشارت إلى أن أكاديمية علم المرأة "جنولوجي" أجرت بحوثاً حول هذا الموضوع، وتوصلت إلى نتائج مثيرة للاهتمام، منها ما يثبت وجود عناصر أصيلة في الثقافة الإيزيدية حافظت على نفسها لآلاف السنين، وأخرى دخيلة عليها.
وسلطت زوزان سيما الضوء على الثقافة التي تنظر إلى الفتيات الصغيرات على أن أجسادهن أدوات للتربية أو الإنكار لإرادتهن والتعامل معهن بعنف، معتبرةً أن هذه الممارسات تتعارض بشكل حاد مع روح الثقافة الإيزيدية "أن القائد عبد الله أوجلان وصف هذه المسيرة بأنها عصر النهضة بالنسبة للمجتمع الإيزيدي".
استهدفت المجتمع الإيزيدي محاولة لطمس جوهر ثقافتهم
وأشارت إلى أن جوهر النهضة يكمن في إعادة بناء الحاضر والمستقبل انطلاقاً من الجذور الثقافية الأصيلة "أن سلسلة الفرمانات التي استهدفت المجتمع الإيزيدي، والتي نُفّذت بأيدي القوى السلطوية والرأسمالية، لم تكن مجرد عمليات إبادة بل محاولة لطمس جوهر ثقافة الإيزيديين، وكانت تلك الفرمانات سبباً في تهجيرهم إلى بلدان مختلفة، حيث فقدوا القدرة على العيش وفق أسسهم الثقافية.
وأوضحت أن الإيزيديين ظلوا أمام خيارين وهما إما الانخراط في الحداثة بمعاييرها، أو العودة إلى أنماط تقليدية تفتقر إلى حقوق المرأة وتُقصي إرادتها، وهذه الثنائية فُرضت على النساء والمجتمع الإيزيدي مراراً، ولكن القائد عبد الله أوجلان يرى في رؤيته للمجتمعات الاشتراكية والديمقراطية أنه من الضروري فهم التقاليد بعمق، ثم بناء مجتمع حديث ينطلق منها، ولهذا فإن بناء مجتمع ديمقراطي جديد يتطلب العودة إلى الجذور الثقافية لتنقيتها من شوائب السلطة، مؤكدةً أن تنظيم المجتمع من جديد، على أساس حرية المرأة، هو السبيل الأهم نحو مجتمع حر ومتجدد.
"يجب إعادة تنظيم الثقافة الإيزيدية من خلال النضال"
وقالت "أجرينا دراسة عن الثقافة الإيزيدية القديمة مع الرفيقة الشهيدة زيلان (ناكيهان اكارسال) كانت هذه الدراسة مثيرة للغاية بالنسبة لنا، تناولت عمق الثقافة الإيزيدية القديمة التي أظهرت أن جذور المرأة الإيزيدية تنتمي في الأصل إلى مجتمع ديمقراطي- كومونالي، وأن هذا الإرث الثقافي لا يزال حياً ونابضاً".
ولفتت إلى أن أحد أهداف الجنولوجي هو الاستفادة من هذه الجذور الممتدة لآلاف السنين في بناء هوية جديدة للنساء الحرّات، تقوم على مبادئ الحماية، الاقتصاد، العمل، والإدارة الذاتية التي كانت موجودة داخل المجتمع الإيزيدي، لكنها تآكلت بفعل الفرمانات، السيطرة الذكورية، والهجمات المتكررة، مشددةً على أنه ما يجب العمل عليه الآن هو إعادة تنظيم هذه القيم من خلال النضال، البناء، الدفاع، والتفكير النقدي "أن المجتمع الإيزيدي والنساء فيه بحاجة ماسّة لهذه العملية في ظل التحديات الحالية والتشويهات التي طالته".
وقدّمت زوزان سيما تقييماً يعكس نظرة استراتيجية لبناء مستقبل المجتمع الإيزيدي، مشيرةً إلى أن العودة إلى الجذور الثقافية يمكن أن تكون نقطة انطلاق لإعادة تنظيم ذاتي قائم على قيم ديمقراطية حقيقية، مؤكدةً أن التراث الإيزيدي يحتوي على عناصر أصيلة تعارض السلطوية وتسعى نحو السلام والوحدة والتوافق، وهي قيم يمكن أن تُشكّل أساساً لمجتمع ديمقراطي جديد.
وقالت زوزان سيما في ختام حديثها، إن مسيرة تنظيم النساء وحرية شنكال يمكن أن تُترجم إلى مشاريع هيكلية جديدة تشمل النضال الفكري والميداني، مشددةً على أهمية اتخاذ خطوات ملموسة وبدء تحولات عميقة في الفكر والبنية الثقافية، داعيةً إلى تجاوز المراحل السابقة والانطلاق من جوهر الثقافة الإيزيدية لصناعة واقع جديد.