المغرب…"حماية" مشروع لمحاربة عمالة الأطفال دون السن القانوني
دعا المشاركون خلال لقاء تواصلي حول محاربة عمالة الأطفال دون بلوغ السن القانوني، إلى الترافع من أجل تعديل القوانين وإذكاء الوعي لدى الأسر الفقيرة والهشة ومواكبتها حتى لا تزج بأطفالها في عالم العمل بشكل مبكر.

رجاء خيرات
المغرب ـ تعتبر ظاهرة عمالة الأطفال من أهم القضايا التي تؤثر على حقوق الطفل ومستقبله، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الحكومات والمنظمات غير الحكومية للحد منها، إلا أن الفقر والتفكك الأسري لا تزال عوامل رئيسية تدفع الأطفال إلى الدخول لسوق العمل في سن مبكرة.
نظمت جمعية "خطوة" العاملة في مجال التمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء وتعنى بالأطفال في وضعية صعبة، أمس الأربعاء 30 نيسان/أبريل بمراكش لقاء تواصلياً، سلطت فيه الضوء على نتائج مشروع "حماية" الذي استهدف انتشال أربعين طفلاً وطفلة من الورشات الحرفية والمنازل وغيرها من فضاءات العمل التي فرضت عليهم دون بلوغ السن القانوني.
وأوضح المنظمون خلال اللقاء التواصلي، أن مشروع "حماية" لمحاربة عمالة الأطفال دون السن القانوني والذي تم بشراكة مع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والعمل والكفاءات، يهدف إلى الوقاية من اللجوء إلى عمالة الأطفال في سن مبكرة، كما أنه يروم انتشال الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 ـ 18 عام من الأعمال الخطرة وإعادة إدماجهم، وكذلك توعيتهم بظاهرة عمالة الأطفال وأثرها على الصحة النفسية والبدنية، فضلاً عن خلق انتقائية في تدخلات الفاعلين المحليين للحد من الظاهرة والعمل على إيجاد حلول بديلة.
وعن الفئات المستهدفة من المشروع قالت الناشطة الحقوقية وعضوة جمعية "خطوة" كوثر السليماني إن "هذا المشروع الذي امتد لما يزيد عن عام تقريباً استهدف الأطفال دون سن الرشد وأسرهم كذلك، كما عملنا من خلاله على تتبع ومواكبة 80 طفلاً وطفلة من بينهم 40 طفلة تعلمن في الأعمال المنزلية و40 طفلاً في ورشات العمل ذات الطبيعة الخطرة".
وأضافت أن المشروع استهدف الأسر أيضاً من خلال جمعيات الآباء والجمعيات العاملة في المجال، باعتبارهم المسؤولين الرئيسيين عن عمل أطفالهم، كما شمل الحرفيين والمهنيين في مجال الصناعة التقليدية والسياحة بشكل غير مباشر.
وحول منهجية التدخل أوضحت أنها ارتكزت على ثلاث محاور أساسية تناولت في المحور الأول أهمية الوقاية من الظاهرة من خلال التحسيس وإذكاء الوعي في صفوف مختلف الفئات الاجتماعية ولدى الفاعلين والمتدخلين والمعنيين، ثم الحماية من خلال انتشال هؤلاء الأطفال من ورشات العمل عبر رصد الحالات والتواصل مع المعنيين وتحديد خصوصيات كل فئة من الأطفال وحاجياتها أثناء عملية إدماجهم، وركزت في المحور الثالث على ضرورة مواكبة الأطفال لإعادة إدماجهم في مؤسسات التدريب المهني والمؤسسات التعليمية والتربوية، والتي تساعد على توجيه الأسر إلى برامج اجتماعية أخرى للدولة من أجل تحسين وضعيتهم الاجتماعية، مما يساعدها على الحرص على إعادة إدماج أطفالهم.
وحول نتائج المشروع أكدت أنه نجح في انتشال وإعادة إدماج 40 طفلاً وطفلة، كما تم التوعية بخطورة الظاهرة في أوساط الأسر والحرفيين العاملين.
وأضافت أن الجمعية في إطار المشروع عملت على تنظيم أبواب مفتوحة تواصلية مع المهنيين والحرفيين بأسواق جامع الفنا بمراكش على مدار يومين كاملين، كما سبق وأن نظمت مائدة مستديرة من تأطير ممثلين عن الإدارات والمؤسسات العمومية وخبراء وفاعلين محليين.
وعن التدخل الميداني في إطار المشروع، أشارت إلى أنه لم يكن من السهل على الناشطين اقتحام فضاءات العمل من أجل انتشال هؤلاء الأطفال وإعادة إدماجهم، حيث تطلب الأمر شحذ المجهودات وإقناع العاملين والأسر بخطورة وضعية الأطفال، وضرورة إعادة إدماجهم في المؤسسات التعليمية أو التربوية أو المهنية.
وحول النتائج أشار المنظمون إلى أن التوزيع حسب القطاعات أسفر عن 18 طفلاً من بين 40 يعملون في الصناعة التقليدية و 12 في الخدمات و 8 في السياحة و 2 في الأعمال المنزلية، أما حسب الجنس فإن 35 طفلاً ذكور و 5 طفلات إناث أغلبهن تعملن في البيوت.
وبدورها أشارت ممثلة وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والعمل والكفاءات أسماء سهيل إلى أن هذه الأخيرة (الوزارة) دخلت في شراكة مع المجتمع المدني منذ 2010 وعياً منها بالدور الذي تلعبه الجمعيات في محاربة عمالة الأطفال، مضيفةً أن هذه الظاهرة لها أسباب متعددة، بدءاً من الفقر ثم الهدر المدرسي والتفكك الأسري، كما أنها ظاهرة تتطلب العمل الجماعي للحد من هذه الظاهرة.
ولفتت إلى أن المغرب صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية في هذا الإطار، ومن أهمها اتفاقيات منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى للعمل والتي تلزم الدول بتحديد سن أدنى للاستخدام وهو ما تم تبنيه في صياغة مدونة العمل المغربية، حيث نصت المدونة في المادة 143على أنه يمنع عمالة الأطفال من هم دون من 15 عام، والاتفاقية 182 بشأن أسوء أشكال عمل الأطفال والتي تلزم الدول بتحديد مجموعة من الأعمال الخطيرة التي تمنع على الأطفال ما بين 15 ـ 18 سنة أن يعملوا فيها، وهناك مرسوم يحدد 33 عملاً خطيراً لا يسمح بعمل الأطفال فيه، ويتم الزجر بحق العمال المخالفين له.
وفي ختام حديثها طرحت إشكالية تتعلق بالبدائل، من خلال قيام مفتش أو مفتشة العمل بعملهما من خلال انتشال الطفل من مكان العمل الذي لا يحترم القوانين الجاري بها، لكن أين سيتم توجيه هذا الطفل الذي يكون عقد انقطع عن الدراسة؟ لذلك سيصبح إشراك المجتمع المدني ضرورة حتمية لإعادة إدماج هذا الطفل.
وتم عرض فيلم قصير تحت عنوان "حلم مؤجل" للتوعية بظاهرة عمالة الأطفال، من خلال تسليط الضوء على المعاناة النفسية والجسدية التي يسببها عمل للأطفال وتجعلهم محرومين من أبسط حقوقهم، وأهمها التعليم والصحة، وحيث أن مكان الطفل الطبيعي هو المدرسة.
وأكد المشاركين على أن الفقر والهشاشة والتفكك الأسري والهدر المدرسي من بين أهم الأسباب التي تدفع بالأطفال إلى عالم العمل وهو ما يستدعي تظافر الجهود من أجل تمكين الأسر الفقيرة والهشة اقتصادياً، وكذا خلق مراكز للرعاية الاجتماعية قصد مساعدة الأطفال على إعادة إدماجهم في محبطهم الأسري وإلحاقهم بالمؤسسات التعليمية.