"الحرب الخاصة" عنوان محاضرة في شمال وشرق سوريا
لا تُرى نتائج الحرب الخاصة بالعين المُجردة، إنما بالإمكان الشَّعور بمدى تأثيرها الذي يفوق الحروب العسكرية، لأنها تُفرغ الإنسان من ثقافته، هذا ما توضحه عضوة مجلس سوريا الدَّيمقراطيَّة بشمال وشرق سوريا داليا حنان
قامشلو ـ .
ألقى مجلس المرأة السَّوريَّة بالتَّنسيق مع مكتب المرأة في حزب سوريا المُستقبل بشمال وشرق سوريا، اليوم السبت 4أيلول/سبتمبر، محاضرة بعنوان "الحرب الخاصة".
عضوة إدارية مكتب المرأة في مجلس سوريا الدَّيمقراطيَّة داليا حنان، قالت لوكالتنا أن الحرب الخاصة تعني اعتداء على دولة بغية تحقيق أهداف مُختلفة، بدأت منذ ظهور نظام الدَّولة قبل 500 عام "هي حرب باردة استخدموها بعد الحرب العالمية الثَّانيّة، شُكلت دائرتها من قبل حلف النّاتو، لأن تكلفتها قليلة، والخسارات من النّاحية الجسدية والماديَّة ضئيلة، وعدد المُحركين لها يكون أقل".
وترجع الحرب الخاصة للعديد من الأسباب أبرزها "التَّحكم والسَّيطرة واستغلال مصادر الطَّاقة وكدح البشر، الأطماع في الثَّروات الطَّبيعيّة، السَّعي للحصول على مقومات الحياة الأساسيّة والسَّيطرة على الأراضي الزّراعيّة، وإيجاد منافذ حدوديَّة وهذا ما تسعى إليه غالباً الدّول الدَّاخليَّة، تحقيق السَّيطرة والزَّعامة، ادعاء حماية الأمن القومي، وتحقيق الرَّبح الأكبر الذي تسعى إليه الهيمنة الرأسمالية".
ولهذا النّوع من الحروب التي تسعى الدول من خلالها إلى فرض أيديولوجية محددة على أخرى والوصول إلى السلطة وتوسيع نفوذها، العديد من الوسائل كما تقول داليا حنان منها "الإعلام والتّرويج لبضاعة معينة أو فكر معين وتستخدم بكثرة في مناطقنا، لإفراغ الإنسان من جوهره الحقيقي، وإبعاده عن قوميته وديانته وحتى أسرته، مما أدى لتشتت المجتمع".
وأهم الأمثلة التي ورد ذكرها في المحاضرة عن الحرب الخاصة في سوريا هي سيادة النّظام الواحد، والعلم الواحد واللغة الواحدة، وإضعاف الحريات والصَّحافة والاعلام وزرع أجهزة استخباريّة، وحنق الحريات بـ 17 جهاز أمني، إضافة للهيمنة الاقتصاديّة والتَّحكم بالثَّروات الباطنيّة، وتدخل الجَّهات الخارجيَّة في الشّؤون السّوريَّة مع اندلاع الأزمة عام 2011.
وعن النَّتائج التي تترتب على مثل هذا النَّوع من الحروب، قالت "نرى ارتفاع في نسب حالات القتل، والانتحار، والانضمام للجماعات المسلحة المُتطرفة، وتزايد عدد المجرمين ومُتعاطي المُخدرات، فنتائج هذه الحرب مُدمرة أكثر من العسكريّة، رغم أننا لا نرى ذلك بالعين المُجردة، ولكن يمكننا الشَّعور بها".
ولعل من أبرز نتائج الحروب العسكريَّة كالحربين العالميتين الأولى والثَّانيَّة بلوغ عدد الضّحايا 133 مليون شخص، وعدد ضحايا مذبحة الأرمن على يد الأتراك مليون ونصف مليون شخص، وغزوات المغول 60 مليون نسمة، مجزرة الدَّولة التَّركيَّة ضد الكرد 70 ألف شخص، والحرب الفلسطينيَّة الاسرائيلية 20 ألف شخص، مجزرة حلبجة على يد صدام حسين 5000 شخص، وحروب داعش أكثر من 50 ألف شخص، وحروب سوريا بين النَّظام والمعارضة أكثر من 582 شخص، حسب الاحصائيات التي عُرضت خلال المحاضرة.
وتبين داليا حنان أن هذه الحرب تُركز على المرأة والفئة الشَّابة "هاتين الفئتين هما الأكثر إنتاجاً ضمن المُجتمع، لذا يتم استهدافهما بشكل خاص.
وترى أنه لمجابهة هذا النَّوع من الحرب الخاصة "يجب نشر الوعي بين الشَّباب والنَّساء عبر استخدام الوسائل التَّثقيفية التّوعويَّة، وزيادة نسبة الألعاب التَّرفيهية التّعليميّة، التي تساعد في تكوين شخصية فعالة في المجتمع، إضافة للندوات الحوارية وورش العمل، لنندمج ضمن المجتمع".
وأكملت "من هنا يقع هذا العمل على التَّنظيمات النَّسائيَّة، والفئات المُثقفة، والشَّخصيات النَّشطة، لتصحيح مسارنا وإبعادنا عن وسائل الحرب الخاصة".
وتؤكد داليا حنان أن الهدف من هذه الحرب هو التَّغلغل في قلب الشَّرق الأوسط لبناء آخر جديد "هم يبحثون عن نقطة الضَّعف الموجودة عندنا ويستهدفونها، كالمرض تماماً، وهذا نوع من الاحتلال يبدأ بتفكيك نسيج المُجتمع".
ونتج عن المحاضرة مجموعة من الوسائل لمجابهة الحرب الخاصة، نرد على ذكر أهمها "امتلاك الايدلوجية والسَّياسة التي تقوم على أساس الحريَّة والمساواة، امتلاك قوة فكريّة وذهنيَّة لمواجهة التَّحديات، اعطاء الحياة المعنى الحقيقي، امتلاك الثَّقافة التّنظيمية التي تؤثر في الشَّخصية والنّظرة للمشكلات، وللتدريب دور هام في إنشاء الفرد".