الديناميكية النسوية تندد بإقصاء النساء من المشاركة الفعلية في الحوار السياسي
تتخوف الديناميكية النسوية في تونس من استمرار السلطة في انتهاج سياسة إقصاء النساء وتهميشهن، وتعبر عن رفضها التام لكل سياسات إسكات النساء وانتهاك حقوقهن وهضمها وتندد بإبعادهن من الحوار السياسي.
زهور المشرقي
تونس ـ نظمت الديناميكية النسوية التونسية، أمس الثلاثاء 7 حزيران/يونيو، ندوة صحفية اعتبرته بمثابة النداء العاجل لنساء تونس وكل فئات الشعب التونسي ومكوناته التي سئمت الانتظار وفق وصفها، بخصوص التهديدات التي تمس الحقوق والحريات.
جددت الديناميكية النسوية المكونة من مجموعة من المنظمات النسوية، التزامها بالدفاع عن الحقوق والحريات والتمسك بالمساواة التامة والفعلية بين الجنسين، وعبرت عن استعدادها التام للدفاع عن الكرامة والعدالة الاجتماعية لكل تونسية وتونسي، مشيرةً إلى انشغالها بانسداد الأفق في ظل ما أسمته بغياب الضمانات الضرورية للمحافظة على المكتسبات التي تحققت في دستور 2014 والمجهولة مصيرها بعد الاستفتاء المرتقب.
وكانت الديناميكية قد بادرت منذ 25 تموز/يوليو الماضي، بصياغة مذكرة نسوية بعنوان "حتى لا نستثني حقوق النساء من الأجندات السياسية"، عبرت من خلالها عن أهم تخوفاتها من هدر المكتسبات الديمقراطية والنسوية وضمّنتها أهم المطالب المتعلقة بحقوق النساء والمساواة.
وأكدت الممثلة عن جمعية النساء الديمقراطيات حليمة الهمامي لوكالتنا، على أن الديناميكية طالما طالبت بتبني المقاربة التشاركية لا الاستشارية الصورية والشمولية، مشددةً على أن البلاد تعيش وضعية كارثية من ناحية المساس من حقوق النساء برغم دعوات الجمعيات النسوية ومنظمات المجتمع المدني بعدم الاقتراب منها لاعتبارها وليدة نضالات على مدى عقود من الزمن منذ سنوات الاستبداد قبل الثورة.
وذكرت حليمة الهمامي بأن النساء نزلن إلى الشوارع عام 2012 وطالبن بالمساواة التامة على أساس مواطنات كاملات لا مكملات، معبرةً عن تخوف الديناميكية بمكوناتها من ما يروج حول كتابة دستور الجمهورية الثالثة بشكل منفرد واقصائي، ومن أن تندثر العديد من المؤسسات وتٌعين أخرى موالية من قبل رئيس الدولة قيس سعيد دون تشريك أي جهة بما في ذلك التوجه نحو تنظيم استفتاء بهيئة انتخابات معينة ميزتها الوحيدة أنها استثنت النساء في تركيبتها، معتبرةً أن هذا الإجراء خطوة تمييزية أخرى تنسف مبدأ المساواة والتناصف الذين ضمنهما دستور 2014.
وشددت على أن ميزة كل أزمة هي التضحية بحقوق النساء ما أثار صيحة الفزع التي أطلقت اليوم موجهة لكل المناضلين من أجل دولة مدنية ديمقراطية ودولة حقوق ومؤسسات للوقوف صفاً واحداً ضد كل الهجمات، وأمام هذا التمشي الانفرادي الذي يؤسس لدولة استبدادية ثار ضدها الشعب التونسي منذ عشر سنوات.
وعلقت حليمة الهمامي على قضية القاضية التي تم عزلها وإجبارها على القيام بفحص العذرية، معتبرةً أن ذلك يعد انتهاكاً صارخاً للحياة الشخصية للنساء التي باتت تنتهك بأمر السلطة، مؤكدةً على تضامن النساء الديمقراطيات التامة واللامشروط مع القاضية، منددةً بانتهاج أعلى مؤسسة في الدولة خطاب الوصم الاجتماعي والأخلاقي والتشهير بجوانب تتعلق بالحياة الخاصة للنساء ما يعتبر من المؤشرات الخطيرة التي تدل على تعفن الحياة السياسية في تونس التي تبيح انتهاك أعراض النساء وتشجع على العنف.
من جانبها قالت عضو الهيئة المديرة بجمعية النساء الديمقراطيات سمر سحيق، أن الندوة تأتي كنداء يسبق الوقفة الاحتجاجية التي ستنظم يوم الجمعة 10 حزيران/يونيو، للتنديد بإقصاء النساء من الحياة السياسية والامتناع عن انتهاج مقاربة تشاركية حقيقية تنتصر للنساء.
وأشارت إلى أن النساء الديمقراطيات ترفض رفضاً قطعياً انتهاج رئيس الدولة ذلك التمشي الأحادي الذي استثنى فيه النساء على مدار سنة نسف فيه حقوق ونضالات النساء، مؤكدةً أن الجمعية تدين هذا الإجراء التمييزي الذي تعتبره منحى ابوياً مازال يؤثر على الثقافة السياسية ويعمق الفكر المحافظ المعادي لحقوق النساء في التحرر والمساواة ويستبعدهن من المشاركة في إدارة الشأن العام الذي يعتبر حقاً لا منة من أحد.
وجددت سمر سحيق مطالبات الديناميكية النسوية بانتهاج نهج تشاركي والابتعاد عن سياسة الإقصاء التي لم تعد مجدية منذ الثورة.
ونددت بما عاشته القاضية التي تعرضت لحملات تشهير مست حياتها الخاصة بعد عزلها من موقعها، معتبرةً أن ذلك أكبر دليل على أن الوضع غير مطمئن وبحاجة لوقفة حازمة يبدأ من الرفض الكلي للحوار المرتقب على هذه الشاكلة والاستفتاء على الحريات والذي تعتبر نتائجه معلومة مسبقاً ومخرجاته مفروض سيكرس للتمييز والإقصاء للشباب والجهات والنساء وسيتناسى الفئات الاجتماعية المتضررة من الاختيارات الاقتصادية الليبرالية التي زادت الفقراء فقراً وتغول فيها الأغنياء.
كما أكدت رئيسة جمعية جسور للمواطنة آمال عرباوي، أن منظمات المجتمع المدني ستدعم الوقفة الاحتجاجية لإيمانها بأهمية تشريك النساء في الحوار السياسي مشاركة فعلية فاعلة لا رمزية صورية، والمؤمنة بمدنية الدولة، معتبرةً أن كل أزمة تنتهك فيها حقوق النساء ويضيع خلالها مسار من مسارات الديمقراطية.
ولفتت إلى أن الديناميكية لن تقبل بالعودة لما قبل 25 تموز/يوليو الماضي، لأنها فترات عرفت أيضاً بانتهاك حقوق النساء ومزايدة وغياب المساواة الفعلية بين الجنسين في ظل غياب الديمقراطية الحقيقية رغم تضمين المبادئ بالدستور.
وذكرت بأن الديناميكية قد أعدت تصوراً كاملاً في مختلف المجالات تحدثت خلالها عن تخوفها من هدر حقوق النساء وضياع المكتسبات لكن ذلك لم يكن مسموعاً لدى السلطة.
وأوضحت في ختام حديثها "نحن لا نتبع جهة معينة بقدر انتمائنا لهذه البلاد وإيماننا بالديمقراطية الفعلية وحقوق النساء، وهذا ما سندعو إليه كنساء في وقفة الجمعة، نحلم ببلد ديمقراطي تقدمي لا تستثنى فيه النساء ولا تعنف ولا تقصى..."، مشددةً على أنه لا يمكن القيام باستفتاء على الحريات.