قافلة للكتاب من أجل تحفيز الفئة الشابة وأطفال القرى المغربية على القراءة

إيمانها الكبير بأنه بدون القراءة والمعرفة لا يمكن محاربة الهشاشة والفقر في المناطق القروية الفقيرة، جعلها تكرس كل وقتها وجهدها من أجل إيصال الكتب إلى مناطق تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

رجاء خيرات

المغرب ـ "قافلة الكتاب" مبادرة أطلقتها الناشطة الثقافية جميلة حسون من أجل إيصال الكتاب إلى القرى والمناطق النائية بالمغرب، وذلك لتشجيع الأطفال والشباب على القراءة.

تعمل الناشطة جميلة حسون منذ ثلاثة عقود على نشر الثقافة والمعرفة وحث الطلاب على القراءة، خاصة في المناطق النائية والقرى المغربية، من خلال قافلة الكتاب التي أطلقتها بهدف توزيع الكتب داخل المؤسسات التعليمية في مختلف مناطق المغرب.

وعن هذه المبادرة، قالت الناشطة جميلة حسون لوكالتنا "نشأت في بيت يحتوي على مكتبة كبيرة كانت لوالدي، وفي عام 1994 ارتأيت أن أفتح مكتبة عائلية بمراكش بالقرب من الحرم الجامعي، فوجدت أن الطلاب خاصة أولئك المنحدرين من المناطق القروية متعطشين للكتب والقراءة، فقررت أن أفتح فضاء أمام المكتبة لمد الطلاب بالكتب التي يحتاجونها يمكن تسميته بـ "طاولة القراءة" وهي مساحة تسمح للقراء بالجلوس في المكتبة للقراءة دون الحاجة إلى اقتناء الكتاب".

وأضافت بمرور الوقت، تحولت ‫"طاولة القراءة‫" إلى فضاء لاستضافة الكتاب والمفكرين للتفاعل مع القراء وتقديم كتبهم ومؤلفاتهم‫، مشيرةً إلى أن هذا الفضاء تطور مع الوقت وأصبح يمنح القراء مساحة للقراءة من مناقشة ما يكتبه كتّابهم المفضلون، منهم مغاربة وأجانب ولم تكن آنذاك المقاهي الثقافية قد غزت المدينة بعد.

وهذه اللقاءات التي كانت تتم في مدينة مراكش وفي فضاءات ثقافية مختلفة، لم تكن كافية لتروي عطش الناشطة جميلة حسون لتطوير مشروعها الثقافي الذي أرادت له أن يمتد ويتوسع ليشمل الفئات المهمشة والفقيرة من أبناء المغرب المنسي في الهامش، لذلك كانت تسعى دوماً لأن تذهب بكتبها وتسافر عبر المغرب لإيصالها إلى أوسع شريحة من الشباب.

لم تقبل جميلة حسون أن تبقى الكتب مركونة فوق الرفوف في المكتبة، خاصة مع تدني مستوى القراءة في صفوف المواطنين، لذلك قررت أن تحمل الكتب على متن سيارتها وتطوف بها في مناطق نائية عديدة من المغرب.

وعن هذه التجربة، أوضحت "لاحظت أن الشباب والأطفال في المناطق النائية يتلهفون لاقتناء الكتب التي كنت أحملها على متن سيارتي إليهم، لذلك قررت عام 2006 أن أطلق مبادرة "قافلة الكتاب"، حيث كنت أتوجه برفقة ثلة من الكتاب والكاتبات الصديقات إلى مناطق بعيدة من أجل تنظيم لقاءات مع الشباب والأطفال وتوزيع الكتب، وهي عملية كانت تجرى بتنسيق محكم ومسبق مع فعاليات ثقافية ومدنية ومؤسسات تعليمية بتلك المناطق".

لاقت المبادرة استحساناً كبيراً في أوساط الشباب، حيث مكنت القافلة التي تنظم بشكل سنوي من التقاء القراء  بكتابهم المفضلين، كما أن القافلة كانت تتخللها نقاشات لعدد من القضايا مع الشباب، كنوع من التوعية على مجموعة من القضايا ذات البعد الثقافي والحقوقي.

وحول مشروعها الثقافي ومدى تطوره، قالت "لا يمكن لأي منطقة أن تحقق التنمية المستدامة التي أصبحت شعاراً يرفع في كل المناسبات بدون حث الشباب والأطفال على القراءة، خاصة الفتيات اللواتي تنقطعن عن الدراسة لأسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية".

وعن عزوف الشباب عن القراءة وانتشار الإنترنت بشكل كبير، أكدت أن القراءة عملية تحتاج لمكان ينسجم فيه القارئ مع الكاتب، ولأن هذا المكان لا يكون متاحاً في أغلب الأحيان فإن الناس لا تقرأ "أذكر أنني كنت أقرأ في "بيت الخزين" وهي غرفة خاصة في البيوت التقليدية تكون مخصصة لوضع المؤونة والمواد الغذائية، حتى لا تلمحني العيون المتلصصة، لأن القراءة عملية خاصة تحتاج للهدوء والتفرغ والتركيز".

وأشارت إلى أنها طيلة القوافل التي نظمتها في أماكن مختلفة من البقاع، لاحظت أن الأطفال لديهم فطرة لاكتشاف الكتب وما تحويه من صور وقصص، لذلك ينبغي الاستفادة من هذا الفضول الفطري لديهم وتنميته لتشجيعهم على القراءة والمعرفة، لأنهم نساء ورجال الغد.

وتسعى إلى تطوير مشروعها الثقافي وخلق مساحات متجددة من التبادل الثقافي والمعرفي مع الآخر، يكون الهدف منه هو خلق بيئة ثقافية تحفز على القراءة والمعرفة وتحقق اللقاء مع صناع الثقافة عبر العالم والفئة الشابة المتعطشة دوماً لتخطي الحدود واقتحام عوالم جديدة، وهو ما يحتاج لتظافر الجهود بين مختلف العاملين في الحقل الثقافي بالمغرب، لاسيما أن الثقافة أصبحت هي المنفذ نحو اكتشاف الذات والآخر.

وخلصت جميلة حسون إلى أن الثقافة نفسها أضحت مشروعاً استثمارياً يمكن أن يجلب العديد من الاستثمارات ويخلق العديد من فرص العمل.