هل أنصفت الدراما المغربية المرأة؟
كثيراً ما تصوب السهام على الأعمال الدرامية والسينمائية المغربية وتتهمها بتهميش المرأة وإظهارها في حالة خنوع للرجل، أو أنها شريرة وسبب كل المشاكل التي تحدث في المجتمع وهو ما يتناقض مع الصورة التي تحاول المرأة المغربية الوصول إليها
حنان حارت
المغرب ـ ، فهل أنصفت الدراما التلفزيونية والسينما المرأة المغربية؟ وهل استطاعت أن تبرز الدور الفعال لها داخل المجتمع، والابتعاد عن الصور النمطية؟ هذا ما سنحاول التعرف عليه في التقرير التالي:
الدراما لم تنصف المرأة المغربية
تعد بشرى أهريش من الفنانات المغربيات البارزات فهي حاصلة على الدكتوراه في التسيير الثقافي إلى جانب تكوينها الفني، قدمت العديد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي تفاعل معها المشاهد؛ كما وأنها تجسد أدوار المرأة البسيطة بكل براعة، تقول لوكالتنا "لا يخفى على أحد أنه في السنوات الأخيرة عرفت الدراما المغربية تطوراً كبيراً، ومن المعروف أن الدراما في الأصل ماهي إلا مرآة تصور لنا المجتمع بحلوه ومره من خلال محاكاتها لهذا الواقع، إلا أنه للأسف الدراما المغربية لا تلامس الواقع الذي تعيشه المرأة في البلاد، ولم تتمكن من إنصافها؛ وإعطائها المكانة التي تستحقها من خلال الحبكة الدرامية".
المرأة مكملة لبطولة الرجل ليس إلا!
وتضيف بشرى أهريش حول الدور الثانوي الذي تلعبه المرأة في الأعمال التلفزيونية "المرأة المغربية اليوم حققت مجموعة من المكاسب وتمكنت من تقلد مناصب عديدة كوزيرة، وربانة، وغيرها من المجالات التي استطاعت اقتحامها، فهي النواة التي يعتمد عليها في مجال العمل، لكن في الدراما تظهر المرأة أنها مجرد تابع، وعندما يسند لها دور تظهر فيه دائماً أنها تدعم الرجل".
وأشارت إلى أن السينما والدراما التلفزيونية لا تزالان تفتقدان البطولة النسائية "الحكاية تنسج للرجل وبذلك تكون فيها البطولة ذكورية، وتظهر الممثلة دائماً مكملة لقصة البطل، يعني مساعدة في الحكاية وليست هي صلب الحكاية".
ودعت بشرى أهريش كتاب السيناريو إلى إنتاج صورة جديدة عن المرأة المغربية تكون أكثر جرأة في ملامسة واقعها الجديد بمختلف تجلياته وتحدياته، "المرأة حققت العديد من المكتسبات وتعتلي أكبر المناصب كما أصبحت حرية المرأة من أهم القضايا، ونجحت في كسر الكثير من التابوهات لكن للأسف الدراما لم تستطع بعد ملامسة هذا الواقع الجديد".
الدراما تنقل صورة المجتمع بإيجابياته وسلبياته
وتتفق الممثلة الشابة نسرين الراضي مع سابقتها في كون الدراما التلفزيونية والسينما ناقلتان للواقع المعاش ومرآة للحياة اليومية.
تجيب عن سؤالنا حول إذا ما كانت الدراما المغربية قد استطاعت الابتعاد عن الصورة النمطية للمرأة؟ بالقول إن "العديد من النساء يتعرضن للتعنيف والقتل والخيانة، وغيرها من الأمور التي من الممكن أن تجعل المرأة تعاني من الحيف والإجحاف والاضطهاد داخل المجتمع، كما أنه يوجد في الواقع أيضا نساء خائنات وشريرات وغيرهنَّ؛ وبالتالي دور الدراما أن تكون واقعية وليست خيالاً علمياً، فالدراما تنقل صورة المجتمع بإيجابياته وسلبياته ونجاحها يكون بقدر تجسيد هذا الواقع كيفما كان دون المبالغة".
لكنها استبعدت دور الدراما في تقديم الحلول وإعطاء مقاربة جديدة أو صورة بديلة عما تعيشه المرأة في الواقع.
صورة المرأة تتأرجح بين الضعف والشر
من جهتها تقول آمال الثمار التي تعد من الوجوه الراسخة في المشهد الفني المغربي سواء كان مسرحاً أو سينما أو تلفزيوناً إن "صورة المرأة المغربية في بعض الأعمال الدرامية دائماً ما تتأرجح في قالب المرأة الضعيفة والمستسلمة والخنوعة أو الشريرة والنكدية، كما أن بعض الأعمال الدرامية تروج لفرض تسلط الرجل في المجتمع، ولا نرى أعمالاً تبرز فيها المرأة في مراكز القوة، فقليلاً ما نجد أن هناك عملاً يتحدث عن المبتكرات أو العالمات، أو المرأة في التاريخ حتى يتعرف شباب اليوم بالنساء اللواتي وضعن بصمتهن في التاريخ سواء كن مغربيات أو اجنبيات، والتاريخ حافل بأسماء كثيرة".
الفكر الذكوري هو السبب
وحول سؤالها إن كانت الدراما والسينما قد تطرقتا للمواضيع التي تبرز الدور الفعال للمرأة في المجتمع؟ تجيب "تبقى قليلة تعد على الأصابع، وربما ذلك راجع للفكر الذكوري الذي يخشى من المرأة القوية وبالتالي لا يريد إظهارها أو وضعها في المقدمة وأن ترتكز عليها الحوارات".
وتشير الفنانة المغربية إلى أن الكتابة والسيناريو هما أهم شيء في الدراما والسينما، لهذا يجب على كتاب السيناريست حين الإقبال على الكتابة استحضار دور المرأة الفعال في المجتمع والابتعاد عن الصورة النمطية.
وقالت آمال الثمار إنه نادراً ما يتم الإسناد للممثلة بأدوار تظهر قوتها وتوجهاتها في الحياة، واستحضرت دورين تعتبرهما الأقرب لها ويجسدان صورة لكفاح ونضال المرأة المغربية ويتعلق الأول بدورها في فيلم "العائدون"، الذي أدت فيه دور المرأة المهاجرة التي تعود إلى أرض الوطن بعد وفاة زوجها، وكيف واجهت كل الصعاب التي صادفتها مع أبنائها.
وأيضا دورها في مسلسل "سالف عذرا" الذي بث في رمضان الماضي، وجسدت فيه دور امرأة تدافع عن حقوق النساء في زمن لم تكن لهن فيه لا حقوق ولا كلمة على حد تعبيرها، مجسدة شخصية "فاطمة" التي تحدت بطش وجبروت أخيها الذي كان يحكم القبيلة، وكانت تصرخ من أعماق قلبها "الحق يعلو ولا يعلى عليه".
أعمال تناولت قضايا المرأة بجرأة
أما الممثلة مريم باكوش فكان رأيها مخالفاً حيث اعتبرت أن هناك أعمالاً مغربية تناولت مشاكل المرأة وقضاياها الملحة بجرأة عالية، "بما أن الدراما هي نقل للواقع فلا يمكن تصوير العلاقات الاجتماعية على أنها مثالية؛ وبالتالي عندما يتم نقل واقع ما حول إحدى قضايا النساء لا يمكن تزييف الحقائق لإرضاء المشاهد، هناك نماذج سيئة في حياتنا اليومية وبرأيي أنه عندما تنقل الدراما الصورة الحقيقية مثلاً لتعنيف رجل لزوجته، أو يتم تقديم نموذج لامرأة خائنة لزوجها قد يجعل ذلك المشاهد يخجل من نفسه في حال قيامه بهذا الفعل".
أعمال تعكس نموذج جيد
وحول سؤالها إن كانت الدراما المغربية تتناول قضايا المرأة وتظهرها في صورة مشرفة؟ أجابت أنه "علينا عدم لوم الدراما عندما تنقل الواقع خاصة أن الكاتب هو جزء من هذا المجتمع، ويلامس هذا الواقع"، لافتةً إلى أن هناك العديد من الأعمال الدرامية اليوم باتت تعكس نموذج جيد للمرأة.
وأعطت مريم باكوش مثالاً وهو فيلم "لا وردة لحنان" الذي أدت فيه دور البطولة قائلة "إن الفيلم يعد من الأعمال المغربية التي تعكس صورة المرأة القوية والمتمردة على نظرة المجتمع لها ككائن ناقص بدون رجل".