فنانة من غزة تتخذ من رسم الجيتار قاعدة للانطلاق نحو قضايا النساء

تسبب هجوم القوات الإسرائيلية على غزة في التعتيم على لوحات الفنانة شهد تايه التي كانت تجسد قضايا النساء والفتيات، وطغت بدلاً منها الجوع والحاجة للدواء وتوفير الخدمات الأساسية.

رفيف اسليم

غزة ـ جسدت الفنانة شهد تايه من خلال لوحاتها صمود ومقاومة المرأة، مؤكدة أن القضية الفلسطينية هي المرأة، فالنساء تحملن تلك القضية فوق أكتافهن وتحاولن الدفاع عنها "فالمتتبع لضحايا الهجوم على غزة سيجد غالبيته نساء وأطفال".

 ولدت الفنانة شهد تايه في أسرة تتكون من مجموعة فنانين، فترعرعت بين لوحات متقنة الصنع، لتحلم في يوم أن تعلق على الحائط لوحة تضاهيهن لكن بيدها هي، فدرست الفنون الجميلة في جامعة الأقصى وأنتجت عشرات المسودات حتى وصلت اليوم إلى ما تصبو إليه منتجة لوحة تكوينها الأساسي التي تتحدث عن المرأة لتنطلق منه إلى موضوعات مختلفة.

الفنانة ومصممة الجرافيك شهد تايه، ولدت بالفطرة ولديها موهبة كما جميع أفراد عائلتها لكنها لم تهتم بالعمل على تطويرها، وعندما وصلت للمرحلة الجامعية وشاهدت البطالة في صفوف الشابات اقترح عليها والدها دراسة الفنون الجميلة كتخصص مؤكداً لها أنها ستبدع في المجال.

لاقت شهد تايه، الموضوع بقبول وبدأت بالتدريب على رسم المناظر الطبيعية والتكوينات الصامتة، موظفة الآلات الموسيقية في جميع لوحاتها، فالمتأمل للوحاتها يجد الجيتار يمثل جسد المرأة ومنه يتفرع الحديث عن العديد من الموضوعات الفرح، الأمل، الحزن، الاكتئاب، العنف، القوة وغيرها من تفاصيل الحياة اليومية التي تلتقطها من حياة النساء.

تشرح شهد تايه، أن إحدى اللوحات عبارة عن جيتار يعتليه جسد امرأة متطايرة الشعر كونها تشعر باكتئاب وله ظل رمادي بينما لونت الآلة بالأصفر كون الحياة ما زالت مستمرة وستمنحها ما تريد يوماً ما، وحتى المتأمل للأوتار سيجد عدة أوجه لأكثر من شابة، بينما اللوحة الثانية ركزت على الجيتار وناقشت الحرب والحواجز الاسمنتية التي فرضتها القوات الإسرائيلية بين المدن والقرى في مدينة غزة وختمتها بعنصر الورود لإيمانها بانتهاء الهجوم وازدهار المدينة من جديد.

لا يفهم المتأمل للوهلة الأولى الرسالة التي تريد شهد تايه إيصالها من خلال تلك اللوحات، كونها تفضل أن تغزو تلك اللوحات بعض من الغموض أو بصمة تميزها هي عن سواها من الفنانات اللواتي يتناولن قضايا النساء تجعل متأملها يقول ها هي شهد هنا، لافتة أنها بعد تدعيم اللوحة بجملة واحدة يفك المشاهد باقي شيفرات اللوحة ليفهم الرسالة كاملة.

تتلقى الكثير من الانتقادات، كونها ترسم رأسان للجسد والاثنان للمرأة، فيكون السؤال لماذا لا يوجد رأس للرجل وآخر للمرأة، لماذا الجيتار هو التكوين الأساسي لجسد النساء في اللوحات، لافته أنها ترى الأمور بتلك الطريقة وترفض إملاء ما يجب عليها رسمه فكل شخص له الحرية المطلقة في وصف القضايا كما يرغب، خاصة أن الاختلاف يكمل البشرية ولا يلغيها.

ترى شهد تايه، أن القضية الفلسطينية هي المرأة، فالنساء تحملن تلك القضية فوق أكتافهن وتحاولن الدفاع عنها، فالمتتبع لضحايا الهجوم على غزة سيجد غالبيته نساء وأطفال "لأن الاحتلال يريد أن يمحي وجود الفلسطينيات على أرضهن ويحولهن لأقلية"، مشيرة إلى أنها تنهي عمل يجمع بين القضية والمرأة عبر فن تفريغ الورق.

أثرت الظروف الحالية على أعمالها، كونها نزحت من الشمال إلى جنوب القطاع، فتركت أدواتها ولم تجد بديل سوى كرتون المساعدات والورق الأبيض الخفيف الذي لربما لا يصلح للرسم، مشيرة أنها بذلت الكثير من الوقت والجهد حتى تجد فرشاه واحدة وبعض الألوان التي استخدمتهم في انتاج لوحة تحاكي أزمة النزوح والحواجز.

شاركت بالعديد من المعارض الفنية أحدهم تابع لمؤسسة دار الكلمة وأخر لجمعية الشابات وعشرات المعارض الأخرى التي أثبتت خلالها موهبتها على الرغم من صغر سنها، مضيفة أن الطبيعة تكون حاضرة في لوحاتها وبقوة كونها تمثل جزء من السلام والراحة النفسية لمتأملها.

فيما ترى شهد تايه، أن الهجوم على قطاع غزة ساهم في التعتيم على بعض الموضوعات والقضايا التي تخص النساء والفتيات وطغت بدلاً منها الجوع والحاجة للدواء وتوفير الخدمات الأساسية، مؤكدة أنه بجهود الفتيات والنساء أنفسهن ستعود تلك الموضوعات مع التركيز على قضايا جديدة ظهرت بفعل الهجوم عبر اللوحات.