عبر رواياتها كاتبة مغربية تجسد واقع النساء ومعاناتهنّ
تعتبر أسماء المصلوحي من الأصوات النسائية التي فرضت نفسها بقوة في عالم السرد، منذ أن اختارت نساء من الهامش بطلات لأعمالها، تحاول أن تنقل معاناتهن وصرخاتهن المكتومة.

رجاء خيرات
المغرب ـ تكتب المغربية أسماء المصلوحي من محبرة المعاناة التي رصدتها في صفوف النساء بحي الملاح بمدينة تطوان المغربية، حيث نشأت وترعرعت بهذه المدينة، وآخر إصداراتها "رماد الأزمنة… يوميات امرأة في الأربعين"، رواية تتحدث عن تمرد امرأة على التقاليد والمجتمع الذكوري.
بطلات النصوص والروايات التي تكتبها الكاتبة المغربية أسماء المصلوحي، نساء عانين الإقصاء والاضطهاد، وحرمن من كل الفرص المتاحة لتعشن بحرية وكرامة، لكن روح التمرد والرغبة في الانتصار للحرية والاستقلالية والمساواة كانت دائماً الشعلة التي تنير دروبهن وتجعل أصواتهن وصرخاتهن مسموعة ومدوية.
روايتها "رماد الأزمنة… يوميات امرأة في الأربعين" والتي هي عبارة عن سيرة امرأة تستعيد تفاصيل حياتها عندما كانت طفلة، إنها أشبه باستعادة لزمن مضى لكنه بقى يسكن الكاتبة، من خلال مواقف كانت تتمنى لو أنها لم تعشها وأخرى تمنت لو كانت، فلها من الجرأة والشجاعة ما يكفي لتقول لا في وجه من أرادوا فرض الوصاية عليها وحرمانها من حق الاختيار، وهي حنين للطفولة واستعادة لما ضاع في غمرة الحياة التي عاشتها بطلة الرواية إلى أن بلغت سن الأربعين، آنذاك فقط تمكنت من التعبير عن رغباتها.
وأوضحت الكاتبة والشاعرة المغربية أسماء المصلوحي أن الرواية عبارة عن صرخة وتمرد على مجتمع محافظ لا يعترف بالحقوق الإنسانية للنساء ولا بقدراتهن، حيث تدور أحداثها في مدينة تطوان شمال المغرب، لافتة إلى أن المجتمع هناك معروف بكونه مجتمع محافظ ومنغلق، خاصة خلال سنوات الثمانيات والتسعينيات من القرن الماضي، حين كانت النساء تخضعن للتقاليد والأعراف التي لا يسمح بتجاوزها.
وقالت "بطلة الرواية لم تكن قادرة على التمرد والاحتجاج وبقيت صرختها مؤجلة إلى أن بلغت سن الأربعين، آنذاك أطلقت العنان لكل ما كان يعتمل في داخلها واستطاعت أن تعبر عن احتجاجها وتمردها على التقاليد والأعراف التي قيدت حريتها وجعلتها لا تقوى على الإفصاح عن رغباتها كما حرمتها من حرية الاختيار".
وحول كتاب "صرخات وردية… حكايا نساء من الملاح"، قالت أسماء المصلوحي إنها نشأت وترعرعت بحي الملاح بمدينة تطوان، وهو حي شعبي كان يقطنه أشخاص قادمون من الهامش، خاصة النساء اللواتي تأتين من مدن أخرى، حيث كانت مدينة تطوان بوابة نحو سبتة.
وأضافت "عندما كنت طفلة تشكل لدي وعيّ على حكايا وقصص النساء التي كنت أسمعها على لسان أولئك القادمات من المدن بحثاً عن حياة أفضل في تطوان، أو في انتظار العبور إلى الضفة الأخرى، هذه القصص كانت تثير في نفسي نوعاً من الفضول لكي أتابع تفاصيلهن ومأساتهن، وبقيت أحتفظ بتلك القصص التي سمعت بعضها من البطلات، والبعض الآخر روته نساء أخريات".
وأكدت أن أولئك النساء عشنّ حياة صاخبة تضج بالمعاناة والآلام والتمرد والعنف والظلم والاضطهاد، وهو ما دفعها لتكتبها على شكل بورتريهات، حتى تُسمِع أصواتهن وصرخاتهن المكتومة في مجتمع محافظ يطاردهن بالوصم والعار.
وعن تمكنها من استحضار تفاصيل حياة نساء حي الملاح وقدرتها على إيقاظ الذاكرة، أوضحت أن ذلك عائد لطبيعة الحي نفسه، حيث كانت أبواب البيوت في تلك الفترة مفتوحة، وكان الجيران كأنهم أسرة واحدة، يعرفون تفاصيل حياة بعضهم البعض "لم تكن الأبواب موصدة، ولا وجود لأسرار بين الجيران، كانوا يساندون بعضهم البعض ويقفون إلى جانب بعضهم في الأزمات والأفراح، مما جعل الحكايا والقصص في متناولي، وكنت أسمعها وأتابعها بشغف كبير، من جهة كان يتملكني التعاطف مع هؤلاء النساء، ومن جهة أخرى كانت القصص تغذي خيالي، كما كنت أستمتع بسماعها ومتابعة بطلاتها".
وعن اختيارها "لصرخات وردية"، حيث الصرخة هي ثورة على الظلم والاضطهاد، وبالتالي فهي تحمل صورة قاتمة عكس اللون الوردي، قالت إنها أرادت باختيارها للون الوردي أن تضفي نوعاً من التفاؤل والأمل، لعل تلك الصرخات المدوية التي أطلقتها هؤلاء النساء ضد الظلم والعنف تكون بارقة أمل لحياة أخرى أفضل.
صدر كذلك للكاتبة أسماء المصلوحي كتاب في جزأين بعنوان "أعلام وأسماء في ذاكرة تطوان" يتناول شخصيات مؤثرة في مجالات مختلفة من مدينة تطوان، سواء في الثقافة أو الفن أو التاريخ وغيرها، كما أنها تستعد لإصدار كتاب آخر عبارة عن بورتريهات أدبية لوجوه نسائية.