التمكين السياسي للنساء بحاجة لدعم مجتمعي وتغيير النظرة النمطية

تواجد النساء في المناصب القيادية حتى اليوم بحاجة لعمل وجهد جماعي لقبوله والأمر أكثر تعقيداً في المحافظات والأقاليم بسبب تأثير المركزية على الأفراد والمجتمع ككل.

أسماء فتحي

القاهرة ـ توجهت عدد من مؤسسات المجتمع المدني والنسوي منها تحديداً للعمل من أجل واقع أفضل للنساء وخلق مساحة لهن للمشاركة السياسية من خلال تمكينهن وتنمية مهاراتهن بداية من تأهيلهن للتواجد في المحليات وصولاً للتمثيل الحكومي والنيابي، إلا أن الأمر مازال متعثراً نتيجة الثقافة الذكورية المسيطرة والتي لا تعترف بقدرة النساء في خوض غمار المشاركة السياسية الفعالة.

لا يمكن إغفال ما يتم فعلياً من تمثيل هش وشكلي للمرأة من بعض الأحزاب السياسية فقط من أجل إكمال المظهر العام دون السعي لتأهيل النساء والفتيات الفعلي في التواجد وصناعة القرار، وهو الأمر الذي جعل البعض يرى مشاركة المرأة غير فعالة بينما انطلقت أصوات أخرى تنادي بالكوتا والتمييز الايجابي لكونه المسار الذي يمكن النساء على غرار ما يحدث مع العمال والفلاحين وغيرهم، فيما رأى آخرون أن التمثيل الحقيقي يكمن في التأهيل والعمل من أجل بناء كوادر قادرة على المنافسة والتأثير من خلال التدريبات والعمل الميداني التوعوي.

 

الشائعات والملاحقة والوصم أسباب جعلت بعض النساء تعزفن عن المشاركة

"حاولت خوض انتخابات النقابة ولكني فوجئت بحرب على أسرتي وتشويه سمعة لم أستطع تحمله"، بتلك العبارة بدأت سامية فوزي (اسم مستعار) حديثها والتي أكدت أن هناك وصمة لصيقة بالنساء اللاتي ترغبن في دخول المعترك السياسي تنال منهن.

رغبت سامية فوزي، في دخول معترك الانتخابات في نقابتها وهي عضوة بها منذ نحو 15 عاماً وتعرف كل ما يتعلق بالعمل النقابي ولها تواجد فعلي وداعمين، وهو الأمر الذي حفزها على خوض غمار الانتخابات وكانت محملة بالأمل في الفوز فلا ينقصها شيء كي تحصل على ذلك المنصب بحسب تعبيرها.

وقالت "حينما أعلنت ترشحي بدأت تتكشف لي بعض الأوجه ولم أكن أظن أبداً أني سأعاني على هذا النحو فقط لكوني امرأة سبق لي وانفصلت وتزوجت مجدداً وبدأت الأحاديث الجانبية تنال مني، بل أن هناك صفحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تنشر لي صور شخصية مما أثر على أسرتي ووضعت أمام الاختيار الصعب إما راحة بالي، وإما اكمال الانتخابات والمواصلة رغم كل ما حدث".

وأضافت أن مسألة انفصالها استخدمت ضدها من قبل المنافسين ليقولوا "لم تستطع إدارة شؤون أسرتها وفشلت فكيف لها أن تعمل على إدارة مصالح زملائها"، مؤكدة أن الخوض في حياتها الخاصة أنهكها وجعلها تتراجع عن الانتخابات رغم أنها تجد في نفسها القدرة على المنافسة والعطاء ولكنها لا ترغب في أن يعرض أطفالها لتلك العبارات اللاذعة التي قطعاً ستؤثر على دراستهم وحياتهم.

 

تمثيل النساء غير عادل ويحتاج للعمل على تغيير النظرة

أكدت الناشطة النسوية من محافظة الإسكندرية ميار مكي، أن التمثيل السياسي للنساء في مصر ضئيل للغاية وفي محافظة الإسكندرية والأقاليم بطبيعة الأمر أضعف لكون الخدمات والتدريبات أقل وذلك تأثراً بمركزية العاصمة وعدم إتاحة ذات الفرص خارجها.

وأوضحت أن تمثيل النساء في البرلمان والمجالس المحلية أقل من الرجال وهو أمر واضح للعديد من الاعتبارات أهمها عدم الثقة في قدرة النساء على اتخاذ القرارات، معتبرة أن الأمر يتطلب العمل على توعية النساء بأهمية المشاركة السياسية والتواجد في مراكز صنع القرار ثم التوجه للمجتمع الذي يحتاج تغيير نظرته النمطية للمرأة.

وعن معوقات التمكين السياسي للنساء فقد أرجعت ميار مكي، جانب منها لوعي النساء أنفسهن بأهمية المشاركة الفعالة ثم تأهيلهن وتطوير أدواتهن لتصبحن قادرات على العطاء في المجال العام ومراكز صناعة القرارات، مشيرة إلى أن هناك هيمنة ذكورية في المناصب العامة للحكومة وهم لا يؤمنون بقدرة النساء على العمل بجانبهم ويتم تجاهلهن حتى في صناعة القوانين التي تتعلق بهن.

وأوضحت أن المؤسسات النسوية باتت مهتمة بالتمثيل السياسي للنساء خاصة بعد ما حدث من تعطل للقوانين ومنها العنف الموحد والأحوال الشخصية بالبرلمان وإدراك أن هناك نساء بالفعل بالبرلمان ولكنهن لا يتبنين الأفكار النسوية الحقوقية وبالتالي طرأت أهمية للعمل على تأهيل كوادر على الوعي بالقضايا النسوية ولديهن إدراك لاحتياجات النساء وأهمية القوانين التي تحميهن من العنف والانتهاكات.

وأكدت أن النساء تحتجن لمزيد من الدعم للتواجد السياسي وأيضاً إيمان من صناع القرار بقدرتهن على هذا الأمر، مع ضرورة أن تعملن معاً من أجل تواجد فعال ومؤثر في مراكز صنع القرار حتى لا يصبح تمثيلهن هامشياً.

 

 

المعوقات نسبية وتختلف من أسرة لأخرى

قالت هاجر عادل، التي تعمل منسقة بإحدى الجمعيات في محافظة الاسكندرية، إن هناك أزمات قديمة تتعلق بتمثيل النساء وقدرتهن على المشاركة السياسية بينما الأمر تغير مع مرور الوقت وأصبح هناك مساحة مناسبة من التمثيل السياسي والتواجد في مراكز صنع القرار.

وأوضحت أن هناك بعض المعوقات التي تؤثر على توجه النساء للمشاركة السياسية ومنها البعد المادي والقدرة على الإنفاق في الانتخابات على سبيل المثال، فضلاً عن العائلة وتأثيرهم على هذا التواجد لكون الكثيرين منهم لا يقبلون بدخول النساء في المعترك السياسي حتى لا يتم التعرض لهن وتشويههن وربما يصل الأمر للتأثير على السمعة، بالإضافة إلى الأفكار الذكورية التي لا تجد للنساء قدرة على صناعة القرار بينما الرجال قادرين على فعل كل شيء.

وبينت أن تلك المعوقات نسبية تختلف من شخص لآخر، مؤكدة أن هناك أسر داعمة بالفعل للفتيات والنساء وتشجعهن على التواجد السياسي على مستويات مختلفة سواء في المجالس المحلية والأحزاب السياسية وغيرها من المناصب.

واعتبرت أن أحد أعقد الاشكاليات التي تعرقل النساء تتمثل في كون الكثير من الرجال لا يرغبون في تلقي الأوامر من النساء لأن هناك جانب من التنشئة والثقافة يضع المرأة في مرتبة أقل من الرجل، وبالتالي عمله تحت يدها ينتقص من رجولته وفق اعتقادهم.