'الدولة الإيرانية استبعدت الفنانين لتنفيذ مصالحها'
تعتقد الفنانة شقايق نوروزي أن سبب انضمام الفنانين لاحتجاجات هو الهيكل الفاسد الذي أنشأته الجمهورية الإسلامية، فقد أنفقت أموالاً طائلة على الفنانين ليعملوا كعبيد لها.
شهلا محمدي
مركز الأخبار ـ مع انطلاق ثورة المرأة تحت شعار "Jin jiyan azadî"، انضم عدد من الفنانين إلى الاحتجاجات وأعربوا عن دعمهم للثورة، على الرغم من حقيقة أنه على مدى السنوات الماضية لم يقتصر الأمر على التزامهم الصمت تجاه جرائم إيران فحسب، بل قاموا بالترويج لأيديولوجية الحكومة من خلال الأفلام والمسلسلات، بسبب سيطرة الحكومة القوي على السينما والتلفزيون يمكن القول إن الفنانين لم يكن لديهم خيار سوى الانصياع لأوامرها.
لم يؤيد بعض الفنانين الثورة في بدايتها، بالرغم من دراية البعض منهم بالسياسات المتبعة من قبل الدولة الإيرانية، بينما قاطع العديد من الفنانين مهرجان فجر السينمائي الذي انطلق أمس الأربعاء الأول من شباط/فبراير، والذي يُعرف بأنه مهرجان حكومي وأداة سياسية في يد الدولة.
وعن دعم الفنانين لثورة في شرق كردستان وإيران التي انطلقت تحت شعار "Jin jiyan azadî"، ومقاطعتهم مهرجان فجر السينمائي، كان لوكالتنا حوار مع الفنانة والناشطة في مجال حقوق المرأة شقايق نوروزي.
ما الدور الذي لعبه الفنانون لمساندة الشعب في انتفاضتهم ضد الدولة الإيرانية؟
انضم عدد كبير من الفنانين/ات لثورة جينا أميني، وهو ما لم يحدث في الانتفاضات السابقة. بدون أدنى شك يمكن القول أن سبب ذلك هو قوة ثورة الشعب. كل الفئات رأت الصواب في الانضمام إلى هذه الثورة، وذلك بسبب جدية الناس ورسم طريق لا رجوع فيه. هذا ليس مجرد تغيير في المصالح، فالثورة ستنتصر بشرط واحد ألا وهو اتحاد مصالح جميع الفئات الاجتماعية، لقد ارتبطت اهتمامات الفنانين والمشاهير بهذه الثورة.
لم تكن جينا أميني أول امرأة تقتل على أيدي السلطات الإيرانية بسبب الحجاب الإلزامي، فقد قتلت العديد من النساء. إن مقتل جينا أميني سلط الضوء على العديد من القضايا العالقة؛ منها اضطهاد الأقليات والعنف ضد النساء والفتيات، بالإضافة إلى الحجاب الإلزامي الذي استغرق مناهضته سنوات عديدة من قبل الحركة النسوية في إيران، التي لاقت دعماً كبيراً من النساء في جميع أنحاء العالم، خاصة من قبل الحركة النسائية في كردستان وأفغانستان. هذه القضايا كانت سبباً في تضامن الفنانين/ات مع الانتفاضة الشعبية.
ما أهمية انضمام الفنانين/ات إلى الانتفاضة الشعبية؟
كان سبب انضمام الفنانين للثورة هو البنية الفاسدة التي أنشأتها الجمهورية الإسلامية. باعتباري أحد الفنانين في إيران، فمنذ الصغر وعملي على مدى 12 عاماً، استطعت أن أرى الطريقة التي سيطرت فيها المؤسسات الأمنية على كل المجالات في البلاد، ففي السنوات الأخيرة، لم يكن سراً الدخول إلى مكتب يتم فيه تقديم محرر أو منتج مرتبط بوكالة أمنية.
وبحسب ما قاله أساتذتنا، فقد كانت هناك خطة جادة حول كيفية وضع المؤسسات الفنية مثل المسرح والسينما تحت سيطرة الحكومة، في بداية الثورة قال الممثلون ماذا سنفعل بالسينما الخارجية أو ما الأفلام التي سنقدمها في المهرجانات، وهذا لا يعني أن الناشطين في هذا المجال لم يكن لديهم استقلالية فكرية، بل يعني أن النظام كان فاسداً تماماً كان نظاماً ضد الاستقلال الفكري. لهذا يتعرض الفنانون الذين قاوموا وانضموا إلى الانتفاضة الشعبية للتهديد والاعتقال.
أنفقت الجمهورية الإسلامية أموالاً طائلة للاحتفاظ بالفنانين الذين كانت تنظر إليهم على أنهم عبيد لها، وتحمل النساء بشكل خاص مسؤولية القيام بالدعاية للجمهورية الإسلامية بأجسادهن. أكثر الدعايات سخافة هي امرأة تستحم وهي ترتدي الحجاب أو امرأة تنام في سريرها وهي محجبة، كان من أبرز أهداف السينما والمسرح الترويج للجمهورية الإسلامية، وإضفاء الشرعية للنظام.
إن النساء وحتى المخرجين وافقوا على هذه المهزلة، حيث إن جلوس امرأة أمام زوجها خلال تأدية دورها وهي مرتدية الحجاب، تفيد بأنه يجب الانصياع لدوريات الإرشاد وعملها، هؤلاء النساء لم تجرؤن على نشر صورهن بدون الحجاب، لقد بعثت الحكومة برسالة إلى العالم الخارجي مفادها أنه لا يوجد انتهاك لحقوق الإنسان والمرأة. ولهذا تمرد الفنانين/ات على السلطات.
عندما سيطرت المؤسسات الأمنية على المسرح والسينما لم يتم تشكيل مشاريع مستقلة ودوائر فكرية مستقلة. لقد كانت العلاقة بين الفنانين/ات والمفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان والحركات النسائية بعيدة كل البعد عن الحقائق. لقد تم تقديم عروض ثورية من قبل الفنانين/ات بالوقوف أمام الكاميرا دون الحجاب الإلزامي، إن أولئك الذين لديهم إمكانية أكبر في الظهور على وسائل الإعلام بما في ذلك الفنانين/ات بإمكانهم رفع أصواتهم بشكل أكبر.
لوسائل الإعلام دور مهم فكيف بالإمكان تسخيرها لتوعية الناس؟
هذه مهمة صعبة، لذا تم تكليف الناشطات بمهمة التوعية بالرغم من تعرضهن باستمرار للعنف السيبراني، يجب على النشطاء الحفاظ على روح النقد والتساؤل. بالرغم من قلة أدوات النشطاء/ات والمناضلين من أجل الحرية الذين يسعون إلى المساواة وإدراكهم تقاطع العدل والقمع، إلا أن أصوات النشطاء لم تصل إلى أي مكان، ولكن ما كان يختلف كثيراً عن عام 1939، هو أن الشعب الإيراني حقق التقدم خطوة بخطوة. ورغم جهود بعض وسائل الإعلام في تغطية الأحداث التي كانت تجري، إلا أنهم فشلوا في إيصال أصوات النشطاء المدنيين.
يجب ألا نشعر نحن الناشطين والسياسيين أو أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى وسائل الإعلام الحرة للتعبير عن رأيهم، بخيبة أمل لأننا ندفع بالثورة إلى الأمام من خلال وسائل الإعلام.
كيف سيؤثر مقاطعة الفنانين/ات مهرجان فجر السينمائي الذي تحتضنه العاصمة طهران على الوضع في البلاد؟
الفنانون الذين اعتادوا المشاركة في مهرجان فجر السينمائي أكدوا على أن عملهم ليس له علاقة بالسياسة. يشهد مهرجان فجر السينمائي هذا العام مقاطعة كبيرة من قبل الفنانين/ات، لم يتم الكشف عن الأفلام التي سيتم المشاركة بها إلا في اللحظات الأخيرة وجميعها ممولة من قبل الشركات التابعة للحكومة. وعلى عكس السنوات السابقة عندما كان من الصعب الحصول على تذاكر لهذا المهرجان، لم يتم بيع التذاكر هذا العام لقد كانت القاعة فارغة.
يلعب الفن الحكومي دوراً في إظهار الواقع عكس ما هو عليه، لقد قدموا عرضاً لإضحاك الناس، وظيفة الحكومة هي أن تقول أن كل شيء طبيعي وأن الناس يضحكون. في الوقت الذي يقلق فيه الناس بشأن الوضع الاقتصادي، يقولون أن كل شيء طبيعي وأن المتاجر مليئة بالسلع، إن المؤسسات الحكومية تستثمر في السينما والتلفزيون، لقد أثر هذا الضغط الاقتصادي على الفنانين أيضاً. لم يكونوا مستعدين للقيام بذلك من قبل، لكنهم الآن تحت الضغط الاقتصادي، إن الحكومة كانت تجني الكثير من السينما والمسرح، لهذا من المهم جداً لها أن تقيم هذا المهرجان.