السودان... مصابات الفشل الكلوي في مواجهة الحرب والمرض
يقف مرضى الكلى في السودان أمام مصير مجهول وقد يواجهون الموت نتيجة مضاعفات المرض خاصة بعد خروج العديد من مراكز غسيل الكلى عن العمل، الأمر الذي يهدد حياة المئات منهم للخطر.
آية إبراهيم
السودان ـ في مركز لغسيل الكلى بمدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر تواجه عدد من المصابات بالفشل الكِلوي اللواتي جاءت بهن ظروف الحرب بالبلاد للولاية أوضاع مأساوية في ظل عدم توفر الاحتياجات الضرورية من أدوية وضغط كبير على الماكينات وخروج بعضها عن الخدمة.
أصبحت مدينة بورتسودان بديلاً للعاصمة الخرطوم بعد المواجهات التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15نيسان/أبريل من 2023 حيث لجأ إليها عدد كبير من الفارين من جحيم الحرب خاصةً المرضى بينهم مرضى الفشل الكلِوي لتوفر عدد من المؤسسات الصحية بالمدينة ما أدى إلى ضغط كبير على المراكز الصحية.
ويواجه القطاع الصحي أوضاعاً صعبة بعد المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يتمثل في شح وانعدام الأدوية الضرورية ما انعكس بشكل مباشر على المرضى خصوصاً مرضى الفشل الكِلوي فقد سبق أن كشف بيان للجنة التمهيدية لنقابة الأطباء في السودان عن إن انقطاع التيار الكهربائي المستمر لأكثر من أسبوعين عرض وحدة غسيل الكلى في مدينة الأبيض بغرب البلاد لخطر الإغلاق، وأدى إلى وفاة ما لا يقل عن 12 مريض كانوا بحاجة لغسيل الكلى.
تقول المهندسة الطبية بمركز غسيل الكلى ببورتسودان سلمى عثمان محمد الحسن إن أغلب مراكز غسيل الكلى بالسودان توقفت عن العمل، مما أدى إلى الازدحام الشديد في مركز بور تسودان والذي سبب ضغط كبير على الماكينات، لافتةً إلى أنه تعطلت 9 ماكينات في المركز بسبب حاجتها إلى اسبيرات (قطع الغيار).
وأوضحت أن المركز كان يضم في السابق حوالي 40 ماكينة عاملة وكان يستوعب عدد كبير من المرضى ولكن مشكلة الماكينات أصبحت تمثل تحدي كبير إلى جانب توقف المحطة عن العمل منذ عامين "المركز لا يستطيع الأن استيعاب جميع المرضى خاصة من هم بحاجة إلى محاليل التعقيم".
وطالبت وزارتي الصحة الاتحادية والمالية بالالتفاف للمركز وتوفير احتياجاته من ماكينات وإسبيرات ومحاليل تعقيم، لافتةً إلى أن "المشكلة الأخرى التي تواجه المركز تتمثل في عدم توفر المياه "نحتاج لـ 40 طن يومياً الولاية ملتزمة بعشرين طن وما تبقى نقوم بشرائه".
ميمونة علي صالح مريضة بالفشل الكلوي تتحدث عن الصعوبات التي تواجهها خلال تلقي العلاج أن "من أكثر المشاكل التي تواجهني خلال فترة العلاج هي عدم الحصول على الأدوية بالشكل المطلوب إضافة إلى المعاناة من انقطاع التيار الكهربائي".
وقالت الجمعية الدولية لأمراض الكُلى إن مرضى الكُلى يمثلون مشكلة صحية كبيرة في السودان، إذ إن العلاج محدود ومكلف، ويعتمد ما يقدر بنحو 8 آلاف شخص في السودان على غسيل الكلى كي يستمر حياتهم.
من جانبها أكدت الممرضة بمركز غسيل الكلى حليمة إبراهيم على استقرار الأوضاع بعد أن عاشوا ظروف صعبة في بداية الحرب بسبب ازدحام المركز بالمرضى القادمين من ولايات مختلفة مما أدى لضغط كبير على المركز".
ولفتت إلى أنهم استطاعوا تدارك الصعوبات التي مروا بها خلال الفترة الماضية وقدموا تغطية كبيرة للوافدين، داعيةً وزارتي الصحة الاتحادية ووزارة المالية والجهات ذات الصلة بضرورة النظر للعاملين بالمركز بتحسين أوضاعهم وزيادة نسبة أجورهم.
وبحسب وزارة الصحة الاتحادية خلال تشرين الأول/أكتوبر 2023 فإن نحو ثمانية آلاف مريض غسيل كِلوي يتلقون خدماتهم عبر حوالي (105) مركز للغسيل الكلوي في كل ولايات السودان، كما يوجد حوالي 4 آلاف و500 زارع كلى يتلقون علاجهم عبر مراكز تواجدهم بالولايات والتي تقوم بتقديم خدمات مجانية بالتنسيق مع المركز القومي للكلى عبر برنامج العلاج المجاني.
بدورها قالت المهندسة الطبية بمركز بورتسودان لغسيل الكُلى سارة السر إن المركز يعمل بعدد 31 ماكينة وأن هناك 5 ماكينات خرجت عن الخدمة بسبب ظروف الحرب التي يمر بها السودان، مضيفةً أن معاناتهم تتمثل بشكل كبير في عدم الحصول على إسببيرات الماكينات في ظل توقف الشركات الراعية للمركز عن العمل، إضافة لعدم توفر مواد تعقيم ومشاكل انقطاع التيار الكهربائي المتكررة والمستمرة، مما أدى إلى خروج المحطة عن العمل لحوجتها لعمليات صيانة.
وتصل المخاطر التي يواجهها أصحاب الأمراض المزمنة في السودان بسبب الحرب درجة الموت في حال عدم تمكن المريض من الحصول على الأدوية والرعاية الصحية في الوقت المناسب، في ظل توقف الخدمات الطبية وخروج عدد من المؤسسات الصحية عن الخدمة.
وقال تقرير للتحالف النسوي في إقليم دارفور، غرب البلاد في حزيران/يونيو 2023، إن جميع مرضى الكُلى في مدينة الجنينة غرب دارفور توفوا.
وبعد دخول الحرب عامها الثاني في السودان ما يزال الآلاف من مرضى الفشل الكِلوي يواجه مضاعفات صحية في ظل البحث عن جلسات غسيل الكلى والاصطدام بعقبات أخرى من عدم توفر الأدوية وانقطاع التيار الكهربائي وسط ضبابية المشهد بالبلاد في ظل استمرار المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ليصبحوا أمام مصير مجهول وقد يواجهون الموت نتيجة مضاعفات المرض.