لبنانية تبتكر علاجات بديلة بعيدة عن الطب التقليدي
يتجه الكثير من الناس للعلاج بالطب البديل، فقد بات يشكل ملجأً لهم للحصول من الطبيعة على حياة صحية خالية من الأمراض وبمواد نظيفة بعيدة عن الملوثات وبطرق صحية وبسيطة.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ يعتبر الطب البديل رديفاً ومساعداً للطب التقليدي، وانطلاقاً من هذا الموروث الثقافي المحلي والعالمي اللبنانية المختصة بالطب البديل حنان بو نجم تطبق أسس هذا الطب في مجالات الوقاية والعلاج من الأمراض الحادة والمزمنة.
التطوع في صفوف الصليب الأحمر بعمر 16 سنة خلال الحرب، وانخراطها في سلك التعليم، وتأليف المسرحيات المدرسية وكتابة المقالات العلمية لا سيما في مجال الطب البديل وغيرها من المحطات الهامة، كان لهذا التاريخ المتنوع أثراً على اللبنانية المختصة بالطب البديل حنان بو نجم في رسم حياة صحية لها ولعائلتها، حيث قالت "كنت أسكن في الكويت، وكان لدي شكوك حول صحية كل ما هو معلب، لذا اتجهت عند عودتي إلى لبنان إلى الأراضي النظيفة التي لم يمسها ولم يتدخل في زراعتها أو يصطاد فيها الإنسان، كما ابتعدت عن السكريات والطعام المصنع، لأتمكن من الربط بين الغذاء الصحي والسلوك الإنساني".
وتابعت "كانت المواجهة الأولى من خلال مرض ابني الوحيد، حيث أن الرضاعة الطبيعية لم تعد كافية لتغذيته، لذلك قدمت له الحليب المجفف، تعرض على إثر ذلك لحساسية حادة والتهابات في الأمعاء، وبعد أسبوع من العلاج بمضادات الحساسية وأدوية الالتهاب والكورتيزون، لم يشفى، مما اضطرنا لنقله للمستشفى حيث كان هناك احتمالية خضوعه لعملية استئصال اللوزتين، إلى جانب وضع قناة في الأذنين، إلا أنني رفضت ذلك وقررت أن نعتمد على الغذاء الصحي الكامل والمتوازن كان عبارة عن الأرز البري حيث شفي بعدها تماماً".
وأضافت "الأرز البري هو الأرز الكامل بقشره أنه مفيد للأطفال والمسنين وأيضاً لعلاج حالات العقم، فضلاً عن حليب الأمارينت أو القطيفة وحليب القنب الهندي التي يتم الحصول عليها بجرش الحبوب ونقعها بالمياه لاستخلاص مادة حليبية منها، فضلاً عن استنبات القمح والشعير العضوي ونبات الألفا ألفا (وهو يشبه البرسيم)، لقد اعتمد النظام الغذائي لابني على هذه النباتات".
وعن كيفية حصولها على مصادر البروتين قالت "من سمك السالمون النرويجي وفاصوليا الأزوكي نوع من البقول كان يزرع في بلادنا منذ 800 عام وتوقفت زراعته بعد ذلك، والآن نضطر لاستيرادها، والمميز في هذا النوع من البقوليات أننا نستطيع شرب منقوعه بعكس البقوليات الأخرى وباطمئنان تام لخلوه من الغازات، وحبوبها تشبه شكل الكلية ومن هنا جاءت تسميتها بحبوب الكلى، حتى أنها تحمي من الإصابة بمرض قصور الكلى فضلاً عن تنقيتها".
وعن المراجع التي اعتمدت عليها حنان بو نجم في الطب البديل قالت "تحول هذا الشغف من هواية إلى حياة يومية وعمل منتج، وتجاربي على المعلومات التي استقيتها من الطبي العربي والنبوي والأبحاث الحديثة في مجال المايكروبيوتيك، والتي تركز على أن المعدة هي الدماغ الثاني للإنسان والتي تؤثر على الصحة بشكل عام، لذا بدأت تجاربي على النباتات والثمار من الطبيعة اللبنانية منها الخوخ البري".
وتابعت "اتجهت لتقنية التخمير التي لا تحمي الفيتامينات والإنزيمات الطبيعية فحسب، بل أيضاً البكتيريا المفيدة التي تتواجد في الميكروبيوم السليم مثل البروبيوتيك والبريبيوتيك، وبدلاً من تناول مكملات الغذاء يمكننا أخذ هذه الثمار التي تتحول إلى ما يسمي أوميبوشي المستخدم في اليابان، لقد تمكنت من صنعه باستخدام الخوخ البري النامي على ارتفاعات شاهقة بعيداً عن الملوثات، وأسست علامة تجارية تتضمن تصنيع أول أوميبوشي لبناني على شكل معجون وحبوب الخوخ المخمرة وخل، استغرقت عملية تخميره عدة سنوات، يمكن إضافته إلى الطعام كبديل عن معجون البندورة".
ولفتت إلى أنها "تمكنت من زراعة نبات الشيزو الياباني ذو الأوراق النبيذية اللون، من خواصها منع حدوث الالتهابات وتقوية الذاكرة وخواص الإدراك، استخدمها في السلطات وأضيفها إلى خل الإجاص البري وغيره".
وحول شجرة حبوب القراسية وهي نوع من الخوخ البري قالت "للأسف فقد أصبحت هذه الشجرة نادرة، ويمكن تناول ثمارها قبل أن تصل لمرحلة النضج تتميز بطعمها الحامض، وبعد أن تنضج يكون طعمها سكري منكه، وأنصح الجميع بالمحافظة عليها وتناولها لخواصها المساعدة على التقليل من الإصابة مرض السرطان والتأكسد في الجسم، وهي مفيدة للمايكروبيوم أو النظام البكتيري داخل الجهاز الهضمي كونها تنمو في البرية ولا يتم رشها بالمبيدات"، داعية للمحافظة على هذه الأشجار وعدم قطعها.
وعن فوائد شجرة الزعرور قالت "نقوم بجمع أزهارها لتقطيرها، وحالياً بدأ ظهور ثمارها وسننتظر حتى تنضج لتناولها كفاكهة برية لما لها خواص علاجية كثيرة، ففي ألمانيا يستخدم مقطر أزهار الزعرور في علاج أمراض الشرايين والقلب والضغط وقبل استخدام الأدوية الكيميائية نستخدمه لمدة 21 يوماً فقط حتى لا يتسبب بمرض سيلان الدم، قد أذكر بعض الفوائد للنباتات إلا أنه هناك عشرات الفوائد لها".
وعن نبتة شوك الجمل قالت "النحل وحشرة زيز الحرير وحشرات أخرى، تدرك مدى أهمية هذا النوع من النباتات الشوكية، حيث تستخدم في الوقاية من أمراض السرطان خاصة سرطان البروستات وأهميتها لصحة الكبد، وتحديداً من خلال تقطيرها، كما أن النحل يتغذى على أزهار هذه النبتة منتجاً عسل شوك الجمل، ويمكن استهلاك بذورها أيضاً".
وعن أهمية أوراق شجرة الصنوبر قالت "يمكن استخدامها بعد تجفيفها كالشاي ذات رائحة صنوبرية جميلة، كما أضيف لها الخل حتى تخميرها، خصوصاً خل ثمار حب الآس الأبيض والأسود، وشخصياً أشربها على الريق فنجاناً من هذا الخل كمانع للتأكسد والوقاية من الأمراض المزمنة وخصوصاً السرطان وأمراض الجهاز العصبي كما أنه مفيد للأمعاء والميكروبيوم".
وعن نباتي الشمرة والطيون قالت حنان بو نجم "أصبحنا في نهاية موسم نبتة الشمرة الهامة، حيث يمكن إضافتها إلى الشوربة أو البيض، استخدم بذورها التي أجمعها من البراري ثم تقطيرها في علاج طفيليات الأمعاء، كما أدعو الأشخاص الذين لديهم بثور في الوجه لاستخدام مغلي بذور هذه النبتة بطريقة الغسل"، مضيفةً "الطيون نبات بري يستخدم النحل أزهاره في الخريف كغذاء للقفير في وقت تندر فيه الأزهار".
وتابعت "أما بالنسبة للاستخدام البشري أقوم بغسل أوراقها ثم تقطيعها وتجفيفها ثم إضافة ربع الكمية من المردكوش ونقع الخليط بزيت الزيتون قبل تعريضه لأشعة الشمس لمدة أسبوعين، نستخدم هذا الزيت لعلاج الأطفال الذين يعانون من السعال والبلغم، وللبالغين الذين يعانون من حرقة المعدة والتقرحات، نطلق على هذه النبتة شافي الجروح والتقرحات، ويمكن للنساء اللاتي تعانين من إفرازات مهبلية استخدام مغلي أوراقها على شكل غسول كما يمكن استخدام الزيت بالوقت نفسه".
وعن فوائد نبات الكبار البري قالت "يتواجد نبات القبار أو الكبار أو الشفلح في مناطق عديدة منها العراق، وعلى الرغم من أهمية زهوره وأوراقه وبراعمه ودرناته التي تحتوي على البذور إلا أنه مهمل طبياً، حيث نجمع البراعم ونخمرها بالماء والملح وخل الإيموبوشي بينما في إيطاليا يستخدمون الملح فقط في هذه العملية، نبتته غنية بالمعادن خاصة المغنيزيوم، وفي الأردن يقوم طلاب المدارس بجمعه وبيعه لإنتاج مكملات غذائية، أما الأزهار فأقوم بجمعها وتجفيفها في الظل لاستخدامها كشاي، وحتى الأوراق التي تشبه بخواصها مادة المورينغا غنية بالمعادن المفيدة حيث أقوم بتخليلها مع الثمار بعد نضجها، يمكن استخدم منقوع ثمارها المطحونة بالثلج كالبخات على منشفة لمن يعاني من أوجاع في العمود الفقري وآلام الديسك، قد يشعر المريض بحرقة لذا يجب استخدامها من قبل مختص بالطب البديل".
وعن نبات الفرفحين أو البقلة أوضحت "ينمو هذا النبات في البرية وبين المزروعات ويعتبر من الحشائش غير المرغوب بها، على الرغم من فوائده التي لا تقدر بثمن، وشخصياً أفضل البرية منها سيقانها تميل للون الأحمر تحارب الشيخوخة، وذلك من خلال تأثيرها على المادة الجينية بشكل إيجابي".
وعن المنتجات الحيوانية التي تنصح بتناولها قالت حنان بو نجم "أكتفي بلبن الكفير الذي أصنعه بتخمير حليب الماعز لما له من فوائد جمة، يقدم كشراب للمريض والزائر في مستشفيات روسيا، لاحتوائه على الخمائر والبكتيريا الصديقة للجسم وعلى فيتامين (ب) ومعادن عدة أساسية، يقوي هذا اللبن جهاز المناعة ويساعد على محاربة الالتهابات البكتيرية والفيروسية، ومنع تصلب الشرايين وتقليل مستوى الكولسترول وأمراض العقم والسرطان وغيرها من الفوائد المهمة".
وفي ختام حديثها قالت "لدي إنتاجية كبيرة من هذه النباتات وغيرها، لكن من المستحيل أن أقوم بهذا العمل لوحدي، فهناك عدد من النساء اللواتي تساعدنني على جمعها بكل موسم، منها الخوخ البري والرمان والإجاص البري وأقوم بنقلهن إلى المناطق المطلوبة خاصة أن معظمهن تسعين لتحقيق اكتفائهن الذاتي لكن ليس لديهن وسائل نقل، وعدد النساء بكل موسم لا يقل عن خمسة، وأقوم بتسويق الإنتاج في أسواق معينة"، مضيفةً "بالنسبة للتسويق إما أقوم بذلك بنفسي أو عن طريق جمعية "أرضنا"، ولدي مخازن تتسع لكميات كبيرة خاصة أن المخمرات منها تحتاج لسنوات حتى تكون جاهزة للاستخدام، على سبيل المثال الرمان يحتاج ما لا يقل عن 8 أشهر وخوخ البرقروق ما بين 3 إلى 5 سنوات، نحاول من خلال هذا العمل تشجيع النساء على الإنتاج للوصل إلى الاكتفاء الذاتي".