زينب خان... المرأة التي ناضلت بقصائدها

اتخذت زينب خان مكانة مهمة في جميع المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية، وناضلت من أجل قضايا شعبها وجنسها للحصول على حرياتهم ومساواتهم، وكانت هي الشاعرة والمُدرسة لشقيقها الشاعر المعروف يونس رؤوف دلدار.

مركز الأخبارـ ولدت زينب خان في الحادي والعشرين من شهر آذار/مارس عام 1900 في حي برفيقند في مدينة كوي بإقليم كردستان. كبرت زينب خان الأخت لستة أخوة ذكور ضمن عائلة مثقفة ووطنية ومؤمنة. تنحدر من عائلة حاجي قادر كوي والدها هو ملا رؤوف أفندي كان أيضاً شاعراً معروفاً. كل هذا كان له تأثير على زينب خان ليبدأ ويزداد اهتمامها وشغفها منذ الصغر. عندما لاحظ والدها ميولها وحبها للاكتشاف في ذلك الوقت حاول تعليم ابنته في المدرسة.

عندما بلغت زينب خان من العمر ست سنوات أخذها والدها إلى بغداد وسجلها في مدرسة البنات. في مرحلة الدراسة بقيت زينب خان في منزل خالها. وفي نفس الفترة عملت في إذاعة بغداد وسجلت أغاني كردية بصوت كل من مريم خان وألماس خاني. كان العمل في الإذاعة لها بمثابة مدرسة لغة وفن. بعد ست سنوات من الدراسة، عادت زينب خان إلى كوي موطن طفولتها.

 

تأثير احتلال الوطن على عدم المساواة بين المرأة والرجل

مثل العديد من القضايا الاجتماعية، كتبت عن عدم المساواة بين المرأة والرجل. وجدت أنها داخل أسرتها لا تختلف عن والدها وأشقائها، ووصلت إلى مستوى عالٍ من المعرفة واجتازت الكثير من المراحل. لذلك كتبت بطلاقة وأثارت دهشة الناس. ربطت قضية عدم المساواة بين المرأة والرجل باحتلال البلد وأوضحت كيفية تأثير هذه القضايا على بعضها البعض من خلال كتابة الشعر. لفتت الانتباه في إحدى أبيات قصيدتها التي كتبتها حول هذا الموضوع إلى احتلال البلاد وأشارت إلى أنه بدون حرية الوطن لن تكون هناك مساواة بين المرأة والرجل.

وفي عام 1924 كتبت قصيدة عن عيد العمال. في هذه القصيدة لفتت زينب خان الانتباه إلى حالة العمال وبينت إنه بدون كفاحهم لن يتقدم الوطن ولن تثمر شجرة الحياة. أيضاً من أجل ذلك قالت: "ليتني أصبحت عاملة لأبني مدرسة لأطفال كردستان".

 

الأخت الكبرى ومُدرّسة يونس رؤوف دلدار

زينب خان هي الأخت الكبرى لشقيقها يونس رؤوف دلدار أحد أشهر الشعراء في المنطقة. تعلم يونس كل شيء على يد أخته، وتأثر بحبها للفن وبدأ مثلها بكتابة الشعر. كانت الأخت الكبرى زينب خان المُدرّسة والمعلمة ليونس وإخوتها الستة الآخرين. وبسبب اهتمام يونس بالفن وكتابة الشعر، كرست المزيد من الوقت لتعليمه حتى أصبح مختصاً مثلها.

 

في قرية بستان بهولير

بسبب سلطة الاحتلال الإنكليزي هاجرت مع عائلتها من كوي إلى قرية بستان التابعة لمدينة هولير. تزوجت زينب خان في تلك القرية من سعيد آغا المتحكم بتلك المنطقة. كان زوج زينب خان مفكراً مثقفاً ومنفتحاً، لذلك لم يضع أي عوائق أمامها ولم يمنعها من شيء. فكانت عضواً في المجلس التأسيسي في حزبي داركر وهيوا Darker û Hêwa دائماً كانت تكتب وتتبنى أفكارها ومعتقداتها السياسية بشجاعة.

بقدر ما كانت تبحث عن العلم والمعرفة، ركزت أيضاً على تعلم اللغات. ومن خلال جهودها تلك تعلمت إلى جانب اللغة الكردية كلاً من اللغة العربية، الفارسية والتركمانية. وبالإضافة إلى الأدب الكردي قامت بتحليل آداب شعوب المنطقة المكتوبة بهذه اللغات أيضاً. ومثل السيدة مستورة الكردستانية كتبت زينب خان عن كل القضايا والمواضيع، فكتبت عن مدينة كوي لوحدها سبع قصائد.

 

بالإضافة إلى كونها شاعرة كانت فارسة ومحاربة

كتبت أيضاً قصائد عن أسلوب الدفاع. فقد كانت مؤمنة بقضية رفع السلاح والمحاربة من أجل حرية البلد، وليصبح الاستقلال ممكناً وجدت الحاجة إلى تدريب النساء والرجال معاً جنباً إلى جنب والمحاربة بوعي وعقلية حب الوطن. باعتقاد زينب خان حمل السلاح ضروري من أجل حرية البلد، وقد أشارت إلى ذلك في قصائدها. لم تقتصر على كتابة ذلك بل سعت إلى تحقيقه من الناحية العملية. لقد كانت قناصة وفارسة شجاعة واتخذت مكانة إلى جانب زوجها في كل من الساحتين السياسية والعسكرية. عندما خرجت مع زوجها للرماية، في البداية قام زوجها بإطلاق النار على الهدف ولكنه لم يصبه، فأخذت زينب السلاح من يده وأصابت الهدف بدقة.

 

"في كل كتاباتها لفتت الانتباه إلى أهمية الحماية"

أدلت مُدرّسة جامعة السليمانية البروفيسورة والدكتورة شكرية رسول بتقييمات مهمة عن حياة الشاعرة زينب خان. بينت شكرية أن زينب آمنت دائماً بحمل النساء للسلاح ضد اضطهاد المجتمع واحتلال البلاد وقالت: "في كل منتوجاتها التي قرأتها أشارت إلى حساسية قضية حمل السلاح التي تستطيع تأمين الحماية. ولاحظتُ في الأبيات الشعرية في جميع قصائدها أنها تجد الحاجة إلى المساواة بين النساء والرجال، وذلك في ظروف الحياة الحرة. وترى أن حرية البلد والمجتمع تتحقق بالمساواة بين المرأة والرجل. لقد كانت شاعرة ناجحة جداً وشعرت بألم شعبها وأحست به من أعماق روحها".

 

"والد زينب يؤمن بآرائها"

تحدث أيضاً الباحث عبدالله زنكين عن حياة زينب خان وعائلتها وأوضح أن والدها كان مثقفاً في المنطقة وله تأثير واضح وتابع قائلاً: "أخذ والد زينب ابنته إلى بغداد لتتعلم في مدرسة البنات. وفتح الطريق أمامها بكل السبل المتاحة، كان لهذا تأثير إيجابي على تفكير وآراء زينب وقدرتها على التصرف بثقة والكتابة بحرية. في الواقع، ومن خلال قراءة قصائدها تظهر قوة تحليلاتها الدالة على أنها تمتعت بشخصية قوية".

 

الفتاة الكردية

كتبت تحت الاسم المستعار (فتاة كردية) في مجلة كلاويج والعديد من المجلات والصحف. نشرت جميع منتوجاتها بهذا الاسم. جذبت هذه الكتابات الغنية المحتوى انتباه أحد الباحثين، فقام بالبحث والتحري عنها ووصل إلى المصدر ووجد أن اسمها زينب خان. قالت الشاعرة التي كتبت دائماً بحب كبير من أجل المرأة: "تستطيع المرأة أن تفعل أشياء كثيرة. وسيكون لها رأي دائم إن سعت وراء اختلاف وتفاوت قوتها وجسارتها. ستصبح رائدة إذا أثارت وعبرت عن أفكارها وذكرياتها الغنية عن طريق المشاعر. يجب أن لا تكتفي بالانشغال بالغزل والنسيج، بل يجب عليها بالإضافة إلى ذلك كتابة آرائها".

توفيت زينت خان في عام 1963 بعد إصابتها بمرض السرطان. ودفنت في مقبرة ملا محمد في مدينة هولير بإقليم كردستان. تركت زينب خان وراءها ديوانين للشعر، عشر قصائد للأطفال، بعض القصص القصيرة والمذكرات.