مناضلة وحقوقية دونت تاريخ المرأة الجزائرية

"هل هناك مشكلة للمرأة الجزائرية"، إنها إحدى المقالات التي رأت فيها مريم زرداني أنه يجب منح المرأة حق العمل عند الحديث عن تحريرها وليس من خلال الحجاب والتقاليد، كما احتجت على استبعاد المحاربات القدامى من مكتب المنظمة الوطنية.

مركز الأخبار ـ مريم زرداني مناضلة من أجل الاستقلال الجزائري ومحامية وناشطة نسوية، رأت أنه من غير الممكن التحدث عن تحرير المرأة الجزائرية من خلال الحجاب والتقاليد، التحقت بجهة التحرر الوطني بعمر الـ 17 عاماً.

 

استبدلت مقاعد الدراسة بصفوف الجبهة

في ظل الحروب والصراعات التي شهدتها المنطقة العربية ولا تزال تشهدها، برزت شخصيات نسائية في الحركة الوطنية الجزائرية شاركن في أحداث تشكل من خلالها مجتمع وسياسة سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي، منهن مريم زرداني التي نشأت على القهر والظروف الصعبة التي فرضها الاستعمار الفرنسي على الشعب الجزائري.

قررت استبدال مقاعد الدراسة استجابة لدعوات جبهة التحرر الوطني بالولاية الرابعة التاريخية بالجزائر، بعد أن نالت ما يكفي من العلم والمعرفة وتشربت بقيم النضال الوطني التحقت مع رفيقاتها صافية عزيز وفضيلة مسلي بصفوف الجبهة للعمل كممرضة على الرغم من أنها لم تكن ممرضة لكن كانت مدفوعة بحس وطني تحرري، إلى جانب نضالها المسلح من أجل استقلال بلادها وهي لا تزال طالبة في الثانوية عمرها لم يتجاوز 17 عاماً.

نظمت مع مئات الطلبة عام 1956 إضراباً شكل منعطفاً تاريخياً في مسار الثورة التحريرية للجزائر، استطاعت من خلال هذا الإضراب وتأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين جذب الرأي العام الفرنسي والعالمي لصالح الثورة التحريرية، كما أن التحاقها بالثورة التحريرية مثلت جبهة التحرير الوطني على مستوى المنظمات الإقليمية والدولية والمؤتمرات والملتقيات التي عقدت في مختلف دول العالم، كما شهد لها أصدقاء دربها بشجاعتها ومبادئها حتى وهي داخل سجون الاحتلال الفرنسي.

سجنت عام 1957 في فرنسا على خلفية نشاطاتها في تقديم الرعاية الطبية للجنود الجزائريين وحُوكمت أمام محكمة خاصة بالسجن لمدة خمس سنوات، واحتجت مع عدد من السجينات على ظروف سجنهن من خلال رسائل أعادت نشرها منظمة الإغاثة الشعبية الفرنسية وكذلك لجنة الطالبات الجزائرية والتونسية والمغربية بتونس، وبقيت في السجون الفرنسية التي حولت إليها حتى نيل بلادها الاستقلال ووفقاً لبنود اتفاقية إيفيان.

 

من النضال المسلح إلى النضال بالقانون

انطبع اسمها في سجل مناضلات الثورة التحريرية التي شهدت لها بالشجاعة والتضحية والوطنية، بقيت وفية للمبادئ والقيم التي انغرست في وجدانها، حتى بعد أن نالت بلادها الاستقلال واصلت عطائها بإخلاص، فقد عادت لاستئناف دراسة القانون، وانتخبت نائبة عام 1964 ولم تكن هناك سوى 10 نائبات منتخبات من أصل 196 نائباً، كما كانت عضواً في مكتب البرلمان وشاركت في لجنة التعليم والثقافة، إلا أنها تركت السياسة في ذات العام واتجهت للقانون.

أصبحت محامية في نقابة المحامين بالعاصمة الجزائر، عرفت بدفاعها المستميت عن حقوق الإنسان ضد عنف الشرطة، وكذلك خبيرة لسنوات عديدة في لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بجنيف، إلى جانب مشاركتها في جميع النضالات من أجل حقوق المرأة، حيث أن نضالها ضد الاستعمار الفرنسي وقيادتها للحركة النسوية جعل منها أيقونة النضال.

كانت مريم زرداني واحدة من النساء اللاتي تصدين لقانون تنظيم الأسرة الجزائري كونه كان مجحفاً ومهمشاً للنساء، إلا أنها تمكنت من إحداث بعض التغييرات الجوهرية عليه وإعطاء النساء المزيد من الحقوق، كما كانت جزءاً من الاتحاد الوطني للمرأة الجزائرية الذي لطالما ركز على التمييز المستمر وسوء المعاملة والكراهية التي تواجه بها النساء.

قبل وفاتها عن عمر يناهز 86 عاماً طالبت في ظل الاتحاد بتحقيق مبدأ تكافئ الفرص ومعالجة القضايا المستمرة التي تؤرق النساء والفتيات وتأثر على حياتهن ومستقبلهن، معتبرةً أن جميع البلدان النامية تعاني مشاكل عدم كفاية تنظيم الأسرة وانقلاب النمو السكاني وبالتالي حتماً الفقر، وكانت قد أثنت على البرازيل لأنها واحدة من البلدان القليلة في العالم التي سمحت للنساء بشغل منصب سفير في نفس الوقت الذي يعين فيه أزواجهن في هذا المنصب.