المرأة المصرية الثائرة صاحبة "الباب المفتوح"

شكلت نموذج جديد للمرأة العربية، لطيفة الزيات صاحبة رواية الباب المفتوح التي ركزت فيها على إبراز دور المرأة في الثورات وأهمية تحقيق حرية المجتمع والبلاد، حظيت بدعم شعبي وجماعي.

مركز الأخبار ـ لطيفة الزيات ناقدة ومن أبرز رائدات العمل النسائي في مصر، أولت اهتماماً خاصاً لشؤون المرأة وقضاياها، لها العديد من الكتب الأدبية الناقدة والروايات، أشهرها رواية "الباب المفتوح".

 

لحظات التحول لا تعرف عمراً ولا جنساً

في مدينة دمياط المصرية ولدت الروائية والكاتبة لطيفة الزيات عام 1923، درست بجامعة القاهرة وحصلت على درجة الدكتوراه فيها، إلى جانب درجة الدكتوراه في الأدب الإنكليزي، عاصرت فترات مهمة في تاريخ بلدها الحديث فكانت نموذجاً جديداً للمرأة العربية.

تطورت وتكثفت أنشطتها السياسية بمرور الوقت ففي المرحلة الثانوية انضمت للمظاهرات المناهضة لبريطانيا وكانت بداية طريقها السياسي ونشاطها، وفي المرحلة الجامعية انخرطت بالجماعات اليسارية وتم انتخابها سكرتيرة للجنة الوطنية للطلاب والعمال وأن كان انتخاب شابة يدل على شيء فهو يدل على الطبيعة التقدمية للحركة الوطنية إلى جانب القدرات العظيمة التي تمتعت بها لطيفة الزيات التي قادت الحركة للنضال من أجل تحقيق الاستقلال لمصر.

تعرضت للسجن مرتين مع وقف التنفيذ على خلفية خطاباتها النارية بحق القصر الحاكم، وبذلك عاشت تجربة سياسية مبكرة مكنتها من تكوين ذاتها التي عاشت بها من أجل الجميع، معتبرةً أن العمل كناشطة يعطي فرصة لتتحلل الذات الشخصية لتثريها الذات الجماعية، محاولةً تحقيق التوازن بين الشخصي والسياسي وبين الفرد والجماعة، وبقيت طوال حياتها تؤمن بتشابك المجال الخاص والعام معتبرةً أنه لا يمكن أن يكون أحدهما بمعزل عن الآخر.

 

الباب المفتوح لمستقبل أفضل

شكلت رواية "الباب المفتوح" التي دخلت في قائمة أفضل مئة رواية عربية، علامة فارقة في كتابة المرأة العربية، لم تصور لطيفة الزيات المسعى إلى الحرية كطريق سهل وواضح، بل جسدته بعثراته وصعوباته.

تعد الرواية البداية الفعلية التي فتحت الطريق أمام الرواية الواقعية للكاتبات المصريات، وتمثل بشكل كبير الواقع الذي كان موجوداً في مصر خلال فترة الخمسينات في القرن العشرين.

بطلة روايتها فتاة ذكية ومليئة بالحيوية، تعيش في مجتمع تقليدي لا ينتظر من المرأة إلا الخنوع والطاعة، لكن ليلى لم تستسلم وناضلت لتحصل على حريتها كإنسانة، كما انخرطت في الحركة الوطنية من أجل أن تحرر بلادها أيضاً.

صورت الكاتبة الآمال والانهزامات والانتصارات التي مرت بها البلاد، كما ركزت على أهمية مشاركة المرأة لتحرير وطنها، وأن تخرج من عزلتها ومن داخل الأسوار التي فرضتها عليها الأعراف والتقاليد.

اهتمت لطيفة الزيات بالربط بين القضايا السياسية والاجتماعية، والثقافية والتأكيد على دور المثقفين في التعبير عن الموقف العام للبلاد، وحققت التوازن بين الخاص والعام وسيرة الفرد وتاريخ البلاد.

كانت الرواية عملاً رائداً على عدة مستويات باحثةً عن العلاقة التي تربط القومية بالنسوية وهي علاقة معقدة لا تزال موضوعاً ساخناً للنقاش بين النسويات.

 

أوراق شخصية شكلت ذاكرة الحرية

كما أن كتاب لطيفة الزيات "أوراق شخصية" اعتبر من أهم وأجرأ ما كتبته المرأة العربية ولون غير تقليدي وأشبه بالروائي من السيرة الذاتية، تخصص بقضية الحرية في أكثر من اتجاه، كما تناول هذا العمل بكل شفافية ووضوح أصعب الأوقات في حياة لطيفة الزيات من احتضار أخيها إلى أيامها في السجن الذي زجت فيه عام 1981 لوقوفها في وجه التطبيع الثقافي مع إسرائيل، فكتبت سيرة ذاتية بعنوان حملة تفتيش تتحدث فيها عن ظروف اعتقالها.

حيث عرضت بجرأة نادرة التناقضات بين العام والخاص، والسياسي والشخصي، لتقدم سيرة فريدة لمناضلة وأديبة وامرأة حرة، ترجم لأكثر من لغة، ضم الكتاب ثلاثة ذكريات في أحدها أن السعادة التي يتم البحث عنها على حساب سلامة الذات واستقلالها "سعادة وهمية"، سردت في هذا السيرة العديد من الروايات منها "صورة المرأة في الرواية العربية".

كانت هزيمة العرب عام 1967كفيلة بتوقفها عن الكتابة بعد أن غمرتها مشاعر الغضب حيث قالت "بعد هزيمة 1967 كرهت الكلمات وبالتالي الأدب، اقتصرت قراءاتي على التاريخ والاقتصاد، وكتبت أن رصاصة واحدة في وجه العدو أهم من كل كلمات العالم".

لكن بالنسبة لشخصية كلطيفة الزيات تنظر إلى الحياة كسلسلة من البدايات والاستجابات لبدايات جديدة واستمرارية شبيهة للاستمرارية في التنفس، ترى أن الصمت والهزيمة غير مجدية ولن تدوم مدى الحياة، لذلك واصلت عملها العام كرئيسة لقسم النقد الدرامي بالمعهد العالي للفنون وكمديرة للأكاديمية المصرية، وعضو في العديد من المنظمات منها اتحاد الكتاب الفلسطينيين ومجلس السلام الدولي، كما مثلت بلادها في عدة مؤتمرات منها مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة، حتى توفيت عن عمر ناهز 73 عاماً.