يواجهن ظروف الحياة الصعبة بالعمل على البسطات

النساء لا يعرفن الاستسلام حتى في مخيمات النزوح، ويتحملن مسؤولية إعالة أسرهن في أسوأ الظروف بأبسط إمكانياتهن.

سيلفا الإبراهيم

منبج - تحت خيمة لا تقي حر صيف ولا برد شتاء، تجلس النازحات في مخيمات منبج بشمال وشرق سوريا لتبعن بعض المواد على البسطات، متحديات الظروف المعيشية الصعبة.

في ظل تقاعس المنظمات الإنسانية عن مهامها في سوريا عموماً ومناطق شمال وشرق سوريا بشكل خاص، يعيش النازحون ظروفاً معيشية صعبة، ففي مخيم الشرقي لمدينة منبج الكائن في قرية رسم الأخضر يعيش نازحي ريف حلب الشرقي كمسكنة ودير الحافر ظروفاً صعبة.

تعلق نعيمة عبد الرزاق مع بزوغ الشمس بعض الأقمشة وملابس الأطفال على إحدى الخيم، وتفرش على الأرض بقية بضاعتها، وتراقب المارة لعل أحدهم يشتري منها قطعة وتفرح بثمنها أطفالها.   

نعيمة عبد الرزاق (50 عاماً)، نازحة من مدينة مسكنة، وهي أم لأربع بنات وابن، قالت وهي تستذكر رحلة نزوحها أثناء معارك مرتزقة داعش مع قوات النظام "نزحنا من الرقة إلى الطبقة ومن ثم إلى مدينة منبج بعد أن تحررت"، مبينةً أنه "قبل الحرب كنا نعيش حياة مستقرة، ولم نكن نهتم بالجانب المعيشي كما اليوم، فقد كنا نعمل بالزراعة لكن بعد أن دارت آلة الحرب أصبح أكبر همنا لقمة العيش، ونحن نقبع في مخيمات النزوح وسط تقاعس المنظمات الإنسانية".

وأضافت "أحمل مسؤولية العائلة بعد وفاة زوجي قبل النزوح وإحدى بناتي مصابة بمرض نفسي ما يزيد الوضع سوءاً بالنسبة لي، فهذه الظروف دفعتني لأن افتتح بسطة صغيرة بقدر إمكانياتي لأعيل أسرتي"، مشيرةً إلى أنها تعمل منذ أربع سنوات "عندما يتدهور وضعنا الاقتصادي بشكل كبير أضطر لإيقاف عمل البسطة ومن ثم استأنف عملي في حال توفر ثمن البضاعة لدي، أو أطلب ديناً من أحد معارفي".

وعن صعوبة تحملها لوحدها مسؤولية العائلة بينت أنه "مررنا بالكثير من الصعوبات، ففي الكثير من الأيام بقينا جياع لأننا لا نملك ثمن الخبز، ومساعدات المنظمات الإنسانية المخجلة لا تكفي لإعالة أسرة"، موضحةً أن أطفالها محرومون من ملابس جديدة للعيد "مع اقتراب العيد أطفالي يودون شراء ملابس جديدة لكن الوضع المادي لا يسمح لنا بذلك، فما سنصرفه على ملابس العيد نصرفه الآن على لقمة العيش".   

أما زهور رجب 35 عاماً، وهي نازحة من مدينة مسكنة فلديها 5 أبناء و3 بنات، كانت فلاحة كسابقتها قبل النزوح "افتتحت هذه البسطة منذ نزوحي أي منذ 2017، والحاجة كانت أولى الأسباب التي دفعتني لذلك في ظل الوضع الصحي المتدهور لزوجي وإصابته بالديسك"، موضحةً أنه "حتى ابنائي لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم أيضاً يعملون في المدينة لتوفير لقمة العيش". مبينةً أنها استدانت في البداية لتفتح هذا العمل، واشترت الزينة للأطفال إلى جانب بيعها أنواع مختلفة من التوابل.

تقول زهور رجب عن عمل نساء المخيمات أنهن تعتمدن على أنفسهن، "أغلب نساء المخيم تعملن لتعتمدن على أنفسهن في سبيل إعالة أسرهن، فالبعض منهن تفتتحن البسطات، ومنهن من تعملن في المعامل في المدينة، والبعض في الأراضي الزراعية، وبعض النساء عاملات نظافة في المخيم، أي الجميع في حركة دائماً لتوفير قوته اليومي"، موضحةً أن "الحياة تفرض علينا بأن نعمل دون كلل كي نستمر فيها، ونحن على هذا الأساس نقاوم ظروف الحياة ولا نستسلم".  

تعود زهور رجب بذكرياتها قبل الحرب والنزوح، وتقول إنهم يعيشون اليوم معاناة يأملون أن تنتهي "كنا نعمل أنا وزوجي في الأراضي الزراعية يداً بيد، من أجل بناء عائلتنا لكن الحرب غيرت كل شيء، لا زلت اتذكر اللحظات التي قصف فيها منزلنا بالطائرة، ولحسن الحظ لم يصب أي أحد بمكروه وخرجنا من مدينتنا ونحن نودع ذكرياتنا التي رقدت بين ركام الحرب".

وأضافت "قصدنا مدينة منبج أثناء المعارك الدائرة في سوريا في عام 2017، لأنها كانت الملاذ الآمن، لكننا نتمنى العودة إلى مدينتنا لنبني منزلنا فهذا الشعور بالراحة لا يضاهيه شيء".

وأنشأ مخيم منبج الشرقي الواقع شرق جنوب منبج في قرية رسم الأخضر في 2017، عقب المعارك التي دارت بين قوات النظام ومرتزقة داعش في مدينتي مسكنة ودير الحافر بالريف الشرقي لمدينة حلب، والذي أدى إلى موجات نزوح كبيرة.

ويبلغ عدد النازحين المتواجدين في مخيم الشرقي 430 عائلة، 2179 فرد، أما مخيم الشرقي الجديد والذي أنشأ أيضاً في نفس العام، ويضم نازحي نفس المنطقة 649 عائلة، 3792 فرد.