"تحدي الخير" حملة لترميم البيوت المتهالكة بغزة
تعج مواقع التواصل الاجتماعي بآلاف الصور يومياً لأطفال يموتون من البرد القارس وبيوت آيلة للسقوط غارقة بمياه الأمطار
رفيف اسليم
غزة ـ ، تعود ملكيتها لأسر تعيش أوضاع معيشية صعبة لا يقيها سوى أربعة جدران وسقف من الحديد أو "الأسبست"، تلك المشاهد نمت فكرة مبادرة "تحدي الخير" التي تقوم بها الصحفية أمل حبيب في قطاع غزة برفقة فريقها لتتحول من مجرد مشاهدة إلى مبادرة تساعد تلك الأسر.
"تحدي الخير" بحسب أمل حبيب يستهدف الأسر التي تسكن البيوت المتهالكة وتواجه الغرق بكل منخفض جوي يزور قطاع غزة مما يؤرق حياتهم ويحولها لجحيم في ظل البرد الشديد ومياه الأمطار التي تغطي أرضية المنزل فلا يصبح هناك مكان للجلوس إضافةً لغرق بعض المقتنيات كالأثاث المنزلي، كل ذلك في وقت تشهد مدينة غزة وساكنيها تردي الأحوال الاقتصادية وتدني الأجور التي بالكاد تكفي لتوفير لقمة العيش.
وتبين أمل حبيب أن الفكرة تقوم على استثمار مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المؤثرين لجمع التبرعات أسوة بالحملات المنفذة مؤخراً فالتحدي يستمر لمدة (24) ساعة وعلى كل شخص مشارك ضمن فريق الحملة أن يجمع الأسهم الكافية لترميم بيت من البيوت حيث يتراوح سعر السهم الواحد لـ (30) دولار، لافتةً أن ذلك التحدي يشكل حلقة وصل بين كلاً من المؤثرين والمتبرعين وأصحاب البيوت لجمع الأموال التي تساهم في تحسين حياة أسرة بأكملها.
وتلفت أمل حبيب إلى أن المبادرة بدأت بأربعة بيوت لتجربة معدل نجاحها مقسمة على أربعة أشخاص وقبل أن تكتمل الأربعة وعشرون ساعة كان الأربعة أشخاص أتموا التحدي مجمعين المبلغ المطلوب لترميم البيوت المذكور عددها وقد تم البدء بالمحافظة الجنوبية، مشيرةً أنهم نشروا صوراً لما قبل إجراء التصليحات اللازمة لتلك المنازل وما بعدها للمحافظة على المصداقية.
وتؤكد أمل حبيب أن تحدي الخير مبادرة شبابية أقيمت بدافع المسؤولية الاجتماعية هدفها ترميم (50) بيت خلال فصل الشتاء الحالي من كافة محافظات قطاع غزة، مضيفةً أن بعد انجاز المرحلة الأولى أصبحت الكثير من العائلات تتواصل معها وتدعوها لمشاهدة حال منازلها الآيلة للسقوط لذلك أصبحت تستعين وفريقها بالجمعيات الخيرية وبعض المراكز المتخصصة لتحديد الأسر الأكثر حاجة للمساعدة.
وكان أكثر ما شجع أمل حبيب على تنفيذ الفكرة رؤيتها لصور البيوت الغارقة بمياه الأمطار ومشاهدتها لصور الأطفال السوريين على الحدود التركية وبعضهم يتجمد من البرد أو يفقد حياته ففكرت أن تكون صلة وصل لمساعدة الأسر في قطاع غزة، مشيرةً أنها عندما زارت إحدى العوائل وسألت الأطفال عن أحلامهم أجابتها طفلة أن حلمها هو أن يكون لمنزلها سقف يحميها من مياه الأمطار أو بعض حبات الثلج التي أصبحت تسقط مؤخراً.
وترى أمل حبيب أن مشكلة تلك الأسر هي مشكلة جماعية على الجميع أن يساهم في حلها لذلك اتسع عدد الفريق ليشمل (10) أشخاص في الوقت الحالي وهو عدد قابل للزيادة لتكون الفائدة أعم وأشمل لدى كلاً من المشاركين والأسر، لافتةً أن التفاعل مع الحملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاقى رواجاً غير متوقع من قبل أصحاب الفكرة مما منحها شعوراً بالأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل.
وتصف أمل حبيب البيت الذي يصبح في عهدتها بـ "بيتي" لأنها ترى أن ذلك العمل من مسؤوليتها وليس مجرد مبادرة منتسبة لها، داعيةً الجهات الحكومية والمؤسسات إلى المبادرة والمساعدة لخدمة أكبر عدد من العائلات، مبدية سعادتها كون الأكثر مشاركة للتبرع في الحملة هم الفئات الكادحة أو بعض طلبة الجامعات الذين اقترحوا المشاركة ولو بنصف سهم بالرغم من حاجتهم إلى المال لتغطية نفقاتهم.
وتشير أعمال الرصد والتوثيق التي أجراها مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقرير نشره مؤخراً إلى استمرار تدهور مستويات المعيشة في قطاع غزة جراء استمرار الحصار الذي يفرضه "الاحتلال الإسرائيلي" للعام (15) على التوالي، إضافةً إلى تواصل الهجمات الحربية، التي شهد أعنفها شهر أيار/مايو 2021.
حيث دمرت عشرات آلاف المساكن والمنشآت الاقتصادية والأعيان المدني الأخرى الخاصة والعامة وألحقت ضرراً جسيما بالخدمات العامة والبنية التحتية، كما أودت بحياة عشرات المدنيين من بينهم (93) هم أرباب أسر ويعيلون (500) فرد من بينهم (193) طفل.
وأشار التقرير إلى ارتفاع معدلات البطالة في صفوف القوى العاملة والتي سجلت (45%)، وارتفاع معدلات الفقر حيث توقعت المؤسسات الدولية أن ترتفع من (53%) إلى (64%) خلال العام الحالي.
ونوه التقرير إلى ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى ما نسبته (62.2%)، جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية وبات حوالي (80%) من السكان يعتمدون في مقومات المعيشة الأساسية على المساعدات الدولية.