شابات يروين تجارب استغلالهن خلال فترة تطوعهن بعد التخرج
تطمح الطالبات الجامعيات بعد التخرج بالعمل لتحقيق استقلالهن المادي، وحصد ثمار تعبهن بعد أربع سنوات من الدراسة أو أكثر لكن يفاجئهم الواقع بانعدام الوظائف
رفيف اسليم
غزة ـ ، فيضطررن إلى التطوع لكسب الخبرة وتطوير مهاراتهن، حينها يفاجئن بمعاملة المتطوعة كالموظفة وإرغامها على إنجاز كافة أمور المؤسسة فتقع الخريجات ضحية استغلال ذلك التطوع الذي قد يستمر لسنوات طوال حتى دون دفع مكافئة مادية أو بدل مواصلات.
تقول بسمة أبو ناصر ذات (24) عاماً لوكالتنا، أنها تخرجت من تخصص اللغة العربية في أحد الجامعات الفلسطينية، ولندرة فرص العمل اضطرت للتطوع في مؤسسة لتنمي قدراتها إلى حين أن تجد فرصة عمل مناسبة، لافتةً أن تطوعها في تلك المؤسسة دام لمدة سنتين، خلال تلك المدة الطويلة اكتسبت عدة مهارات أضافتها لسيرتها الذاتية من ضمنها، تعلمها كيف ستدار المؤسسة إلى جانب تقوية مهاراتها بتخصصها الجامعي الذي تخرجت منه.
وتكمل بسمة أبو ناصر أنه في بداية تطوعها كان هناك العديد من الموظفين في المؤسسة، لكن ما أن تعلمت هي وأثبتت جدارتها استغنت المؤسسة عن جميع العاملين واكتفت بها كموظف أساسي إلى جانب بعض المتطوعين الجدد التي تولت هيا تدريبهم وتوجيههم، مشيرة أنها في ذلك الوقت شعرت بالسعادة وأن الوقت قد حان لتطلب من صاحب المؤسسة أن تتقاضى فقط ما يكفي مصروفها الشخصي لتفاجئ بردة فعله المهاجمة والرافضة.
وتضيف أنها بعد عدة أيام استقبلت المؤسسة موظفة جديدة لكن تم تثبيتها من خلال عقد، في ذلك الوقت شعرت أنها تستغل، بين إعداد الشاي والقهوة إلى متابعة العمل والموظفين والعديد من التفاصيل الأخرى التي لم ولن ترويها لأحد، لتستغني المؤسسة عن خدماتها عندما قالت أن حقوقها تنتهك، ملفتةً أنها الآن تفضل الجلوس بالمنزل كباقي خريجات قطاع غزة، أو ممارسة العمل الحر لكي لا تسمح لأحد باستغلالها مرة أخرى.
بسمة أبو ناصر لم تكن الحالة الوحيدة التي تم استغلالها، فهناك الكثير من القصص المشابهة فخلال حديثنا مع ملاك بريكة ذات (22) عاماً أوضحت لنا أنها تعرضت لقصة مشابهة عندما تطوعت في أحد المؤسسات الحزبية في قطاع غزة، قائلة أن الوكالة هي من تواصلت معها وأخبرتها بموعد لإجراء المقابلة وعندما اجتازتها بنجاح اتفق المسؤول أن يعطيها فقط "بدل مواصلات" أي ما يقارب مصروفها الشخصي.
وتكمل ملاك بريكة أنها في ذلك الوقت أي بعد تخرجها من كلية الإعلام في أحد الجامعات الفلسطينية لم تكن تطمح بأكثر من ذلك لتطوير مهاراتها وإنشاء علاقات مختلفة تساعدها على دخول سوق العمل وبدء طريقها، مضيفة أنها عندما انتهى الشهر انتظرت عدة أيام إضافية إلى أن وصل لأسبوعين أي منتصف الشهر، فذهبت كي تطالب بما وعدت به من البداية ليقابلها المسؤول بالشتائم.
"أنتِ إنسانة مادية"، لازالت ملاك بريكة لا تعرف أين الخطأ الذي اقترفته حتى اليوم فهل مطالبتها بحقها يجعل لذلك المسؤول الحق في نعتها بتلك الصفة البشعة التي لم تكن فيها يوماً، وهل كان عليها أن تعمل لشهور في صمت دون أن تعترض حتى تصبح إنسانة جيدة، تلك التساؤلات والحديث لملاك لم تفارق ذهنها فهي تعرف حدودها جيداً ولم يسبق أن تخطتها أياً كان السبب، لكن تلك الحادثة جعلتها فيما بعد أكثر حذر في التعامل مع المؤسسات وانتقائها.
وتوضح زهر العكلوك البالغة من العمر (23) عاماً والتي تخرجت من كلية الآداب منذ عام، أنها وغيرها من الخريجين بعد دراسة 4 سنوات ما بين النظري والعملي وحتى الوصول لمرحلة التخرج، يتفاجؤون بالواقع المؤسف الذي يتلخص بجملة واحدة، "ما في أماكن شاغرة لموظفين، لكن ممكن نستقبلك تطوع"، مكملة أن غالبية الخريجات يضطررن للذهاب والعمل تحت مسمى تطوع حتى لا يجلسن في بيوتهن دون حول ولا قوة.
وتلفت زهر العكلوك أن التطوع في قطاع غزة يختلف عن التطوع في العالم أجمع، حيث تتم معاملتك كمعاملة الموظفين من حيث الدوام والأعمال التي عليك أن تنجزها والمزيد من الالتزامات، عدا أنك لن تحصل على مقابل أبداً، مشيرة أنها تطوعت في أكثر من مكان وعدة مجالات على أمل الحصول على العمل لكن دون جدوى، وفي حال طالبت بالقليل من حقوقها تفاجئ بأنه تم الاستغناء عنها بعد استغلالها بشكل سيء جداً.
وتختتم حديثها أنها من الأشخاص التي تقدس بلادها لكن بسبب الوضع الاقتصادي السيء تفكر في أن تغادر قطاع غزة لتبحث عن عمل في أي مكان بالعالم، منوهة إلى أنها لم تتوقع ولو لحظة من لحظات حياتها أن تفكر يوماً بمغادرة بلدها الذي تحبه وتفتخر به، لكنها وصلت لمرحلة شعرت بها أن جهدها يذهب سدى، خاصة في ظل عدم وجود رقابة أو قوانين رادعة لتلك الفئات المستغلة في المجتمع.
وحسب النتائج الأولية لمسح القوى العاملة التي أعلن عنها مركز الإحصاء الفلسطيني مؤخراً بلغ عدد العاطلين عن العمل (336.300)، بواقع (211.300) في قطاع غزة، و(125،000) شخص في الضفة الغربية، بمعدل تفاوت كبير في البطالة بين المنطقتين، حيث بلغ المعدل (46٪) في قطاع غزة مقارنة بـ ( 14٪) في الضفة الغربية، أما على مستوى الجنس فقد بلغ معدل البطالة للذكور في فلسطين (21٪) مقابل (40٪) للإناث.